رئيس الحكومة في يوم الصلاة الوطني: كوردستان ستبقى منارة للتعايش وتعدديتها الدينية والقومية قوة في مسيرة البناء والإعمار

أربيل- التاخي

أكد رئيس حكومة إقليم كوردستان مسرور بارزاني، يوم الأربعاء 23 نيسان 2025، أن كوردستان كانت وستبقى أرضاً للتعايش السلمي والتعددية الدينية والقومية، مجدداً التأكيد على الالتزام الراسخ بصون الحرية الدينية وتعزيز دعائم الأمن والاستقرار.
جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال مراسم يوم الصلاة الوطني في كوردستان، الذي حضره الرئيس بارزاني ورئيس اقليم كوردستان وقادة وشخصيات دينية وعامة من العراق وإقليم كوردستان، وممثلو الحكومات وبرلمانيون ودبلوماسيون من مختلف دول العالم، وأتباع لديانات متنوعة.
واستهل رئيس الحكومة كلمته مرحباً بالحضور، مؤكداً أن كوردستان هي الأرض التي لطالما تعانقت على ثراها عبر العصور أصداء الأذان وأجراس الكنائس وترانيم المعابد، وأوضح أنها كانت، منذ فجر الحضارة، مهداً رحباً احتضن ثقافات وأدياناً وأقواماً شتى عاشت في كنفه بانسجام واحترام، مشدداً على أنها ستبقى منارةً للتعايش السلمي بين مختلف مكوناتها وقومياتها.

وأوضح أن شعب كوردستان قد عانى في تاريخه المعاصر من تحديات جسام لم تُفرّق بين أبنائه على اختلاف قومياتهم وعقائدهم، وبالأخص على يد نظام صدام حسين القمعي الذي سعى من خلال حملاته إلى طمس الهويات، كما أشار إلى أن جرائم تنظيم داعش في السنوات الأخيرة قد استهدفت المواطنين دون تمييز، وشملت فظائع مروّعة كحرق الكنائس وتدمير المزارات الإيزيدية وسفك دماء الأبرياء.
وأشاد رئيس الحكومة بصمود شعب كوردستان وروحه الأبيّة في وجه تلك الظروف العصيبة، وبنهوض قوات البيشمركة الباسلة للدفاع عن جميع مكونات المجتمع، لا كجنود لدين أو قومية واحدة، بل حُماة لكوردستان والعراق وللإنسانية جمعاء. ونوّه بقتال البيشمركة المسلمين جنباً إلى جنب مع إخوانهم الإيزيديين والمسيحيين، وباستعدادهم للتضحية بأرواحهم في سبيل ضمان حرية المعتقد للجميع.

وجدد التأكيد على التزام حكومة إقليم كوردستان الثابت بواجبها المقدس في صون حرية الدين والمعتقد، وتعزيز التعايش، وترسيخ السلام، والمضي قُدماً في إعادة الإعمار، كما أشار إلى أن عنكاوا، التي تعد المدينة المسيحية الوحيدة الآخذة في النمو في الشرق الأوسط، حيث تضاعف عدد سكانها منذ عام 2011، تُقدم دليلاً حياً على هذا الالتزام بالتنوع والتعايش. كذلك شدد على أن الحكومة لن تألو جهداً في ترميم تطوير مقدسات الإيزيديين، وإعادة تأهيل مساجد وكنائس ومعابد سائر المكونات الدينية.
وبيّن رئيس الحكومة أن كوردستان تحتضن أيضاً أتباع ديانات أخرى كالكاكائية والزرادشتية واليهودية والبهائية، مؤكداً سعي الحكومة الحثيث لإنشاء المزيد من دور العبادة، بما يضمن لجميع الأفراد ممارسة شعائرهم وطقوسهم الدينية بحرية وأمان.

وتطرق رئيس الحكومة في كلمته إلى الدور المحوري للتعليم في بناء مستقبل واعد، منوهاً بالعمل الجاري على إصلاح المناهج الدراسية لكي تعكس بدقة فسيفساء كوردستان الغنية والمتنوعة وتغرس في نفوس الجيل الناشئ قيم احترام الآخر وتقبل تقاليده.
وأشار إلى أن تمثيل جميع المكونات الدينية والقومية مكفول ومستمر في مؤسسات الإقليم التشريعية والتنفيذية، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن هذا التنوع الثقافي الغني هو مصدر قوة وعامل إثراء، لا عقبة، في مسيرة بناء كوردستان آمنة وديمقراطية ومزدهرة.
كما استعرض رئيس الحكومة في كلمته رؤية الحكومة من أجل كوردستان واحةً ينعم في ظلالها الجميع بالحرية والأمل، ويسهمون معاً في بناء مستقبل واعد ومشترك، مجتمع تُعد فيه الاختلافات ركيزة لثرائه وصموده ورفعته، لا سبباً للفرقة والانقسام.

كما استحضر رئيس الحكومة زيارة البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان الراحل، إلى أربيل عام 2021 وما حظيت به من تقدير كبير، منوهاً بلقاءاته مع قداسته وما لمسه لديه من التزام راسخ بالسلام والتفاهم، ثم دعا الحاضرين إلى التضرع لله تعالى من أجل الأبرياء والذين يكابدون المعاناة، ومن أجل الثابتين على إيمانهم رغم الاعتداءات، ولأجل أرواح المدافعين الأبرار الذين سقطوا، ومن أجل كوردستان والعراق والشرق الأوسط والعالم، حيث لا يُضطهد إنسان بسبب معتقده أو لغته أو انتمائه.
وفي ختام كلمته، أعرب رئيس الحكومة عن أمله في أن تصبح هذه المناسبة الوطنية تقليداً سنوياً راسخاً، يعزز أواصر الأخوة وينير دروب الوحدة والإيمان للأجيال القادمة.

قد يعجبك ايضا