حياة البابا فرنسيس وأسرار الفاتيكان ومجتمع الكرادلة في أفلام روائية ووثائقية

التآخي : وكالات 

لم تُنتج افلام ولم تُكتب روايات مثلما انتج وكتب عن البابا فرنسيس الذي رحل يوم 21 نيسان الجاري، وعن الفاتيكان خلال فترته، وخاصة تناول تفاصيل خلافة البابا ومجمع الكرادلة وتفاصيل اختيار البابا الجديد، وما يحدث من لقاءات ومؤامرات واتفاقات خلال هذه الاحداث.

 

رووداو تستعرض هنا بعض أهم هذه الافلام التي جسدت احداثاً حقيقية واخرى تمزج بين الحقيقة والخيال اعتماداً على تقارير الكرادلة انفسهم، اضافة الى الاعمال التسجيلية، الوثائقية عن حياة البابا فرنسيس وتسريبات اسرار الفاتيكان. ولعل اهم هذه الافلام هما البابوان  (The Two Popes)، المنتج سنة 2019، وفيلم الملتقى او (المجمع البابوي) Conclave، انتاج سنة 2024.

 

فيلم البابوان The Two Popes

 

يتناول فيلم (البابوان) قصة حقيقية عن تسريبات الفاتيكان، ويستعرض احداث استقالة البابا بنديكتوس السادس عشر واقناعه لخورخي ماريو كاردينال بيرغوليو، رئيس أساقفة بوينس آيرس لان يكون بديلا عنه، والاهم من هذا وذاك هو صناع الفيلم، الكاتب المسرحي أنتوني ماكارتن، والمخرج فرناندو ميريليس، وبطلي الفيلم، انتوني هوبكنز وجوناثان برايس، وموسيقى برايس ديسنر.

 

وكنا قد نشرنا هنا، على صفحات رووداو موضوعا مفصلا بتاريخ 26 كانون الاول عام 2022 عن فيلم (الباباوان) المصنف كدراما وسيرة ذاتية، انتاج اميركي والذي اعتمد مسرحية ماكارتن، الذي كتب الفيلم ايضاً. وللتذكير باحداف الفيلم، بايجاز، فان غالبية أحداث فيلم The Two Popes في مدينة الفاتيكان في أعقاب فضيحة تسريبات الفاتيكان، ويتبع، الفيلم، البابا بنديكتوس السادس عشر، الذي يلعب دوره أنتوني هوبكنز، وهو يحاول إقناع خورخي ماريو كاردينال بيرغوليو، رئيس اساقفة بوينس أيرس، الذي يلعب دوره جوناثان برايس، بان يكون بديلاً عنه في حال استقالته من كرسي البابوية، لكن الثاني يبذل جهده لمحاولة اقناع البابا بإعادة النظر في قراره بالاستقالة.

 

بعد عام واحد، يسلم البابا بنديكتوس السادس عشر استقالته للعالم ويتم انتخاب بيرغوليو خلفاً له في الاجتماع البابوي لعام 2013 وأصبح البابا فرانسيس، في حين تم تسمية بنديكتوس السادس عشر البابا الفخري الذي تعهد بعدم التدخل بقرارات خلفه.

 

في عرض الفيلم في 20 كانون الاول 2019، حظي أداء برايس وهوبكنز، بالإضافة إلى سيناريو مكارتن، بثناء كبير من النقاد، وتلقى الرجال الثلاثة ترشيحات لعملهم في حفل توزيع جوائز الأوسكار وغولدن غلوب وجوائز الأكاديمية البريطانية للأفلام. كما اعتبرت صحيفة الغارديان اللندنية الواسعة الشهرة بان فيلم The Two Popes هو من أكثر الأفلام جاذبية وقتذاك.

 

المجمع البابوي Conclave

 

يركز فيلم “الملتقى” او المجمع البابوي، الذي عرض العام الماضي 2024، وهو فيلم إثارة على صراع السلطة داخل الفاتيكان قبيل اختيار خليفة البابا فرنسيس، الفيلم تم انتاجه بالتأكيد قبل رحيل البابا فرنسيس، ويعكس الانقسامات الأيديولوجية داخل الكنيسة حول قضايا معاصرة.

