نساء فوق العادة (فاطمة أحمد)

ايمان  الشباني 

فاطمة أحمد إبراهيم، إحدى أبرز النساء في تاريخ السودان والعالم العربي، كانت نموذجًا للمرأة القوية التي كرست حياتها للنضال من أجل حقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين. ولدت عام 1932 في الخرطوم لأسرة متعلمة، مما ساهم في تشكيل وعيها المبكر تجاه قضايا المرأة والمجتمع.  منذ صغرها، برزت بوادر نبوغها في المجال الفكري والسياسي، حيث تلقت تعليمها في بيئة مشجعة على القراءة والنقاش. انخرطت في الحركات النسوية منذ سنواتها الأولى، وكانت من المؤسسين للاتحاد النسائي السوداني، الذي لعب دورًا مهمًا في الدفاع عن حقوق المرأة والمطالبة بالمساواة في التعليم والعمل والمشاركة السياسية.  لم يكن نشاطها السياسي مقتصرًا على العمل النسوي، بل انضمت إلى الحزب الشيوعي السوداني، الذي كان يعد من أبرز القوى السياسية المعارضة آنذاك. من خلال الحزب، أسهمت في رفع مستوى الوعي السياسي لدى النساء، وشجعتهن على المشاركة الفاعلة في المجتمع، رغم التحديات الاجتماعية والثقافية التي واجهتهن. كان موقفها السياسي الصريح والجريء سببًا في تعرضها للكثير من المضايقات والاعتقالات، لكنها لم تتراجع عن مواقفها.  في عام 1965، صنعت التاريخ بانتخابها كأول امرأة سودانية وعربية تدخل البرلمان، لتكون صوتًا قويًا يدافع عن قضايا المرأة والفئات المهمشة. خلال فترة عضويتها، عملت على تقديم مشاريع قوانين تهدف إلى تحسين أوضاع النساء وتكريس حقوقهن في المجتمع السوداني، حيث ناضلت من أجل قوانين أكثر إنصافًا فيما يخص العمل والتعليم والصحة.  لم تقتصر مسيرتها النضالية على السودان فقط، بل امتدت إلى المحافل الدولية، حيث مثلت قضايا المرأة السودانية والعربية في العديد من المؤتمرات العالمية، وسعت لتشكيل تحالفات مع المنظمات الحقوقية والنسوية في مختلف أنحاء العالم.  تعرضت فاطمة أحمد إبراهيم للاضطهاد السياسي عدة مرات، خاصة بعد انقلاب 1989 الذي أتى بحكم الرئيس عمر٨٨٨ البشير، حيث تم اعتقالها ونفيها إلى خارج البلاد. لم يمنعها ذلك من مواصلة نضالها، فظلت ناشطة في الدفاع عن حقوق الإنسان، وكرست حياتها للعمل من أجل المرأة، إلى أن توفيت عام 2017، تاركة وراءها إرثًا نضاليًا مشرفًا وشعلة مضيئة في تاريخ النضال النسوي في السودان والعالم العربي.  تظل تجربتها نموذجًا فريدًا للمرأة القادرة على كسر القيود الاجتماعية والسياسية، والمضي قدمًا نحو تحقيق العدالة والمساواة، رغم التحديات والصعوبات. فقد كانت رمزًا للإصرار والمقاومة، وأحد الأسماء التي سيظل التاريخ يذكرها بكل تقدير واحترام.

قد يعجبك ايضا