زهير كاظم عبود
وفق نصوص الدستور العراقي فان العراق يرعى مبدأ حسن الجوار ٬ ويلتزم بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى ٬ ويسعى لحل النزاعات مع بقية الدول بالوسائل السلمية ٬ ويقيم علاقاته على أساس المصالح المشتركة والتعامل بالمثل ويحترم العراق جميع التزاماته القانونية الدولية ٬ وتتميز العلاقات العراقية السورية بمشتركات عديدة بالإضافة الى حدود طويلة ومصالح اقتصادية وسياسية مشتركة لا يمكن التفريط بها .
بعد التغيير الحاصل في النظام السوري وهروب الرئيس السابق بشار الأسد ٬ سيطرت الفصائل المعارضة المسلحة على مفاصل الدولة السورية ٬ وضمن اتفاقات بين قيادات هذه القوى المعارضة تم تعيين رئيسا مؤقتا للإدارة المؤقتة للسلطة في الجمهورية العربية السورية ٬وتسمية السيد أحمد الشرع رئيسا لسوريا.
السيد الشرع كان منضويا تحت قيادة تنظيم القاعدة الإرهابي ٬ وتحول بعد فترة الى تنظيم داعش الأكثر إرهابا وتطرفا ٬ وبنتيجة عمله مع التنظيمات الإرهابية تم القبض عليه في العراق منتحلا عدد من الأسماء ٬ واستقرت كنيته التي يتم التعامل بها ضمن التنظيم بابي محمد الجولاني ٬ وتم ايداعه في عدد من السجون العراقية ومن ثم تم اخلاء سبيله ٬ ليلتحق مرة أخرى بالتنظيم الإرهابي ٬ وبعد فترة انشق هذا التنظيم ليؤسس تنظيما إرهابيا مستقلا تحت أسم ( جبهة النصرة ) ومن بعد ( هيئة تحرير الشام ) ٬ وقد أعلنت حكومة الولايات المتحدة الامريكية من خلال ملاحقتها للقيادات الإرهابية جائزة مالية مقدارها عشرة ملايين دولار لكل من يساعد في القبض على أبو محمد الجولاني .
ويتم التداول في العراق بان السيد الشرع متهما بارتكاب جرائم إرهابية بحق مواطنين عراقيين بشكل مباشر او بالمشاركة ٬ وبنتيجة تلك الاتهامات اصدرت المحاكم المختصة مذكرات بالقبض على الجولاني ٬ وبعد ان تمكن من الوصول الى السلطة سحبت الولايات المتحدة الامريكية قرارها بتخصيص الجائزة المالية التي كانت قد أعلنتها بحقه.
وكانت وزارة الخارجية العراقية دعت الى عقد مؤتمر قمة للملوك والرؤساء العرب في بغداد ٬ والذي سيعقد في بغداد خلال شهر آيار من هذا العام ٬ انها وجهت الدعوة للرئيس السوري السيد أحمد الشرع ضمن تلك الدعوات ٬ ومهدت لتلك الدعوة زيارة السيد رئيس جهاز المخابرات العراقي للرئيس السوري الشرع .
السؤال المطروح اليوم بعد اللقاء الذي تم بين رئيس الوزراء العراقي السوداني وبين أحمد الشرع بوساطة من امير دولة قطر ٬ ودعوة السيد السوداني للرئيس السوري بزيارة العراق ٬ ما هو الموقف القانوني إزاء تلك الملابسات؟
اذا كان أي شخص ( متهم ) بارتكاب جرائم جنائية إرهابية في بلد ما ولم تتم ادانته ٬ فعند تولي الشخص المذكور لمنصب رئيس دولة ٬ فان مركزه القانوني يوفر له الحصانة الرئاسية خلال وجوده في منصبه ٬ وتتوقف الملاحقات الجنائية بحقه في الدول التي تلاحقه ٬ ولا يجوز محاكمته او اعتقاله خلال تلك الولاية ٬ ويتقرر تأجيل الملاحقات والإجراءات القانونية لحين تركه المنصب ٬ ولاشك ان العراق بلدا يحترم القوانين الدولية بما فيها مبدأ الحصانة الدبلوماسية ٬ فلا يمكن باي شكل القاء القبض عليه خلال فترة زيارته ٬ ويمكن ان نتذكر الرئيس السوداني المخلوع ( عمر البشير ) المتهم بجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية ٬ ووجود أوامر بالقبض عليه من المحكمة الجنائية الدولية ٬ وكان قد زار عدد من الدول الافريقية ولم يتم اتخاذ أي اجراء قانوني بحقه في تلك الفترة ٬ مع ان عدد من تلك الدول كان طرفا في اتفاقية روما التي تأسست بموجبها المحكمة الجنائية الدولية .
الحصانة التي تؤجل اتخاذ الإجراءات القانونية بحق الشخص المتهم الذي يشغل منصب رئيس الدولة لا تسقط بالتقادم ٬ انما يتم تأجيلها لغاية تركه المنصب الرسمي ٬ وفي جميع تلك الحالات فأن الاعتبارات السياسية يمكن لها ان تؤجل ان لم تركن جانبا الاعتبارات القانونية وخصوصا ما يتعلق منها في القانون الدولي .