البارزاني المرجع والملجأ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سعد الهموندي

البارزاني المرجع والملجأ هو عنوان كتاب بقلم الدكتور سعد الهموندي مستشار الرئيس مسعود بارزاني و رئيس مؤسسة رؤى للتوثيق والدراسات الأستراتيجية والمستقبلية، الذي يتضمن محطات مهمة من شخصية الرئيس مسعود بارزاني ومواقفه وبعض الأحداث، التي جعلت منه مرجعًا سياسيًا يستشار ويأخذ بتوجيهاته ونصائحه عند حدوث الأزمات والأنسدادات السياسية ، وملجأ لجميع العراقيين اثناء المحن والظروف الصعبة، لذلك نسعى من خلال نشر اجزاء الكتاب ان نلقي الضوء على خصوصياته الأخلاقية ومواقفه ازاء خصومه و صبره وحنكته وذكائه في التعامل مع المواقف الصعبة التي واجهته سواء اثناء ايام الكفاح المسلح او عند النزول من الجبل لينشأ اقليمًا عامرًا زاهرًا ليصبح رقمًا صعبًا في المعادلات السياسية والتوازنات في العراق والمنطقة.

 

الحلقة السادسة عشر

ولكن يحق للدولة أن تتحلل من كل ضمانات الطرد أو الإبعاد المنصوص عليها في المادة 32 إذا وجدت لديها أسباب مُلّحة أو اضطرارية تتعلق بأمنها القومي.

ويحدث ذلك، مثلًا، عندما تقضي اعتبارات الأمن القومي اتخاذ قرار الإبعاد لأحد اللاجئين في أقصر وقت ممكن، بحيث لا يسمح له بالبحث عن الأدلة المطلوبة لبراءته، أو الانتقال من مكان إلى آخر من أجل جمعها، أو عندما يكون النظر في الطعن في قرار الإبعاد  ضارًا بالأمن الوطني، كما هو الحال عندما يتعلق الأمر بإحدى قضايل التجسس.

 

واجبات اللاجئ السياسي وفق قانون حكومة اقليم كُردستان:

يعالج الفقه الدولي موضوع التزامات اللاجئ من خلال المسؤولية الدولية لدولة الملجأ، فيرصد الأنشطة والأعمال التي يقوم بها اللاجئ داخل الإقليم، على أن لا يكون مصدرًا لضرر الدول الأخرى، وبالأخص  دول الأصل.

إن القاعدة العامة في قانون اللجوء أن لدولة، بما لها من سيادة على إقليمها، الحق في أن تمنح اللجوء لأي شخص يطلبه، ويكون متمتعًا بالشروط التي تؤهله للحصول على هذه الصفة.

وتصرف الدولة هذا لا يثير أي مسؤولية دولية، بل هو حق من حقوق ولكن هل تسأل دولة الملجأ عن الأعمال التي يقوم بها اللاجئ داخل إقليمها؟

 

ينقسم الفقه الدولي بالنسبة لموضوع مسؤولية الدولة عن أعمال اللاجئ إلى فريقيين رئيسيين، فريق يرى أن على دولة الملجأ أن تتخذ الحيطة والحذر بالنسبة للأشخاص اللاجئين داخل إقليمها، وأن تعمل على منع هؤلاء من القيام بأعمال تضر بمصالح وسلامة الدول الأخرى ولاسيما دول الأصل.

أما الفريق الآخر فيتعبر أن دولة الملجأ لا تُسال عن أعمال اللاجئ إلا في ذات الحدود المقررة لمسؤوليتها عن أعمال جميع الموجودين داخل إقليمها، وهو ما تعتمده أربيل في التعامل مع اللاجئين على اراضها.

 

ومن جهتنا نعتبر أن الدولة لا تُسأل عن أعمال اللاجئ إلا في ذات الحدود المقررة لمسؤوليتها عن أعمال جميع الموجودين داخل إقليمها.

لكن، بالمقابل عليها أن تتخذ الحيطة والحذر في بعض الأعمال والأنشطة التي يقوم بها اللاجئ والتي تضر بمصالح الدول الأخرى، ولاسيما دولة الأصل.

 

البارزاني هو الإنسان المتواضع الذي رفض العنف والإرهاب ليس فقط على شعبه بل أيضًا على جميع الشعوب،  لذا فنراه يناصر كل القوميات وكل الشعوب التي تحارب الإرهاب، وجعل من بلاده الملجأ والموطن للشعوب الهاربة، وخير مثال على ذلك قيادته العسكرية الحكيمة في حرب التنظيمات الإرهابية خارج حدود بلاده، ومساعدة قوات الجيش العراقي وقوات التحالف الدولي في جعل كُردستان منصة للوقوف بوجه التطرف أيًا كان شكله.

 

وبالرغم من صحة القول بأن دولة الملجأ غير مُلزمة بتكميم أفواه  اللاجـين، وحرمانهم من حقهم في التعبير عن آرائهم، ومنعهم من مباشرة العمل السياسي، بما في ذلك تكوين التنظيمات السياسية، فإن توجيه تلك التنظيمات جلّ نشاطها ضد بلد الأصل أو تجاوز الوسائل المستخدمة حدودها المعتادة، وبالتالي اخذها بعدًا خارجيًا ضارًا بدول أخرى يترتب عليه مسؤولية دولية لدولة الملجأ،ويضع على عاتقها بعض القيود، دون المساس بوجود التنظيم أو الجماعة، كمنع استخدام الخطابات الدعائية أو الإذاعية أو التجمعات والتدريبات العسكرية داخل إقليم دولة الملجأ، ولكي لا يكون كقاعدة للوثوب ضد إقليم دولة مجاورة، بينما تتمتع هذه الجماعات بحق القيام بأي نشاط سلمي داخلي يخلو موضوعه من استهداف أو اعتداء على دول أخرى.

 

ولكن في بعض الأحيان يكون استخدام وسائل معينة هو جوهر التنظيم وغرضه، ففي هده الحالة يقع على عاتق دولة الملجأ إنهاء وجود ذلك التنظيم والاعلان عن عدم مشروعيته، مثل التنظيمات التي تقدم وسائل دعم للجماعات المعارضة في بلد الأصل، كالدعم المالي أو المادي أو البشري.

في حين تخرج عمليات تقديم المعونات الإنسانية للعناصر المناوئة داخل بلد الاصل من دائرة أسباب إثارة المسؤولية الدولية لبلد الملجأ، حتى ولو ساهم هذا البلد بنفسه في ايصال هذه المعونات، وهذه لا يمكن اعتباره تدخلًا غير مشروع.

ويدخل كذلك ضمن إطار قضية السيطرة على الأنشطة السياسية للاجئين قيام مسؤولية دولة الملجأ عن أعمال العنف التي قد يرتكبها اللاجئون على إقليمها ضد الأجانب، أو ضد ممتلكاتهم، أو ضد مقرات البعثات الدبلوماسية لدولة الأصل، دول أخرى.

 

ففي هذه الحالات ليس بكافٍ أن تتحمل دولة الملجأ المسؤولية عن تلك الأفعال، كتعويضها عن الضرر أو معاقبة القائمين على الهجوم بعد وقوعه، بل يشترط عليها اتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة لمنع وقوعه أصلاً.

كواجبها مثلًا باتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة لمنع تجمعات اللاجئين من أن تصبح قواعد لأنشطة عسكرية أو شبه عسكرية ضد دولة الأصل.

 

حينما عرضت الكثير من المنظمات الإنسانية والدولية، وبعض المستشارين على الرئيس مسعود البارزاني أن يغلق حدود بلاده، خوفًا من دخول بعض الخلايا والعناصر الإرهابية المتطرفة إلى العاصمة أربيل، ويحولونها إلى ساحة استعراض لسياراتهم المفخخة كما فعلوا في بغداد، فكان جوابه ، أنا لا أغلق أبواب بلادي بوجه لاجئ أو مستضعف يطلب الحماية، وهنا وعند هذا الجواب البسيط بمفرادته والعظيم بفعله نستشف سر القيادة الناجحة لهذا  القائد المقدام.

 

 

ومن ناحية أخرى، لا تُثار مسؤولية الدولة عن الضرر الذي أحدثه اللاجئ السياسي، مادمت تلك الدولة قد بذلت الجهود الواجبة لمحاولة منعه، فالتزامها يقضي ببذل الجهد من أجل منع النشاطات المعادية من جانب اللاجئين وليس من قبيل الالتزام بنتيجته.

