د علي مهدي *
بحلول التاسع والعشرين من كانون الثاني من هذه السنة يكون قد مر عام على انعقاد المؤتمر الثالث للتيار الديمقراطي الذي شكل انعطافه نوعية بتاريخ عمل التيار الديمقراطي المؤسسي وبحضور تمثيلي واسع من اغلب التنسيقيات في محافظات العراق وكذلك من الخارج.
خاض التيار الديمقراطي خلال السنة الماضية من خلال أحزابه وشخصياته الديمقراطية المستقلة مع بقية القوى المدنية الديمقراطية النضال السياسي والاحتجاجي لتعرية القوى المهيمنة في مجلس النواب وفشلها في احترام إرادة الشعب بتشكيل الحكومة وفق السياقات الدستورية. وكان للتيار وقفات شجاعة ضد قوى المماطلة والتعطيل وكانت مواقفه واضحة إلى جانب تشكيل الحكومة وفق مبدأ الأغلبية السياسية المتعارف عليه في النظم الديمقراطية البرلمانية وتجاوز مبدأ التوافقية السياسية التي تعني المحاصصة الطائفية والقومية وهي الولادة للازمات والاستعصاء وأوصلت البلاد على شفير الحرب الأهلية عند نهاية شهر تموز من السنة الماضية، وتجسدت مواقف قوى التيار الديمقراطي من خلال إصدار البيانات وعقد الاجتماعات والجلسات العامة والنزول للشارع والمشاركة في الوقفات الاحتجاجية والمظاهرات في بغداد وعدد من المحافظات. وكان للتيار المواقف اتجاه الأحداث السياسية في داخل الوطن وكذلك عند الاعتداءات على سيادة البلاد والوقوف إلى جانب الجماهير في مطالبها المشروعة في إيجاد فرص العمل وتوفير الخدمات والحد من ارتفاع أسعار المواد الغذائية والخدمات والمطالبة في الكشف عن المتسببين في قتل الشهداء والجرحى وكذلك في محاربة الفساد والمفسدين والناهبين والهادرين للمال العام.
وكان للتيار الديمقراطي ومن خلال شخصياته الديمقراطية المساهمة المشهودة عند الانخراط في تشكيل اللبنات الأولى لقوى التغيير الديمقراطي وكذلك المشاركة في الاجتماعات والفعاليات والحضور الفاعل لمعظم التنسيقيات في المؤتمر التأسيسي لقوى التغيير الديمقراطي بتاريخ 15/10/2022.
في خضم النشاط المتواصل لعمل التيار الديمقراطي انضم إلى صفوفه حزب البصمة الوطنية وكذلك التجمع العلماني العراقي والعمل جاري بدعوة عدد من الأحزاب والكيانات السياسية والشخصيات المدنية الديمقراطية للانضمام للعمل ضمن التيار الديمقراطية، وبنفس الوقت رافق عمل التيار في هذا المجال متغير سلبي وهو انتقال حزبين إلى تحالف أخر دون أي مقدمات وتم الاطلاع على ذلك من خلال النشرات الإخبارية. وهذا يستدعي التأني والحذر في المستقبل عند مناقشة انضمام إي حزب أو شخصية مع التركيز على الثوابت التي يسير عليها التيار عند قبوله لأي حزب وهي الإيمان بالدولة المدنية الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والبعد عن شبهات الفساد وعدم الارتهان بالمحاور الإقليمية والدولية.
لقد كانت الفترة الأولى من انتهاء أعمال المؤتمر الثالث حافلة بالفعاليات التنظيمية حيث واصل المكتب التنفيذي بعقد اجتماعاته الدورية المنتظمة وكذلك اجتماعات اللجنة العليا التي تضم أعضاء المكتب التنفيذي ومنسقي المحافظات وممثلي عن هيئة المتابعة ل تنسيقيات الخارج وكذلك الأعضاء المنتخبين من قبل المؤتمر. وسادت أجواء هذه الاجتماعات روحية الحرص على نجاح العمل والشعور بالمسؤولية، وتم فيها متابعة نشاطات التنسيقيات التي تشكلت في معظم المحافظات وزيارة قسم منها والإشراف على أعمالها ومساعدتها بتجاوز بعض العقبات التي حالت دون تطورها.