 

الفيلم الملتقى الحائز على جائزة الاوسكار لافضل سيناريو مقتبس،  يتناول احداث اليوم، بعد رحيل البابا فرنسيس، حيث تتجه الأنظار إلى عملية انتخاب خليفة له.

 

فيلم Conclave أو “المجمع البابوي”، من إخراج إدوارد بيرغر، وبطولة نجوم كبار مثل: رالف فاينز، وستانلي توتشي، وإيزابيلا روسيليني، وجون ليثغو، ويُجسّد مزيجاً ساحراً من الغموض، والطقوس، والتقاليد، والأهم من ذلك كله، سياسة عملية اختيار البابا.

 

وحظي الفيلم باهتمام كبير من النقاد، وهو مُقتبس عن رواية الإثارة الصادرة عام 2016 للروائي البريطاني روبرت هاريس، والتي يلخصها كاتبها بأنها قصة عن “قوة الله وطموح البشر”، وتتخيل كيف سيكون المجمع البابوي القادم.

 

وتتمحور أحداث الفيلم حول التوتر القائم بين كبار الشخصيات في الكنيسة الكاثوليكية الرومانية، بين متطلبات إيمانهم ورغبتهم في الوصول إلى مناصب عليا. ويصور النقاشات الخافتة في أروقة الفاتيكان، والمناورات السياسية الخفية التي تجري خلف الكواليس في عملية يُرجح فيها استبعاد أي شخص يُنظر إليه على أنه يروج للمنصب.

 

ويحاول الفيلم تسليط الضوء على الصراع حول جوهر الكنيسة، والذي يدور خلال الانتخابات البابوية، بما في ذلك التوترات بين التقدميين والتقليديين، ودور المرأة أو غيابه. ولتجنب الضغوط الخارجية ولضمان حرية الكرادلة في اختيار من يرونه الأنسب للمنصب، تُعقد اجتماعات الكرادلة في سرية تامة، حيث يُعزل المشاركون عن العالم، ويُمنعون من التحدث إلى أي شخص خارج نطاق هذه العملية التي قد تستغرق عدة أيام، بما في ذلك قراءة التقارير الإعلامية أو تلقي الرسائل.

 

ويُسمح فقط للكرادلة الذين تقل أعمارهم عن 80 عاماً بالتصويت.

ويُدلون بأصواتهم في كنيسة “سيستين”، أمام المنظر المهيب للوحة “يوم القيامة” لمايكل أنجلو، ويكتبون اختياراتهم على أوراق اقتراع تُحرق بعد فرزها.

 

وتستمر جولات التصويت حتى يحصل أحد المرشحين على أغلبية الثلثين. يُبلّغ الحشد المنتظر في الخارج بانتخاب بابا عندما تتصاعد دخان أبيض من المدخنة فوق كنيسة “سيستين”.

 

ويسعى فيلم Conclave جاهداً لأن يكون واقعياً قدر الإمكان. وساعد هاريس في روايته الكاردينال الإنكليزي الراحل كورماك مورفي أوكونور، والذي شارك في اجتماعات عامي 2005 و2013، بينما حظي كاتب السيناريو، بيتر ستراوغان، وصانعو الفيلم بجولة خاصة في كنيسة “سيستين”.

 

ويُظهر الفيلم تفاصيل كثيرة بدقة؛ نرى الكرادلة وهم يدفعون حقائبهم الليلية عند بدء العملية، ومشاهد لهم وهم يدخنون قبل ذلك. وإقامتهم  في غرف دار الضيافة المخصصة لهم خلال الاجتماعات، مع وجبات طعام جماعية، وحافلات تنقلهم ذهاباً وإياباً بين جلسات التصويت.

