أنور الجاف
إن دور الكورد في المرحلة الراهنة لا يمكن عزله عن التاريخ والجغرافية السياسية، فالكورد اليوم أمام مسؤولية تأريخية عظيمة يمكن تحديد معالمها في النقاط الآتية:
1- التوحيد الداخلي: المصير المشترك فوق كل الاعتبارات.
فلا يمكن للكورد أن يُحدثوا أثراً ملموساً دون تحقيق وحدة داخلية فعلية بين الأحزاب والمؤسسات. فالانقسامات تخدم الأطراف التي تسعى لإضعاف القضية الكوردية، بينما الوحدة هي الطريق الأمثل لتحقيق المصالح الوطنية العليا.
2- التعامل المرن مع القوى الإقليمية والدولية: صياغة التحالفات بحكمة.
ينبغي على الكورد أن يدركوا أن التحولات الإقليمية تشكل فرصة للتفاوض وإعادة التموضع ضمن سياسات القوى الكبرى، فالمرونة في بناء التحالفات ومع الحفاظ على الثوابت تعدّ ستراتيجية ذكية لتعزيز المكانة الكوردية.
3- تعزيز الرواية الكوردية: إيصال الصوت إلى العالم.
العالم يحتاج لفهم أعمق للقضية الكوردية من منظور إنساني وسياسي، لذلك على الكورد تكثيف الجهود لإيصال صوتهم عبر الإعلام الدولي والمنظمات الحقوقية، مع التركيز على عدالة قضيتهم.
4- توظيف الإمكانيات الثقافية والاقتصادية: بناء الهوية وتعزيز القوة الناعمة.
حيث يمتلك الكورد تراثاً ثقافياً غنياً وموارد اقتصادية هائلة، فاستثمار هذه المقومات لتعزيز الهوية الكوردية دولياً يمكن أن يُشكل رافعة سياسية مهمة.
5- الابتعاد عن التصعيد العسكري: الإبداع في العمل السياسي.
إن الحلول السلمية والإبداع السياسي هما البديل الأمثل للتصعيد العسكري الذي غالباً ما يؤدي إلى خسائر فادحة. المبادرات الخلاقة والدعوات إلى الحوار يمكن أن تخلق بيئة خصبة لحلول مستدامة.
المآلات والمستقبل
المستقبل الكوردي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالمتغيرات الإقليمية والدولية ومن أجل قراءة دقيقة لما هو قادم، يمكن النظر في المحاور التالية:
1- الدعم الدولي – الحليف الأقوى.
إذا استطاع الكورد تحقيق تواصل فعال مع القوى الكبرى وإقناعها بعدالة قضيتهم فإن ذلك سيُشكل دعامة أساسية لتحقيق مطالبهم.
2- استقرار الشرق الأوسط – التحدي الأكبر.
أي عدم استقرار في الشرق الأوسط سيكون له تداعيات مباشرة على القضية الكوردية، ولذلك فإن الكورد مطالبون بالمساهمة في بناء بيئة مستقرة تتيح لهم التفاوض من موقع قوة.
3- الاعتراف الدولي بحقوقهم المشروعة – الهدف البعيد المدى.
المضي في الضغط الدبلوماسي لتحقيق الاعتراف الدولي بحقوق الشعب الكوردي سيُساعد في إيجاد حل سياسي عادل. وهذا الاعتراف قد يفتح الأبواب أمام الكورد ليكونوا جزءاً فاعلاً من القرارات الإقليمية.
4- الحلول السياسية الشاملة – إطار لتحقيق العدالة.
إذا ما أُوجدت حلول شاملة للمشكلات الإقليمية فإن ذلك سيُهيئ المجال لحل القضية الكوردية ضمن إطار أكبر يشمل حقوق الشعوب وحق تقرير المصير.
5- الابتكار في العمل السياسي والاجتماعي – تعزيز الشراكة الحضارية.
يتطلب المستقبل من الكورد أن يُظهروا قدرة استثنائية على الابتكار في تقديم أنفسهم كشريك حضاري في المنطقة. الاستثمار في التعليم والصحة والاقتصاد مع التركيز على بناء مؤسسات حديثة سيعزز مكانتهم.
صفوة القول
إن القضية الكوردية اليوم ليست مجرد قضية حقوقية، بل هي اختبار حقيقي لمدى مصداقية العدالة الدولية وفاعلية الحلول السلمية. إذا كان الشرق الأوسط مقبلاً على تغييرات جوهرية، فإن هذه اللحظة تُعتبر فرصة للكورد ليعيدوا صياغة مواقفهم وستراتيجياتهم بما يخدم مصالحهم القومية.
وعلى الجميع سواء كانوا أفراداً أو أحزاباً أو حكومات أن يدركوا بمسؤولية أن العمل الجاد والتعاون هو السبيل الوحيد لتحقيق سلام عادل ومستدام يحفظ حقوق الشعوب كافة.