إن ما يدعو للتفاؤل والاعتزاز في هذا النشاط التنظيمي الاحترام المتبادل للأحزاب العاملة في التيار والحفاظ على استقلاليتها الفكرية والسياسية وكذلك الدور المتنامي للشخصيات الديمقراطية المستقلة في تسيير أعمال التيار الديمقراطي وقيادته من خلال وجودها في المكتب التنفيذي وكذلك في قوام التنسيقيات بالمحافظات والخارج، وأيضا الدور الملموس لحضور المرأة على المستوى القيادي في المكتب التنفيذي او في التنسيقيات حيث وجود امرأة بموقع نائب المنسق العام وكذلك ثلاث نساء منسقات للمحافظات.
وان ما ميز هذه السنة من نشاطات هو دور الشباب في التيار الديمقراطي الذي توج في انعقاد مؤتمر الشباب المدني الديمقراطي بتاريخ 14 تشرين الثاني 2022 بدعوة من لجنة الشباب بعد تحضيرات جيدة وبحضور رائع شارك فيه الشباب من اغلب المحافظات ومن كلا الجنسين والذي اختار لجنة قيادية تقوم بادراه النشاط الشبابي في التيار.
إن التيار الديمقراطي الذي يضم أحزابا ديمقراطية ذات امتدادات والتي يجمعها أهداف مشتركة هي ليست حاصل جمع بسيط لقوى الأحزاب والكيانات المنتمية له، بل إنها إطار سياسي تنظيمي مجتمعي لكل القوى المؤمنة والداعية للدولة المدنية الديمقراطية، وهو وسيلة أساسية لزج جماهير أحزابنا في عمل وطني مجتمعي مشترك وتحالف كفاحي، ورفقة نضالية، وجذب جماهير واسعة لا حزبية إلى العمل السياسي الوطني لعزلها عن تأثير قوى المحاصصة الطائفية والقومية المهيمنة والضالعة بالفساد والمفسدين.
إن تنامي قوى التيار الديمقراطي وتعاظم نفوذها هو قوة لكل حزب وكيان سياسي فيه، وان تعزيز مكانة كل حزب وشخصية هو قوة إضافية إلى التيار والى مجموع قوى التغيير الديمقراطي وان العمل المشترك للقوى المشاركة في التيار وشخصياته الديمقراطية سيخلق ظروف أفضل لترسيخ تقاليد وعلاقات تعاون أخوي كما يعزز الثقة المتبادلة بين مكوناته.
إن احد المعضلات التي واجهت التيار الديمقراطي والعاملين في هيئاته هو تسجيل التيار الديمقراطي العراقي كتحالف سياسي وهذا هو هاجس طبيعي ينتاب كل من يعمل في التيار الديمقراطي والذي يحتاج إلى إرادة مشتركة من قبل الأحزاب السياسية العاملة فيه والتي عليها إن تسعى لحسم هذا الأمر.
وان المعضلة الأخرى هي أن يتحول هذا التحالف السياسي إلى شكل من إشكال التحالف الانتخابي ولاسيما نحن على أبواب الانتخابات القادمة من خلال قائمة او قوائم مشتركة مع قوى التغيير الديمقراطي والقوى التي تسعى للعمل من اجل الدولة المدنية الديمقراطية وقيم العدالة الاجتماعية، هذا التحالف او التحالفات هي التي تصقل هذه القوى في بودقتها وتعزز من توجهاتها وتزيد من لحمتها. فما جدوى من وجود أي تحالف أذا لم يكن حاضرا في الانتخابات المحلية والبرلمانية بشكل موحد.
الأمل يحدونا في هذه السنة ان يتعاظم دور التيار الديمقراطي كإطار مجتمعي ويأخذ دوره في التغيير المنشود.
• عضو سكرتارية التيار الديمقراطي