انجاز دهوك الخليجي وآمال إحياء نادي الكورد الفيلية

عباس عبد شاهين

استوقفتني لحظة الفرح الغامرة التي عاشها العراقيون بفوز نادي دهوك بكأس بطولة أندية الخليج العربي لكرة القدم، لاسيما بعد أن قدم صقور الجبال أداءً لافتاً استحقوا من خلاله هذا التتويج التاريخي، والذي لم يكن ليتحقق لولا وجود هيئة إدارية ناجحة وضعت خطة واضحة لرفع مستوى النادي والمنافسة بقوة في البطولات المحلية والدولية.

مشهد الجماهير التي ملأت شوارع المدينة حتى ساعات الفجر وهم يحتفلون بالنصر لم يكن فقط رياضياً، بل كان لحظة تعبير صادقة عن الفخر والاعتزاز بالهوية، إذ امتزج الفوز بدموع الفرح وحمل روح هذه المدينة الجميلة التي ساندت فريقها الكروي بكل ما تستطيع.

هذا الإنجاز الكبير لنادي دهوك يدفعنا إلى التفكير بقوة في واقع الرياضة لدى الكورد الفيليين، الذين يمتلكون تاريخاً عريقاً وحضوراً مميزاً في مختلف المجالات، لذلك تبرز الحاجة إلى دعم الطاقات الشبابية وتوفير بيئة رياضية حاضنة تليق بإرثهم وتضحياتهم، وهنا تأتي مسؤولية الدولة والمؤسسات الرياضية في تبني مبادرات حقيقية تعزز من مشاركة الشباب الفيليين في المشهد الرياضي وتفتح أمامهم آفاقاً أوسع للإبداع والتميز.

إن الكُورد الفيليين الذين ساهموا في بناء الوطن في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لهم أيضاً تاريخ رياضي مشرف يستحق أن يُعاد له الاعتبار، ففي العهد الملكي وتحديداً عام 1956 تشكل أول فريق شعبي للكورد الفيليين في بغداد، وفي عام 1957 تأسس أول نادي رسمي لهم بتمويل ذاتي من التجار ووجهاء المنطقة، من دون أي دعم حكومي، ورغم ذلك حقق النادي شهرة واسعة، وقد امتدت نشاطات النادي لتشمل كرة القدم والسلة والطائرة والمنضدة وألعاب القوى، وبرزت أسماء لامعة من الكورد الفيليين مثلوا المنتخبات الوطنية، لكن هذا الزخم الرياضي توقف قسراً عام 1963 حين قام أزلام النظام البعثي البائد بغلق النادي ضمن سياسة الإقصاء والتهميش التي طالت المجتمع الكوردي الفيلي.

ورغم أن النادي أعيد فتحه بعد عام 2003 إلا أنه لم يستعد عافيته السابقة، بسبب ضعف الامكانيات والدعم المادي والمالي والمعنوي، واليوم ومع ما نراه من صحوة رياضية في البلد أصبح من الضروري أن نقف بجدية أمام ضرورة إحياء نادي الكورد الفيليين، ليس فقط كفريق رياضي، بل كمشروع ثقافي واجتماعي يُعيد الثقة لجيل شاب بحاجة إلى من يفتح له الأبواب.

لدينا اليوم شخصيات فاعلة في الدولة ورجال أعمال قادرون على تقديم الدعم وبنية اقتصادية يمكن أن تسهم في تطوير وبناء نادي يليق بتاريخ الكورد الفيليين، كما أن إعادة تفعيل هذا النادي ستعزز من الانتماء، وستشكل رافداً لبناء جيل جديد يحافظ على تاريخه ويصنع مستقبله. الكرة اليوم في ملعبنا جميعاً، فهل نشهد قريباً ولادة جديدة لنادي الكورد الفيليين تعيد له مجده ومكانته في الساحة الرياضية العراقية؟.

قد يعجبك ايضا