ثلاث طرق لإبطاء الشيخوخة: تغييرات نمط البيئة الحيوية هي المفتاح

 

متابعة ـ التآخي

يرجع الفضل الأول في تحديد مفهوم البيئة العلمي إلى العلماء العاملين في مجال العلوم الحيوية والطبيعية، فأحد مفاهيم البيئة يتمثل في «البيئة الحيوية» وهي كل ما يختص بحياة الإنسان نفسه من تكاثر ووراثة وعلاقة الإنسان بالكائنات الحية، الحيوانية والنباتية، التي تعيش في محيطه.

الشيخوخة عملية طبيعية، لكن كثيرين يسعون إلى إيجاد طرق لتأخير آثارها، وقد دفعت الرغبة في الحفاظ على الصحة والحيوية الباحثين إلى استكشاف تدخلات متنوعة.

تشير بعض الدراسات إلى أن تقليل تناول السعرات الحرارية يمكن أن يبطئ الشيخوخة لدى البشر؛ وتشير دراسات أخرى إلى أن أحماض أوميجا 3 الدهنية وفيتامين ـ  د قد تؤثر على الشيخوخة البيولوجية.

وشرع فريق من الباحثين في التحقيق فيما إذا كانت هذه التدابير البسيطة والمتاحة يمكن أن تؤثر على الشيخوخة على المستوى البيولوجي لدى الانسان.

وتشير النتائج التي نُشرت الدراسة في مجلة Nature Aging إلى أن بعض التغييرات في نمط الحياة البيئية قد تكون المفتاح لإبطاء التدهور الطبيعي للجسم.

استكشف فريق البحث ما إذا كان فيتامين د وأحماض أوميجا 3 الدهنية وممارسة التمارين الرياضية بانتظام في بيئة نقية يمكن أن تؤثر على الشيخوخة لدى البشر.

وكانت الأبحاث السابقة قد أثبتت بالفعل أن هذه العوامل الثلاثة تسهم في تحسين الصحة عن طريق تقليل العدوى، ومنع السقوط، وخفض مخاطر الإصابة بالسرطان.

وتقول بيشوف فيراري قائدة الدراسة في جامعة زيورخ وهي واحدة من أكثر الدراسات شمولاً بشأن الشيخوخة “لقد ألهمتنا هذه النتائج لقياس التأثير المباشر لهذه العلاجات الثلاثة على عملية الشيخوخة البيولوجية لدى المشاركين في دراسة DO-HEALTH السويسرية”.

اتبعت كل مجموعة مزيجًا مختلفًا من فيتامين د، أو أحماض أوميجا 3 الدهنية، أو ممارسة الرياضة، أو دواء وهمي لتقويم الشيخوخة، و تلقى البعض التدخلات الثلاثة، في حين تلقى آخرون تدخلاً أو اثنين فقط.

وقام الخبراء بمراقبة المشاركين على مدار ثلاث سنوات، وأجروا مكالمات هاتفية متابعة كل ثلاثة أشهر وتقويمات صحية متعمقة على مدد سنوية.

وتُعد دراسة DO-HEALTH أوسع دراسة أوروبية للبالغين الأصحاء فوق سن السبعين.

تعاون فريق البحث مع ستيف هورفاث، الباحث الأول في مختبرات ألتوس في كامبريدج؛ وهورفاث رائد في تطوير الساعات الجينية، التي أصبحت أداة أساسية لقياس الشيخوخة على المستوى الجزيئي، وشملت الدراسة 777 فردا تجاوزوا السبعين من العمر.

وجرى تكليف كل مشارك بواحدة من ثمان خطط علاجية، تضمنت تناول 2000 وحدة دولية من فيتامين د يوميا، أو استهلاك 1 جرام من أحماض أوميجا 3 الدهنية، أو المشاركة في تدريبات القوة لمدة 30 دقيقة ثلاث مرات في الأسبوع.

وقد اتبع بعض المشاركين مزيجًا من هذه التدخلات، في حين تلقى آخرون علاجًا وهميًا.

وكان الهدف هو ملاحظة ما إذا كان أي من هذه العلاجات يؤثر على الشيخوخة البيولوجية على مدى ثلاث سنوات.

والأمر الأكثر أهمية هو أن الجمع بين أحماض أوميجا 3 وفيتامين د وتمارين القوة أسفر عن نتائج أقوى.

وأشارت بيشوف فيراري إلى أن “هذه النتيجة تمتد إلى نتائجنا السابقة من دراسة DO-HEALTH، حيث كان لهذه العوامل الثلاثة مجتمعة التأثير الأكبر في الحد من خطر الإصابة بالسرطان ومنع الضعف المبكر على مدى مدة ثلاث سنوات، لإبطاء عملية الشيخوخة البيولوجية “.

وتشير النتائج إلى أن كل عامل يعمل من خلال آليات مختلفة تكمل بعضها البعض، مما يؤدي إلى تأثير إجمالي أكبر عند دمجها.

وتقدم الدراسة أدلة على أن التغييرات البسيطة في نمط الحياة، بما في ذلك تناول أوميغا 3، يمكن أن تؤثر على الشيخوخة البيولوجية.

وبرغم أن الفارق الذي قد يظهر ضئيلاً بين بضعة أشهر، فإن إبطاء عملية الشيخوخة على المستوى الجزيئي يكون له فوائد صحية طويلة الأمد.

فقد يؤدي إبطاء عملية الشيخوخة إلى تقليل خطر الإصابة بالأمراض المرتبطة بالعمر، وتحسين نوعية الحياة، وإطالة العمر الصحي.

وبرغم هذه النتائج الواعدة، إلا أن الباحثين يعترفون بأن قياس الشيخوخة البيولوجية لا يزال يشكل تحديًا.

وتسهم الدراسة في مجموعة متنامية من الأبحاث التي تستكشف كيفية تأثير عوامل نمط الحياة على الشيخوخة على المستوى البيولوجي.

ومن بين القيود التي تواجهها الدراسة تركيزها على المشاركين السويسريين، إذ يمكن أن تتأثر الشيخوخة البيولوجية بالعوامل الوراثية وأسلوب الحياة والعوامل البيئية، التي تختلف باختلاف السكان.

وللحصول على فهم أكثر شمولاً، يخطط الباحثون لتوسيع الدراسة لتشمل المشاركين من ألمانيا وفرنسا والنمسا والبرتغال. وستساعد مجموعة البيانات الأوسع هذه في تحديد ما إذا كانت النتائج تنطبق على مجموعة أكثر تنوعًا من الأفراد.

وتعزز نتائج هذه الدراسة، فكرة أن الشيخوخة ليست خارجة عن سيطرتنا تمامًا، وفي حين لا يتواجد حل واحد لوقف الشيخوخة، فإن بعض خيارات نمط الحياة البيئية قد تؤدي إلى إبطاء تقدمها.

إن الجمع بين أحماض أوميجا 3 الدهنية وفيتامين د وتمارين القوة يظهر فوائد قابلة للقياس، مما يشير إلى أن التدخلات البسيطة التي يمكن الوصول إليها يمكن أن تحدث فرقا حقيقيا.

وسوف تستمر الدراسات المستقبلية في تحسين هذه الأساليب واختبار أساليب جديدة لقياس الشيخوخة البيولوجية.

والأمل هو أن تؤدي الأبحاث الجارية إلى استراتيجيات أكثر فعالية للحفاظ على الصحة والحيوية في السنوات المقبلة.

 

قد يعجبك ايضا