رسالتا الرئيس البارزاني .. ذكرى أليمة ويوم بهيج

 

 

عمر كوجري

كأن القدر شاء أن تخطّ أنامل الرئيس مسعود بارزاني رسالتين في اليوم نفسه، كأن فرحة الكورد قادمة، وسيرسم معالمها وخطوطها السيد الرئيس.

ففي صبيحة الرابع عشر من آذار، قرأنا رسالة سيادته عن جريمة الأنفال التي ارتكبتها أشرس قوة غاشمة، ونفذها وحوش في هيئة بشر، فقد قرر العقل البعثي البائد عام 1988 أن يرتكب مجزرة لا أشنع ولا أفظع بحقّ الكورد المدنيين العُزّل الأبرياء من أطفال ونساء وعجائز ومن مختلف مدن وقصبات كوردستان، وقد تفتق الإرهاب البعثي وقتذاك في دفن الضحايا بحفرٍ عميقةٍ وهم أحياءٌ، حيث تولت أسرة المقبور صدام حسين الإشراف على هذه المجزرة المروّعة التي راح ضحيتها عشرات الآلاف من الكورد، والصور القليلة آنذاك التي سُرّبت لم تكن كافية لإدانة دولية كبرى ضد النظام البعثي البائد، وبالتالي التعجُّل بسقوطه الذي لم يتم بشكل فعلي وواقعي إلا في التاسع من نيسان عام 2003 حينما تجولت الدبابات الأمريكية في شوارع بغداد، وأسقطت تمثال الطاغية في ساحة الفردوس.

 

في رسالة السيد الرئيس بالذكرى السابعة والثلاثين، وكما كل عام، استذكر هذه الحملة موقناً أن نهاية القتلة والمجرمين كانت مزبلة التاريخ، وبقي الشعب الكوردي، ولم ينتهِ كما أراد المجرمون البعثيون، وكما في كل مرة يركّز جنابه على وجوب أن تنبري الحكومة العراقية للقيام بواجبها الإنساني تجاه أسر الضحايا، وتعوّضهم عن جريمة الأنفال والإبادة الجماعية..ولكن حتى الآن لا تخرج الأصوات الحاكمة في بغداد سوى عن صورة التضامن العاطفي، واستنكار وضاعة جريمة البعث.

 

في اليوم عينه، يوم الحزن الكوردي في كل مكان على ضحايا الأنفال، يكتب الرئيس رسالة التهنئة لحلبجه التي ودّعت ريفيتها، وصارت محافظة رابعة لكوردستان، بعد جهود كبيرة من حكومة إقليم كوردستان، ومن شخص الرئيس بارزاني بالتحديد، فمنذ سنوات وهي تطالب من أجل إزجاء التحايا والسلام على أرواح شهداء حلبجه التي سميت بالمدينة الشهيدة، والتي أطفأ النظام الإرهابي البعثي أرواح أكثر من خمسة آلاف مواطن كوردي خلال ساعات قليلة، ليس لهم أي ذنب سوى أنهم كورد..  كورد إلى ما بقي الزمان، إلى أبد الآبدين.

 

ولم تكن مسيرة النبأ السار بجعل حلبجه محافظة قد مرت بيسر وسلاسة، فالعقل الإقصائي مازال موجوداً وبقوة لا يُستهان بها، فقد انسحب رئيس برلمان العراق الاتحادي، والنائب الأول من جلسة التصويت، لكن الكورد كانوا أقوياء وموحّدين بجميع قوائمهم السياسية، وبادر القادة الكورد من مختلف انتماءاتهم الحزبية للتعبير عن سعادتهم بنجاح البرلمان الذي أصر نائب رئيس البرلمان الدكتور شاخوان عبدالله على وجوب الاستمرار في عقد الجلسة التي تكللت في النهاية بنجاح التصويت لمصلحة حلبجة كمحافظة رابعة على مستوى كوردستان بعد (أربيل- دهوك- السليمانية).

 

الجميل أن أول محافظ لحلبجه الشهيدة بالوكالة ستكون السيدة نوخشة صالح التي أكدت “أن المرحلة المقبلة ستشهد خطوات لضمان نيل كافة الحقوق والاستحقاقات الخاصة بمحافظة حلبجه، ولاسيما تعويض ورفع رواتب ذوي الشهداء وتطوير واقع المحافظة”.

كان يوم الرابع عشر من نيسان مشهوداً في وقائعه، حين خط الرئيس رسالتين إحداها استذكار الوجع الكردي.. والثانية الفرح بتحويل مدينة قدمت كل غال ونفيس للكورد حتى يكون لهم هذا اليوم السعيد..

حلبجه، ستظل جميلة .. ساحرة كما كانت، وستنتصر على مَن أرادوا وأدها وهي حية، وهاهي اليوم ستكون أكثر حضوراً في التاريخ الكوردي.

قد يعجبك ايضا