 

كما يُظهر لنا إغلاق غرفة البابا الراحل وتدمير خاتمه، واليمين التي أقسمها الكرادلة قبل التصويت، واستخدام المواد الكيميائية لضمان خروج اللون الصحيح للدخان من المدخنة للإشارة إلى النتيجة (الأسود لعدم وجود قرار والأبيض للدلالة على اختيار البابا)، وتفتيش كنيسة “سيستين” بحثاً عن أجهزة تنصت.

 

وكشف ستيفن ب. ميليز، مدير مركز “برناردين” في الاتحاد اللاهوتي الكاثوليكي، وهي كلية لاهوتية في شيكاغو، أن: “تصوير الفيلم للعملية مُثبت بتقارير من الكرادلة تفيد بأن المجامع تُمثل تمريناً في بناء تحالفات دقيقة أثناء تقييمهم لمستقبل الكنيسة”.

 

فيلم “لدينا بابا”

 

يعالج الفيلم الكوميدي الإيطالي “لدينا بابا”، للمخرج ناني موريتي، الذي اشتهر بفيلمه “غرفة الابن” الحائز قبل بضع سنوات على الجائزة الذهبية من مهرجان كان، موضوعاً حساساً يتطلب معالجته قدراً كافياً من حرية التعبير الفني. تنطلق حكاية من انتخاب بابا جديد للكنيسة الكاثوليكية من قبل مجمع الكرادلة في الفاتيكان.

 

ويصور الفيلم نماذج من الحياة اليومية الداخلية لرجال الدين المقيمين في الفاتيكان خارج أوقات الطقوس والمراسم الدينية. على الرغم من الطابع الكوميدي للفيلم فإن المخرج ينجح في تفادي الإسفاف والمشاهد الرخيصة والمسيئة بما قد يؤدي إلى موجة من الاحتجاجات على الفيلم، كما يحصل عادة للأفلام التي تعالج مواضيع تتعلق برجال الدين ورموزه. يركز الفيلم على الجانب الإنساني المحض من شخصياته دون الجوانب الدينية، مع أن غالبية أحداث الفيلم مصورة داخل مجمع الفاتيكان.

 

يبدأ الفيلم بمشهد مهيب يستعرض مسيرة الكرادلة وهم يشيعون البابا الذي رحل عن العالم. الكرادلة جميعهم طاعنون في السن ينتمون إلى مختلف الجنسيات أفارقة، آسيويون  اوروبيون، لاتينيون. في المشهد اللاحق نتابعهم وهم في إحدى القاعات داخل الفاتيكان حيث سيتوجب عليهم الاعتكاف داخلها والانقطاع عن العالم ما يلزم من زمن إلى أن يتمكنوا من انتخاب بابا روما الجديد، وهو أمر يتم إعلانه في العادة للملأ عن طريق تصاعد الدخان الأبيض من مدخنة المبنى.

 

تبدأ الكوميديا في الفيلم من مشهد اجتماع الكرادلة الذين تستعرضهم الكاميرا واحدا تلو الآخر وهم يمسكون أوراق الاقتراع ويترددون في اختيار المرشح المناسب وكل منهم يدعو الله في سره أن لا يتم اختياره وانتخابه بحجة انه لا يستحق هذا المنصب. من الواضح أنهم يعرفون أن المسؤولية الملقاة على عاتق البابا جسيمة وأنهم يخشون تحملها.

 

بعد عدة عمليات اقتراع يصوّت جميع الكرادلة على مرشح واحد: “ميلفيل.. ميلفيل.. ميلفيل” هكذا تم انتخاب البابا بإرادة إلهية وانطلق الدخان الأبيض من مدخنة المبنى.

 

تركز الكاميرا على ميلفيل، يلعب دوره الممثل الفرنسي القدير ميشيل بيكوليه، وهو رجل عجوز أصابه الرعب بعد أن جرى التصويت على اسمه فغرق داخل ثوبه وجلس متجمداً فوق مقعده. إنه البابا الجديد الذي سيكون لزاماً عليه أن ينهض وأن يتوجه مع مرافقيه نحو الشرفة المطلة على ساحة الكنيسة حيث يحتشد الآلاف من المؤمنين، ليجري التصريح باسمه ولكي يقوم بإلقاء خطابه الأول. يقف البابا على الشرفة ينظر نحو الحشود ثم يدير ظهره ويندفع هاربا باتجاه القاعة.

