أربيل – التآخي
أكد رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، أن انعقاد منتدى أربيل السنوي الثالث بمشاركة نخبة من الشخصيات السياسية والفكرية يعكس تعافي العراق وترسيخ الممارسة الديمقراطية.
جاء ذلك في خطاب مسجّل لرئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، تم عرضه خلال أعمال منتدى أربيل السنوي الذي تنظمه مركز رووداو للدراسات وبالشراكة مع مراكز بحثية ومؤسسات مرموقة على مستوى الشرق الأوسط والعالم تحت شعار “القلق المتراكم حول مستقبل الشرق الأوسط”، وأشار السوداني إلى الجهود المبذولة لإيجاد حلول مستدامة للقضايا العالقة بين بغداد وأربيل، موضحاً أن تعديل قانون الموازنة يمهّد لاستئناف تصدير النفط عبر ميناء جيهان وضمان حقوق مواطني إقليم كوردستان. كما شدد على أهمية مشروع طريق التنمية كجسر اقتصادي يربط آسيا بأوروبا، مؤكداً استمرار العراق في تعزيز التعاون الأمني ومكافحة الإرهاب بالتنسيق مع التحالف الدولي.
وفيما يخص الأوضاع الإقليمية، شدد السوداني على موقف العراق الداعم للاستقرار في المنطقة، مؤكداً رفض بلاده للحرب في غزة ولبنان، ودعمه للجهود الرامية إلى استعادة الأمن في سوريا.
وأدناه نص كلمة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني
بسم الله الرحمن الرحيم
السيدات والسادة الحضور
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يسعدني أن أخاطبكم اليوم في هذا المؤتمر المميز، متوجهاً بالشكر إلى شبكة رووداو على تنظيم هذا الحدث الذي يجمع نخبة من الشخصيات السياسية والفكرية لمناقشة القضايا الاستراتيجية التي تهم العراق والمنطقة والعالم.
في الحقيقة، إن انعقاد مثل هذه المؤتمرات بهذا المستوى الرفيع من الحضور والمشاركة هو بالتأكيد دليل على تعافي العراق وترسيخ الممارسة الديمقراطية، إذ أصبحت الحوارات المفتوحة والمناظرات الصريحة جزءاً أساسياً من نهجنا السياسي، مما يعزز بناء الدولة ويخدم تطلعات شعبنا في تحقيق الأمن والاستقرار.
اليوم، بفضل إيماننا جميعاً بالديمقراطية، أنهينا مرحلة الحروب والصراعات التي عانينا منها لسنوات، وانتقلنا إلى مرحلة السلم والاستقرار والازدهار.
اليوم أيضاً، يمضي العراق بخطى واثقة نحو التكامل مع المجتمع الدولي، مستنداً إلى رؤية واضحة قائمة على التعاون والشراكة الفاعلة مع الدول الشقيقة والصديقة والعمل على تحقيق مستقبل أفضل لشعبنا.
لقد حرصت حكومتنا خلال السنتين الماضيتين على اتباع سياسة ترتكز على مبدأ العراق أولاً، بحيث تكون مصالح العراق وشعبه في صدارة أولوياتنا، فضلاً عن التفاعل الإيجابي مع محيطنا الإقليمي والمجتمع الدولي، وعززنا علاقاتنا مع الدول الشقيقة والصديقة على أساس المصالح المشتركة والاحترام المتبادل مما جعل العراق جسراً للحوار والتعاون، وأسهم في استعادة دوره الريادي في المنطقة تحت مفهوم تبنيناه كمنهج عملي، وما سميناه الدبلوماسية المنتجة.
لهذا فإن انفتاح العراق على الصعيدين الإقليمي والدولي هو جزء من نهجنا المستمر في توسيع الشراكات الاقتصادية والاستفادة من الخبرات الدولية لدعم اقتصادنا الوطني، ولا تقتصر هذه الجهود على جهة بعينها، بل تشمل جميع شركائنا في المجتمع الدولي. حيث نواصل تعزيز التعاون في مختلف المجالات لضمان تحقيق التنمية المستدامة والمنفعة المتبادلة.
ومن أجل هذا أطلقنا مشروع طريق التنمية ليكون جسراً اقتصادياً وثقافياً واجتماعياً يربط آسيا بأوروبا. كما أننا عملنا بشكل حثيث على تعزيز التعاون الأمني ومكافحة الإرهاب، ولدينا علاقات متينة مع أعضاء التحالف الدولي وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأميركية، ونحن الآن على أعتاب مفاوضات ثنائية مع الدول المنضوية تحت التحالف الدولي لوضع إطارٍ واضح للتعاون المشترك في مواجهة الإرهاب والتطرف، بما يضمن تحقيق الأمن والاستقرار في العراق والمنطقة، وأيضاً الانتقال بشكل علاقة ثنائية مع جميع دول التحالف.
المواضيع المطروحة في هذا المؤتمر سواء المتعلقة بالأمن الإقليمي أو التحديات الاقتصادية، خصوصاً في مجال الطاقة والتغيرات المناخية أو الاستقرار السياسي والعلاقات الدولية، تؤكد أهمية العمل المشترك بين جميع الفاعلين الدوليين والإقليميين لمواجهة التحديات وتعزيز التعاون لتحقيق التنمية المستدامة.
وقد عملت حكومتنا على إيجاد حلول مستدامة لما كانت تسمى بالمشاكل العالقة بين بغداد وأربيل وحولناها إلى فرص قادمة للتعاون والتكامل، وتمكنا من إخراج هذه القضايا من إطارها السياسي إلى سياقها القانوني، وبعد تمرير تعديل القانون الموازنة نتطلع الآن إلى استكمال إجراءات تصدير النفط الخام الى ميناء جيهان، وفتح صفحة جديدة مع الشركات العاملة في الإقليم بما يسهم في بناء الاقتصاد العراقي وانصاف المواطنين في إقليم كوردستان من خلال ضمان استلامهم كامل حقوقهم من رواتب ومستحقات.
الحضور الكريم
تمر منطقتنا اليوم بمرحلة تحولات كبرى لم نشهد مثلها منذ عقود. فقد شهدت غزة ولبنان حرباً قاسية شنتها قوات الاحتلال في الكيان الغاصب واستهدفت فيها كل مقومات الحياة، وقد عملنا بجهد نحو تجنيب العراق نار هذه الحرب، بالإضافة إلى الحرص على دعم الإخوة في لبنان وفلسطين بالمساعدات والدعوة، في كل المحافل التي حضرنا فيها، بضرورة انهاء الحرب.
وانطلاقاً من التزامنا الثابت بدعم الاستقرار الإقليمي أكدنا مساندة الشعب السوري وحقه في تقرير مستقبله، ووقفنا مع كل المبادرات التي تسهم في استعادة الأمن والاستقرار في سوريا، إيماناً منا بوحدة المصير وضرورة تعزيز التضامن العربي والإقليمي.
أكرر شكري الجزيل لكم جميعاً وأتمنى لهذا المؤتمر النجاح، والخروج بتوصيات بناءة تسهم في خدمة العراق والمنطقة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته