صادق الازرقي
يشهد العراق تدهورا بيئيا خطيرا يؤثر على شتى جوانب الحياة، من تلوث الهواء والماء إلى التصحر وفقدان التنوع البيولوجي؛ هذه المشكلات البيئية المتفاقمة تتطلب حلولا جذرية ومستدامة للحفاظ على صحة الإنسان والبيئة في العراق.
ان لمصادر تدهور البيئة عدة أسباب، منها ان تزايد اعداد المركبات لاسيما المركبات القديمة والمتهالكة في المدن العراقية يسهم في تلوث الهواء بشكل كبير.
كما ان المصانع غير النظامية وبخاصة معامل الطابوق تطلق ملوثات الهواء الضارة بالصحة والبيئة، فيما تستعمل محطات الطاقة وقودا غير نظيف، ما يزيد من تلوث الهواء، كما ان بقاء مولدات الشارع والمولدات المنزلية التي تنفث دخانها طيلة اليوم في الهواء بسبب غياب الكهرباء يزيد التلوث.
و أصبحت العواصف الترابية شائعة في العراق بسبب التصحر والجفاف، مما يزيد من تلوث الهواء بالغبار والأتربة.
يؤدي تلوث الهواء إلى مشكلات صحية خطيرة، مثل أمراض الجهاز التنفسي والقلب والسرطان، ويلاحظ ذلك بصورة خاصة في المحافظات والمناطق التي تتعرض بصورة مباشرة الى تلك المخاطر لاسيما في البصرة التي سجل فيها تزايد كبير في الإصابات بالسرطان والامراض التنفسية.
ومن جهة اخرى يؤثر تلوث الهواء على التنوع البيولوجي ويسهم في تغير المناخ، فاختفت حيوانات كثيرة كانت تعرف بها البيئة العراقية، ومنها الطيور المهاجرة التي كانت تفد الى العراق في شتائه، وأصبحت الآن تجيئ الى البلد بأعداد قليلة وتتعرض الى الصيد الجائر بشتى الوسائل وتعرض في الأسواق لغرض الاكل، فيما أصبحت كثير من الطيور المهاجرة تفضل بلدانا أخرى للهجرة ومنها دول مجاورة مثل تركيا.
وتطلق مياه الصرف الصحي ومخلفات المستشفيات في الأنهار والبحيرات، مما يلوثها بالبكتيريا والفيروسات والمواد الكيميائية الضارة، كما تطلق مخلفات المصانع المتواجدة السائلة في المسطحات المائية، مما يزيد من تلوثها، وكذلك فان استعمال المبيدات والأسمدة بكميات كبيرة من دون ضوابط في المناطق التي فيها نشاط زراعي، يسربها إلى المياه الجوفية والسطحية.
لقد لاحظنا في السنوات الاخيرة ان تلوث المياه يؤدي إلى انتشار الأمراض والأوبئة، مثل الكوليرا والتيفوئيد، و في هذه الأيام يجري الحديث عن ان منطقة العيفار وسط مدينة الحلة بمحافظة بابل شهدت كارثة غير مسبوقة، بعد انتشار “فيروس غامض” أدى إلى نفوق مئات رؤوس الجاموس، وسط عجز المربين عن احتواء الأزمة وتأخر استجابة الجهات المعنية.
فيما يقول الناطق الرسمي لوزارة الزراعة محمد الخزاعي في بيان، إن إصابات حدثت بمرض الحمى القلاعية لحيوان الجاموس في مناطق الفضيلية وجرف النداف وحي الوحدة والنهروان في بغداد.
ان تلوث المياه يؤثر على الحياة المائية ويسهم في تدهور النظم البيئية، وفضلا عن ذلك فان الرعي الجائر يؤدي إلى تدهور الغطاء النباتي وتعرية التربة، و يؤدي قطع الأشجار ايضا إلى تعرية التربة وزيادة خطر التصحر.
و يتسبب التصحر في فقدان الأراضي الزراعية وانخفاض الإنتاج الزراعي، و فقدان التنوع البيولوجي وتدهور النظم البيئية، كما يتسبب في الهجرة والنزوح بسبب فقدان مصادر الرزق.
ان التدهور البيئي في العراق يشكل تحديا كبيرا يتطلب تضافر جهود الحكومة والمجتمع والأفراد، لحماية البيئة وضمان مستقبل أفضل للأجيال المقبلة.