 

البابا فرنسيس

 

افلام وثائقية

 

لقد تم انتاج عدد من الافلام التسجيلية التي وثقت حياة البابا فرنسيس، منها:

 

فيلم (ادعوني فرنسيس)  Call Me Francis انتاج 2015

 

هو عمل درامي إيطالي من إخراج جيان كارلو روسي، يروي حياة البابا فرنسيس قبل أن يصبح الحبر الأعظم. ويتناول قصة خورخي ماريو برغوليو، من نشأته في بوينس آيرس إلى صعوده في السلك الكنسي وصولاً إلى توليه البابوية.

ويركز الفيلم على القيم التي رسخها في حياته الشخصية، مثل التواضع، الإيمان القوي، والاهتمام بالفقراء، ويعكس أيضاً الصراعات الداخلية التي واجهها برغوليو في طريقه نحو البابوية، حيث يُظهر كيف أثر عليه تعاليمه الروحية في اتخاذ القرارات الهامة، التي أثرت على حياته وحياة الكنيسة.

 

فيلم (البابا فرنسيس: رجل كلمته) Pope Francis: A Man of His Word انتاج 2018 

 

يقدم هذا الفيلم الوثائقي، من اخراج فيم فيندرز لمحة حميمية عن شخصية البابا، ويعكس تعاليمه ورؤيته للعالم، بالإضافة إلى التحديات التي واجهها طوال مسيرته.

 

فيلم (البابا فرانسيس من العالم الحديث)  Francis: The Pope From the New World

 

هو وثائقي آخر يعرض حياة البابا فرنسيس من زاوية مختلفة، حيث يركز على نشأته في الأرجنتين وتشكيل شخصيته الكنسية والاجتماعية، ويقدم صوراً حية عن الفترة التي سبقت توليه البابوية.

 

يتناول الفيلم تأثيره العميق على المجتمع الأرجنتيني، وعلاقته بالطبقات المهمشة، بالإضافة إلى مقابلات مع شخصيات عاصرت حياته، قبل أن يصبح بابا الفاتيكان.

 

فرانشيسكو

 

في فيلم “فرانشيسكو” الذي عرض في 2021، قدم المخرج يفغيني أفينيفسكي نظرة على ردود فعل البابا تجاه القضايا الاجتماعية المعاصرة، خاصة اهتمامه بالنازحين والمضطهدين، حيث يظهر البابا وهو يلتقي بمسلمي الروهينجا ويزور مخيمات اللاجئين، ويواجه موضوعات حساسة مثل إساءة رجال الدين، مما يعكس انخراطه العميق في قضايا العدالة الاجتماعية.

 

رسالة إلى أرضنا

 

كما ركز فيلم الرسالة: “رسالة إلى أرضنا” الذي عرض عام 2022، على اهتمام البابا بالقضايا البيئية، مستندا إلى رسالته البابوية “Laudato Si” التي تدعو إلى حماية البيئة ومواجهة تغير المناخ، ويظهر الفيلم نشطاء من مناطق مختلفة حول العالم يستعدون للقاء البابا، مما يعكس رؤيته التي تتجاوز الحدود الدينية إلى قضايا إنسانية عالمية.

 

رحلات البابا فرنسيس

 

في عام 2023، صدر فيلم “في رحلة: رحلات البابا فرنسيس” الذي يتتبع رحلات البابا عبر العالم، مسلطا الضوء على زياراته إلى 53 دولة والتزامه برعاية المهاجرين والفقراء، مع إبراز الخلافات التي أثارها، ليقدم صورة لرجل دين متحرك وملتزم بقضايته.

قد يعجبك ايضا