لطيف دلو
تتشكل الحكومات الاقليمية داخل الدولة الواحدة لادارة المناطق التي حددتها الطبيعة او سياسة الانظمة الفاشلة في التعامل مع مواطنيها في الفوارق الطبقية بين منطقة واخرى او مكون معين واخر في الامور الادارية والمالية والسياسية على اختلافات ثقافية ، أو الولايات في الدول مترامية الاطراف منها لتسهيل الخدمات ومنها للاحتفاظ بموروثاتهم وإدارة شؤن الخدمات فيها من قبل مواطنيها لكونهم جديرين في معرفة المتطلبات الاساسية لمواطنيها وكذلك للحد من الخلافات السياسية والاقتصادية والمالية والتعاملات الادارية مع المركز وتنظم وفق الدستور وقوانين خاصة بالاتفاق بين الطرفين للحد من التأويل والتجاوزات وسيرورة التواصل بينهما بشكل اعتيادي وسليم ولکن لدینا الیوم یتوافقون وغدا یتراجعون وتبقى السندات حبرا على الورق وتبدأ مرحلة الحرب الباردة إن شاءت الاقدار بدون نار ودخان.
اتناول الجانب العملي حسب معرفتى التي اكتسبتها خلال مدرسة الحياة إن کنت صائبا او مخفقا فی الرأی عن تدشین حكومات الاقاليم لإدارة المناطق الخاضعة لها من جميع النواحي الا ما تتعلق بالامور الخارجية والخطط المستقبلية لتطوير الدولة تتبناها الحكومة المركزية باتفاق مع الحكومات الاقاليمية لكي لاتتعارض مع مصالح الاخيرة ويجوز ان تكون في الاقاليم هيئات للحكومة المركزية لادارة الملفات والمشاريع المشتركة بين الطرفين وبالعكس كذلك.
اقر الدستور العراقي وفق المادة (117) اولا عند نفاذه باقليم كردستان وسلطاته القائمة ، اقليما إتحاديا ويقوم بوضع دستور له يحدد هيكل سلطاته وصلاحياته واليات ممارسة تلك الصلاحيات على ان لا يتعارض مع دستور الدولة وفق المادة (120) وحددت المادة (121) بفقراتها الخمس كيفية ممارسة الاقالیم صلاحياتها وفتح مكاتب لها في السفارات ، وبالرغم من كل هذه السندات الدستورية بعد تشكيل الحكومة المركزية واجه اقليم كوردستان سياسيا وإقتصاديا في الأدارة والتطوير معارضة وعدم ارتياح من قبل كثير من المسؤولين في الحكومة المركزية وعلى الفدرالية اساسا الواردة في المادة (119) من ادعائاتهم بان الدستور كتب على عجالة ، في حين كوارث ومآسي ومشاكل واشجان قرن كامل في جعبة كل منهم إن كان همهم سيادة الوطن والشعب ، فقاموا بإختيار المواد الدستورية التي تساند مركزيتهم في السلطة وتجنبوا المواد التي لها علاقة بادارة شؤون الدولة لازالة التراكمات السابقة من الاستبداد والمظالم كتأسيس الاقاليم والمحكمة الاتحادية العليا ومجلس الاتحاد وقانون النفط والغاز ومن ثم تعطيل تنفيذ المادة 140 الدستورية محددة التنفيذ من عام 2005 الى اليوم والخاصة بانهاء قضية سياسية جذرية بسلب حقوق فئة من المكونات الاساسية للدولة امدها اكثر من قرن وتباهوا بها علنا ومن هنا بدأت المشاكل السياسية والمالية بين الاقليم والمركز وأشتدت يوما بعد يوم لان الفكرة المركزية وعدم قبول الاخر مازالت قائمة ولم تتغير بالحراكات السياسية في تغيير الحكومات والاشخاص في قيادة الدولة ولكل من الحكومتين أعذارهما عن اسباب الخلافات السياسية والمالية بينهما ولا اريد الخوض في غمارها لانها معروفة لدى الجميع والدستور على بينة منها في مواده وديباجته المنفذة وغير المنفذة المعطلة قصدا والتي ادت العودة إلى نقطة الصفر في إستقطاع الاقليم من حصته في الموازنة وإضطراره لبيع نفطه لتأمين متطلبات إدارة الحكومة ورواتب الموظفين وهنا لو كان الاقليم متبعا توزيع الواردات بشكل متساوي دون إستثناء على الجميع كتأمين معاشي لهذه الحالة الطارئة التي يتحملها المسؤلون بدرجة اكبر من غيرهم دون توزيعها باسلوب النسبة المئوية والإدخار الذي لا ينسجم مع معيشة السواد الاعظم منهم ، لقطع دابر ابواق خالقي الضوضاء والفتن داخل الاقليم لان المساواة هي حالة اجتماعية تنعدم فيها الامتيازات لاشخاص على حساب ألاخرين ويسود فيها الجميع بأوضاع معاشية واحدة وتقطع دابر الخلافات والافتراءات.
بعد ايقاف تصدير نفط الاقليم حدث أنفراجا نسبيا في عودة العلاقات مع الحكومة المركزية ولكن مازالت المواد المعطلة في الدستور لها تأثيراتها السلبية عليها بوضوح في التعامل مع حصة الاقليم في الموازنة وتأخير الرواتب وإن كان هناك شيء من الانصاف بعد إقرار ومصادقة قوائم توزيع رواتب الشهر الاول أن تصرف شهريا في مواعيدها المحددة لكل وزارة مع نظيراتها الاتحادية او بشكل موحد وتدقق القوائم بعد الصرف من المؤسسات والدوائر الرقابية والتدقيقية الاتحادية حسب إختصاصاتها وتنزل الزيادات والتجاوزات من حصة الاقليم اللاحقة كما كان اسلوب الصرف في كافة دوائر الدولة.
إن كانت هناك نيية صادقة في انهاء الخلافات السياسية والكساد المالي بين الطرفين يجب تطبيق الدستور من ديباجته التي رسمت بناء دولة المواطنة والأمن والاستقرار والمساوات لا غالب ولا مغلوب فيها مع كافة مواده وخاصة المقيدة بالمدة وإعادة العلاقات الى سابق عهدها في توزيع الموازنة وارسال حصة الاقليم اليهم وفق نسبة السكان التي لاتقبل الشكوك بعد التعداد العام من الاستثمارية والتشغلية لصرفها من قبلها تحت رقابة وتدقيق كما في الحكومة المركزية وبخلافها ليس إلا محاولة سياسية نحو اضعاف دور اقليم كوردستان معنويا وإداريا وسياسيا تسهيلا لتجميد المادة (119) وغلق ملف الاقاليم .
2 نيسان 2025 .