التسامح مشروع دولة في كردستان العراق

مهند محمود شوقي

يوم تكريم وذكرى إحياء التعايش السلمي بين جميع الأديان في إقليم كردستان
في منطقة تتقاذفها موجات الطائفية والانقسام وسط أخبار لا تتوقف عن القتل والحروب، اختار إقليم كردستان العراق طريقا مختلفا يقوم على التعايش والسلام وهو ما يترجمه تنظيم يوم وطني للصلاة.
هذا الحدث لا يعد مجرد مناسبة دينية، بل هو حدث رمزي عميق الدلالة، يعكس التزام الإقليم بنهج التسامح والانفتاح في زمن أصبح فيه الخطاب الديني أداة للتفرقة أكثر من كونه جسرا للتواصل.

وبينما تتعمق الانقسامات في دول الجوار وتزداد الشكوك تجاه الآخر المختلف دينيا ومذهبيا، يرسل إقليم كردستان العراق رسالة واضحة مفادها أنه بالإمكان بناء مجتمعات مستقلة ومتسامحة دون أن تتخلى عن خصوصياتها الثقافية والدينية.

وتجمّع بهذه المناسبة مسلمون ومسيحيون وإيزيديون وصابئة جنبا إلى جنب ليصلّوا من أجل العراق ومن أجل السلام والإنسانية.

هذه الصورة التي تبدو استثنائية في المشهد العام العراقي تجسد ما يجب أن يكون عليه العراق كله: بلد لا تنفي فيه الهويات بعضها بل تتكامل.

واحتضنت مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان مؤتمرا هو الأول من نوعه احتفاء واحتفالا بالتعايش السلمي في الإقليم وسط حضور بهي مثلته شخصيات العراق بمختلف مكوناته من دول العالم العربي والغربي.

هذه الدعوة تبناها رجل السلام الرئيس مسعود بارزاني الذي أشار في كلمته إلى أن إقليم كردستان أصبح مثالا وبشهادة العالم على أنه إقليم التعايش ما بين الجميع وإقليم الحقوق التي تتقاسمها المكونات بلا استثناء، وأكد على ضرورة احترام الأديان مشددا على أن الهدف الرئيسي من هذا التجمع وهو يوم الصلاة الوطني لتعريف العالم بثقافة التعايش المشترك وقبول الآخر وحرية الفكر والمعتقد والدين والمذهب، تلك الثقافة الغنية التي يمتلكها إقليم كردستان والتي باتت محل فخر واهتمام.

ولطالما تميز إقليم كردستان العراق بسياسات أكثر انفتاحا مقارنة بباقي العراق، لكن هذا الحدث يرتقي بتلك السياسات إلى مستوى جديد وهو جعل التسامح توجها عاما في قرار سياسي يحمل رسائل للداخل والخارج.

وأعرب بارزاني عن أمنياته في أن يكون يوم الصلاة الوطني أساسا في تعميق وتوسيع الأخوة والتعايش في إقليم كردستان، معتبرا أن الهدف منه هو تعريف العالم بثقافة التعايش المشترك وقبول الآخر وحرية الفكر والمعتقد والدين والمذهب، تلك الثقافة الغنية التي يمتلكها كردستان.

ويشير بارزاني إلى أن التقوى هي نقطة مشتركة لتقريب الديانات المختلفة من بعضها البعض وأن ضالحقيقة لا تنفصل وهناك طرق عديدة للوصول إلى الحقيقة، وكل الأديان المقدسة التي تقبل حقيقة وحدانية الله تسعى إلى تلك الحقيقة ويجب احترام الجميع، فجوهر الدين هو الأخلاق.
وجاءت كلمات الثناء والعرفان متشابهة وإن اختلفت اللغات بين الحاضرين الذين أكدوا بمختلف طوائفهم وجنسياتهم على أن السلام اقتداء بما حققه إقليم كردستان كقدوة يحتذى بها، صار ضرورة ملحة في أن تكون حاضرة وفي كل العالم في وقت تشتعل فيه الحروب .

ويعتبر يوم الصلاة الوطني يوم تكريم وذكرى إحياء التعايش السلمي بين جميع الأديان والمكونات في إقليم كردستان، وهذه المرة الأولى التي يتم الاحتفال فيها بهذا اليوم في الإقليم وسيتحول إلى تقليد سنوي.
وشارك في هذه المراسم أكثر من 400 شخص من العراق وإقليم كردستان وبرلمانيي العالم وممثلي الحكومات في الولايات المتحدة وأوروبا والشرق الأوسط وشخصيات دينية وثقافية واجتماعية.

قد يعجبك ايضا