أربيل – التآخي
احتل العراق المرتبة الـ 98 عالميًا في مؤشر القوة الناعمة لعام 2025، وفقًا للنتائج المعلنة، الجمعة، خلال مؤتمر سنوي في لندن.، في تحسن ملحوظ لترتيبها مقارنة بالسنوات السابقة.
يُعد مؤشر القوة الناعمة أداة عالمية لقياس قدرة الدول على التأثير في محيطها الدولي من خلال الجاذبية الثقافية، القيم، والدبلوماسية، بعيداً عن القوة العسكرية أو الاقتصادية المباشرة. في هذا السياق، يبرز تصنيف العراق في هذا المؤشر كموضوع يستحق التأمل، لا سيما في ظل التحديات التاريخية والمعاصرة التي واجهها البلد.
أظهر الترتيب هذا العام تقدمًا ملحوظًا للعراق مقارنة بالسنوات السابقة؛ حيث كان يحتل المرتبة الـ 116 عالميًا في عام 2021، ثم ارتقى إلى المرتبة الـ 99 في عام 2024.
في تصنيفات مؤشر القوة الناعمة العالمي، مثل تلك التي تصدرها مؤسسة “براند فاينانس”، خلال السنوات السابقة غالباً ما كان العراق يجد نفسه في مراتب متدنية. على سبيل المثال، في تقارير سابقة، احتل العراق مراكز قريبة من نهاية القائمة، مما يعكس ضعف تأثيره الناعم عالمياً. هذا التصنيف لا يأتي من فراغ، بل يرتبط بتاريخ طويل من الصراعات الداخلية والخارجية، بدءاً من الحروب في القرن العشرين، مروراً بالاحتلال الأمريكي عام 2003، وصولاً إلى الاضطرابات الأمنية والسياسية التي أعقبت ظهور تنظيمات مثل “داعش”. هذه الأحداث أضعفت الصورة الدولية للعراق، وحجبت إرثه الحضاري العريق الذي يمتد لآلاف السنين، من سومر وبابل إلى العصر العباسي.
من الدلالات الرئيسية لهذا التصنيف، يمكن ملاحظة أن العراق يعاني من غياب استراتيجية واضحة لتعزيز قوته الناعمة. فبالرغم من امتلاكه لعناصر قوة محتملة، مثل التراث الثقافي، المواقع الأثرية، والتنوع الديني والعرقي، إلا أن هذه العناصر لم تُستثمر بفعالية. على سبيل المثال، السياحة الدينية في مدن مثل كربلاء والنجف تجذب ملايين الزوار سنوياً، لكنها تظل محصورة في إطار محدود دون أن تتحول إلى رافد لتعزيز الصورة العالمية. كذلك، فإن الإنتاج الثقافي العراقي، سواء في الأدب أو الفن، يبقى بعيداً عن الانتشار العالمي بسبب ضعف البنية التحتية والدعم الحكومي.
أما المخاوف المرتبطة بهذا الوضع، فهي متعددة. أولاً، استمرار التصنيف المنخفض قد يعزز الانطباع السلبي عن العراق كدولة “غير مستقرة”، مما يؤثر على قدرته على جذب الاستثمارات الأجنبية أو بناء علاقات دبلوماسية قوية. ثانياً، هناك مخاطر داخلية تتمثل في تراجع الهوية الوطنية والثقة بالنفس لدى المواطنين، حيث يمكن أن يشعروا بالإحباط من عدم قدرة بلدهم على إبراز دوره الحضاري. ثالثاً، ضعف القوة الناعمة قد يجعل العراق أكثر عرضة للتدخلات الخارجية، حيث تعتمد الدول ذات القوة الناعمة الضعيفة غالباً على القوة الصلبة أو التحالفات الإقليمية للحفاظ على وجودها.
لكن، على الرغم من هذه الصورة القاتمة، هناك فرص للتحسين. وقد حقق ذلك جزئياً هذا العام، ويمكن للعراق أن يستلهم تجارب دول عربية في تعزيز قوتهما الناعمة عبر الاستثمار في الثقافة، الرياضة، والإعلام. إعادة إحياء المهرجانات الثقافية، تطوير السياحة، ودعم الإبداع الفني يمكن أن تكون خطوات أولية. كما أن الاستقرار السياسي والأمني يبقى شرطاً أساسياً لأي تقدم في هذا المجال.
إلى ذلك وتضم قائمة المؤشر 193 دولة، تتصدرها الولايات المتحدة وتليها الصين وبريطانيا واليابان وألمانيا وفرنسا وكندا وسويسرا وإيطاليا.
كما حلت دولة الإمارات العربية المتحدة في المرتبة العاشرة عالميا، وحققت المركز الرابع في مؤشر فرص النمو المستقبلي، والرابع أيضا في مؤشر الكرم والعطاء والمركز السابع في مؤشر قوة الاقتصاد واستقراره.