تجدر الاشارة إلى أن الوثائق الدولية ذات الصبغة العالمية والمتعلقة بالملجأ وحماية اللاجئين،  لم تتضمن أية نصوص تلزم دولة الملجأ بتقييد نشاط اللاجئين السياسيين أو مراقبتهم.

أما الوثائق الدولية ذات الطابع الإقليمي، فقد حرصت على إدراج عدد من الواجبات المفروضة على دولة الملجأ،من أجل تقييد نشاط اللاجئين ومراقبتهم.

 

فالمادة 16 من معاهدة مونتفيديو لعام 1889 بشأن قانون العقوبات الدولي نصت على أن تلتزم دولة الملجأ بمنع اللاجئين من ارتكاب أعمال من شأنها تهديد السلم العام في الدولة التي هربوا منها.

والمادة 12 فقرة 1 من معاهدة مونتفيديو لعام 1939 الخاصة بالملجأ السياسي والمأوى، حظرت على الدول المانحة للملجأ من أن تسمح للاجئين بتشكيل عصابات، أو جماعات يكون الغرض منها إثارة الاضطرابات، أو التحريض عليها في أي دولة متعاقدة.

 

وتقضي المادة 13 من المعاهدة المذكورة بأن للدولة المعنية أن تطلب من دولة الملجأ مراقبة مهاجرين سياسيين أو تحديد إقامتهم على مسافة معقولة من حدودها وللدولة مانحة الملجأ تقدير مدى ملائمة إجابة مثل هذا الطلب، كما لها تحديد تلك المسافة.

كما أن المادة 7 من اتفاقية كاراكاس لعام 1954 الخاصة بالملجأ الاقليمي منعت دولة الملجأ من السماح للاجئ بالقيام بأعمال الدعاية المنظمة ضد دولة أخرى أو حكومتها متى كانت هذه الأعمال تحرض على استعمال القوة أو العنف ضد تلك الحكومة.

وعملًا بالمادة 8 من المعاهدة المذكورة يحق للدولة أن تطلب من دولة الملجأ تقييد حرية اللاجئين في الاجتماع أو تكوين الجمعيات متى كان الغرض من هذا الاجتماع أو تلك الجمعيات الترخيص على استعمال القوة أو العنف ضد حكومتها.

 

وطبقًا للمادة 9 فإنه يجب على دولة الملجأ بناء على طلب الدولة صاحبة المصلحة مراقبة اللاجئين المعروفين كزعماء لحركة هدامة أو الذين يقوم قبلهم دليل على استعداداهم للانظمات إليها أو تحديد إقامتهم على مسافة من حدودها.

وقد تحدد القوانين الداخلية الخاصة باللجوء السياسي بعض الواجبات المفروضة على اللاجئ السياسي، كالمادة 30 من قانون تنظيم الدخول إلى لبنان لعام 1962 التي ألزمت اللاجئ السياسي بعدم القيام بأي نشاط سياسي طيلة إقامته في لبنان.

 

وبالمقابل لا تُسأل دولة الملجأ عن الأعمال التي يقوم بها اللاجئ استعمالًا لحقوق الإنسان المعترف بها، كالتجمعات السليمة والتنقل وكذلك التنظيمات التي تخص شؤون اللاجئين المعيشية والثقافية.

 

فبعد أحداث 11 أيلول2001، كثر الحديث عن علاقة اللجوء السياسي بالإرهاب، فمعظم منفذي هذا العمل الإرهابي هم من طالبي اللجوء السياسي.

ونشهد اليوم موجة عارمة من الأعمال الإرهابية في مختلف أرجاء المعمورة، بالتزامن مع ازدياد أعداد طالبي اللجوء الهاربين من مختلف البلدان التي تشهد نزاعات وحروب دامية.

وعليه يجب عدم الخلط يجب عدم الخلط بين اللاجئ السياسي الذي يؤمن بعقيدة معينة يريد من خلالها تحقيق المثل العليا للمجتمع، والتي هي بنظر حكومته مخالف للقانون، وبين الشخص الفارّ من وطنه ليس خوفاً من التعرض للاضطهاد، بل من أجل القيام بأعمال إرهابية.

ومن ناحية أخرى يجي، التمييز بين اللاجئ السياسي واللاجئ لأسباب غير سياسية.

 

فعلى الرغم من أن اللاجئ بشكل عام هو شخص مهددة حياته لسبب معين، إلا أن اللاجئ السياسي يبقى محطّ أنظار حكومته التي تطالب دائمًا باسترداده من أجل محاكمته عن الأفعال التي ارتكبها، فضلًا عن أن منح اللجوء السياسي لشخص معين قد يهدد العلاقات بين الدولة التي تطالب باسترداده ودولة الملجأ.

 

شخصية مسعود البارزاني بين الإنسانية والقوة:

يحتل نضال مسعود البارزاني وكفاحه في حد ذاته مساحة جدًا واسعة مهما اختلفت المجالات التي يُنظر من خلالها إلى هذه الشخصية العظيمة في التاريخ الإنساني.

فهو الإنسان المتواضع رفض العنف والإرهاب ليس فقط على شعبه بل أيضًا على جميع الشعوب،  لذا فنراه يناصر كل القوميات وكل الشعوب التي تحارب الإرهاب، وجعل من بلاده الملجأ والموطن للشعوب الهاربة، وخير مثال على ذلك قيادته العسكرية الحكيمة في حرب التنظيمات الإرهابية خارج حدود بلاده، ومساعدة قوات الجيش العراقي وقوات التحالف الدولي في جعل كُردستان منصة للوقوف بوجه التطرف أيًا كان شكله.

\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\

 

ومن جانب آخر نرى في شخصية هذا الإنسان الإصرار على المصاعب، فقد أمضى آلام وأوجاع أمته حياة بسيطة بعيدة عن الرغد ورفاهية العيش، فكان يضع دومًا المصالح العليا للأمة الكُردية فوق كل المصالح الأخرى، أضف إلى ذلك بذل المحاولات الدائمة من قبل مسؤولي الأنظمة المتتابعة في الكثير من دولة الجوار بمنحه امتيازات شخصية على اختلاف أشكالها بمجرد أن يتخلى عن المطالبة بمشروع شعبه في الاستقلال، إلا أن هذه المحاولات ذهبت سدى وتعرضت إلى الخسران والهزيمة أمام إراداته التي لم تتوقف يومًا.

مسعود البارزاني اليوم ينفذ الواجبات الوطنية والقومية الملقاة على عاتقه، لأنه يرى أنه وبقدر ضمان هذه الحقوق، فإن الأفراد أيًا كانت انتماءاتهم لشرائح وطبقات الشعب، سوف ينفذون واجباتهم وسيجتمعون أكثر وأكثر حول قيادة الثورة.

 

فنظرية البارزاني الإنسانية تقوم على تأمين حقوق شعبه، وهذه الحقوق مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالارض، وإذا ما أردنا ان نُمعن اكثر سنرى أن هذا السلوك الصائب جعل شعب كُردستان برمته واختلاف طبقاته وشرائحه وقومياته وأديانه المختلفة أن يجتمع تحت مظلة هذه القيادة العظيمة دون أن يشعر بأي تمييز.

 

من هذا المنطلق استطاع البارزاني جمع أبناء الشعب وجمع جميع الأحزاب مختلفة الأهداف والنظريات وحتى مختلفة الأفكار والتوجهات والتطلعات ضمن بوتقة واحدة.

ولنأخذ على ذلك مثالًا؛ ففي اليوم الذي هجمت التنظيمات الإرهابية  المسلحة والمدعومة من دول خارجية كبرى، وحينها استطاعت احتلال ثُلثي أرض العراق، استطاع مسعود البارزاني أن يوحد الرؤية والهدف لجميع الأحزاب ولجميع الفرق العسكرية، بل ولجميع الأديان، فهذه التنظيمات لم تفرق بهجماتها الوحشية بين مدرسة ومركز تعليمي وبين مسجد أو كنيسة أو معبد للأيزيديين، أو بين مواطن كُردي وأخر عربي، فالجميع تعرض للهجمة الشرسة، وحينها عرضت الكثير من المنظمات الإنسانية والدولية، وبعض المستشارين على الرئيس مسعود البارزاني أن يغلق حدود بلاده، خوفًا من دخول بعض الخلايا والعناصر الإرهابية المتطرفة إلى العاصمة أربيل، ويحولونها إلى ساحة استعراض لسياراتهم المفخخة كما فعلوا في بغداد، أو يغزو القرى الصغيرة ويخرجوا أهلها كما فعلوا في الكثير من المحافظات العراقية.

