اتفاقية 11آذار، الدروس والعبر

 

رئيس التحرير

مع اعلان قيام ثورة ايلول المجيدة،هب الشعب الكوردستاني بجميع شرائحه وقومياته لدعم الثورة واسنادها، وكان لهذا الإسناد والدعم الشعبيين الكبيرين،دورًا كبيرًا في تحقيق انتصارات عسكرية في جبهات القتال، وانتصارات سياسية تكللت بتوقيع اتفاقية 11 آذار بين قيادة الثورة والحكومة العراقية في عام 1970،والتي عُدت الإعلان الرسمي لمنح الشعب الكوردي حقوقه القومية،ونهاية مرحلة بالغة الحساسية من تأريخ نضال شعبنا الكوردستاني الذي كتب بالتضحيات والدماء.

 

تضمنت الإتفاقية اعتراف الحكومة العراقية بحقوق شعب كوردستان في العراق واستعمال اللغة الكوردية بعنوان لغة رسمية ثانية الى جانب اللغة العربية في المؤسسات الرسمية والتعليمية،والتي جسدت لأول مرة الأعتراف الكامل بالقضية الكوردية ومشاركتها في ادارة الدولة وصناعة القرار.

 

الأحداث المتعاقبة اثبتت ان نظام البعث لم تكن له ارادة حقيقية لحل القضية الكوردية،بل كان يسعى لكسب الوقت، لتعزيز بنيته العسكرية والأمنية، وهذا ما تكهن به البارزاني الخالد في بعض الإشارات في اجتماعات ومناسبات متعددة ،نظرًا لتجاربه السابقة مع الحكومة العراقية التي سبقت نظام البعث.وترجمت تلك التكهنات بعد اربع سنوات عندما اعلن النظام في بيان في 11 آذار من عام 1974 فشل الإتفاقية، والعودة الى نقطة الصفر.

 

حملت حكومة البعث قيادة الثورة الكوردية مسؤولية فشل تطبيق الإتفاقية،وجعلت ذلك مسوغًا لإستئناف هجماتها العسكرية على مواقع قوات البيشمركة ومقار الحزب الديمقراطي الكوردستاني،فضلا عن المناطق السكنية في القرى والأرياف والقصبات التي كانت تعج بالمدنيين،وبذلك اندلعت شرارة الثورة من جديد بمقاومة عنيفة من قبل قوات البيشمركة في جميع جبهات القتال،رغم فقدان التوازن في الإمكانيات والقدرات العسكرية واللوجستية بين قوات الثورة والجيش العراقي.

 

الآن عندما نقارن اليوم بالأمس، لا نرى اختلافًا ولو بسيطًا بالعقلية الحاكمة وطريقة التعاطي مع القضية الكوردية، اذ على الرغم من كتابة الدستور الدائم بمشاركة جميع القوى السياسية التي كانت تمثل المكونات العراقية المختلفة وتصويت اكثر من 80% من الشعب العراقي عليه في استفتاء عام، لم يتم لحد الساعة تنفيذ المواد الدستورية الخاصة بحقوق شعب كوردستان،وبالاخص المادة 140 التي حددت بثلاث مراحل (التطبيع والإحصاء والإستفتاء) وبسقف زمني نهاية عام 2007، ولذلك ماتزال الخلافات عالقة بين بغداد واربيل،وعلى الرغم من مراوحة القضية مكانها،تحاول بغداد اللعب باوراق الضغط السياسية لتحجيم كيان اقليم كوردستان والهائه بقضايا جانبية كتأخير الرواتب وتشديد الخلافات السياسية بين القوى الكوردستانية وبالاخص بين الحزبين الرئيسين ودعم قوى المعارضة وحتى التعاون مع القوى الإقليمية بغية افشال تجربة اقليم كوردستان الذي مضى عليه اكثر من ثلاثة عقود.

بعد مرور 55 عامًا على توقيع اتفاقية آذار لعام 1970 وتداعيات عدم تنفيذها على العراق وشعبه من حروب وكوارث ونزف للدم وهدر للطاقات البشرية والقدرات  الإقتصادية،علينا ان نستخلص الدروس والعبر من الماضي ونصل الى قناعة حقيقية،انه من دون حل دستوري وقانوني للقضية الكوردية في العراق، لايمكن ضمان الأمن والإستقرار والإزدهار الإقتصادي في البلاد والمنطقة وان الحل يكمن في صفاء النية والكف عن المماطلة في تنفيذ المواد الدستورية التي تنظم العلاقات بين اقليم كوردستان والحكومة الإتحادية في ظل النظام الفدرالي الحالي.

قد يعجبك ايضا