 

فكان جوابه المقدام، أنا لا أغلق أبواب بلادي بوجه لاجئ أو مستضعف يطلب الحماية، وهنا وعند هذا الجواب البسيط بمفرادته والعظيم بفعله نستشف سر القيادة الناجحة لهذا  القائد المقدام.

البارزاني وعلى الدوام يعمل على هذا النهج، ويؤكد دومًا على ثمة شيئان يجب أن نميزهما عن بعضهما البعض، وهما الإنسانية السياسية، والقوة العسكرية.

فما بين السياسة والعسكرية قد لا تجد تلك الفوارق الكبيرة، فالسياسة ترسم معالم الطريق، والحروب تثبت ما رسمته هذه السياسة، أما لدى مسعود البارزاني فالأمر مختلف، إذ أنه يجد الفرق كبير بين الاثنين، فالسياسة يجب أن تنبع من الإنسانية، تؤطرها، وتبنيها، أما القوة العسكرية فعليها أن تحمي هذه الإنسانية.

فالبارزاني إنساني السياسة يحمل إنسانيته لتدافع على الآخر، وتكون الملجأ الآمن له، فهو وانطلاقًا من إيمانه بالله الذي خلق الناس جميعًا وخلق الكون والخلائق، وساوى بينهم برحمته، يعمل على تثبيت معالم الإخوة الإنسانية وتقديم العون لكل إنسان، ولا سيما الضعفاء منهم والأشخاص الأكثر حاجة وعوزًا.

فاليوم وانطلاقًا من هذه المعايير والأهداف الإنسانية نرى أن مسعود البارزاني قد استطاع أن يحول عاصمة بلاده أربيل إلى بلد تحتضن الجميع، وبنفس الوقت تعتني بالتقدم العلميّ والتقنيّ والإنجازات العلاجية، والعصر الرقمي، ووسائل الإعلام الحديثة، وأن تواجه وبكل إصرار مواجهة مستوى الفقر والحروب، والآلام التي يعاني منها العديد من المضطهدين.

فالبارزاني وسياسته الإنسانية تقوم على سباق التسلح، ومواجهة الظلم الاجتماعي، والفساد، وعدم المُساواة، والتدهور الأخلاقي، والإرهاب، والعنصرية والتطرف، وغيرها الكثير.

ومن خلال هذه المُحادثات الأخوية الصادقة التي زرعها البارزاني نرى اليوم النوايا الصالحة كإعلان أربيل مدينة السلام والتعايش، مدينة البارزاني التي أرسى دعائمها لتكون محطة الإخوة الإنسانية.

وهنا وعند هذه النقطة بالتحديد، علينا أن نستذكر الأسرة التي نشأ فيها مسعود البارزاني حتى وصل إلى هذه الدرجة الرفيعة من الإنسانية ومن الحكمة ومن المعرفة، وأن نستذكر حال القدوة الحكيمة التي غذت هذا الرجل بكل هذه القيم، فوالده الملا مصطفى البارزاني كان الأساس الذي بنى استراتيجية السياسة الإنسانية والقوة العسكرية التي تدافع عن هذه الإنسانية، فالبارزاني الأب كان يميل في حياته الخاصة إلى البساطة في المأكل والملبس والمسكن، حيث كان يفضل الإقامة في بيوت مشيدة من الطين شتاءً وفي الخيام وبيوت الشعر صيفًا،ويرفض استخدام السيارات الفخمة والفارهة، كل هذا فقط ليحافظ على إنسانيته بعيدًاعن القشور.

 

ونذكر هنا حادثة تُظهرالجانب الإنساني العميق الذي أورثه إلى ابنه مسعود البارزاني، ففي إحدى المرات سأله صحفي مصري بُعيد إعلان اتفاق الحادي عشر من آذار عن الفلسفة والأساس الأخلاقي الذي تقوم عليه الثورة الكُردية، وعن حكمته هو في الحياة فأجابه باختصار وعلى الفور قائلًا:

(إننا مع الحق أينما كان، وضدّ الباطل أينما كان).

قد يعجبك ايضا