الموازنة البرلمانية وازمة رواتب موظفي اقليم كوردستان


سردار علي سنجاري

‎اقر مجلس النواب العراقي تعديلا في الموازنة لدعم
تكاليف الإنتاج لشركات نفط دولية تعمل في إقليم كوردستان في خطوة هامة من شأنها أن تحلّ نزاعا مستمرا منذ عامين تقريبا بشأن صادرات الإقليم النفطية وأن تهدئ التوتر بين بغداد وأربيل.
‎ ورحب رئيس اقليم كوردستان السيد نيجيرفان البارزاني ورئيس حكومة إقليم كوردستان السيد مسرور بارزاني بتصويت مجلس النواب الاتحادي على تعديل قانون الموازنة العامة مشيدين بجهود جميع من أسهم في إنجاح هذا التعديل.
وتعد أزمة الرواتب بين حكومة إقليم كوردستان و الحكومة المركزية العراقية إحدى القضايا السياسية والاقتصادية الجوهرية في العراق منذ سنوات. ففي الوقت الذي يواجه فيه العراق تحديات اقتصادية ضخمة نتيجة انخفاض أسعار النفط بالإضافة إلى تأثيرات النزاع ضد داعش وانعدام الشفافية في التعامل مع القضايا الاقتصادية تجد حكومة إقليم كوردستان نفسها في مواجهة أزمة مالية عميقة تعود إلى الاختلافات و التوترات السياسية مع الحكومة المركزية في بغداد. هذه الأزمة تتعلق بشكل رئيسي في كيفية توزيع الأموال و تسوية الرواتب لموظفي القطاع العام في الإقليم وقد أثرت هذه القضية على حياة المواطنين الكورد في إقليم كوردستان وساهمت في تصعيد التوترات بين الطرفين .

الاختلافات السياسية بين حكومة إقليم كردستان و الحكومة المركزية كانت أحد العوامل التي ساهمت في تفاقم أزمة الرواتب. كانت الحكومة المركزية تحت قيادة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي بالإضافة إلى الحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني تسعى إلى فرض الرقابة على الإيرادات النفطية في الإقليم، بينما كانت حكومة إقليم كوردستان تحت قيادة الرئيس مسعود البارزاني والسيد نيجيرفان البارزاني ورئيس حكومة الاقليم السيد مسرور البارزاني مصرة على استقلالية الإقليم في تصدير النفط حسب ما نص عليه الدستور العراقي.

وقد أثرت أزمة الرواتب بشكل مباشر على الموظفين في إقليم كردستان حيث لم يتم دفع الرواتب بانتظام لبعض الوقت وتم الغاء بعض الأشهر من الموازنة العامة مما أدى إلى تدهور الوضع المعيشي للكثير من الأسر في الإقليم خاصة في ظل الوضع الاقتصادي الصعب.

وقد تسببت أزمة الرواتب بازمة داخلية في الاقليم و بسبب التأخير في دفع الرواتب خرج العديد من الموظفين و العمال في إقليم كوردستان في مظاهرات احتجاجية تطالب الحكومة بدفع رواتبهم. هذه الاحتجاجات كانت تعكس الإحباط الشعبي من إدارة الحكومة للأزمة المالية وعدم ثقتهم بعدم التزام بغداد بما يتم الاتفاق عليه مع حكومة اقليم كوردستان .

لم يكن تأثير أزمة الرواتب مقتصرًا على الأفراد فقط بل امتد إلى الخدمات العامة في الإقليم مثل الصحة و التعليم و البنية التحتية . حيث تأخر دفع رواتب الموظفين الحكوميين في هذه القطاعات أثر سلبًا على جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.
وكذلك أدت الأزمة إلى زيادة الهوة بين الحكومتين الإتحادية و إقليم كوردستان ما عزز الخلافات السياسية بين الطرفين و جعل التوصل إلى تسوية مالية دائمة أكثر صعوبة.

واليوم مع إقرار البرلمان قانون الموازنة يتطلع شعب اقليم كوردستان إلى ان تلتزم بغداد بهذا القرار وعدم ايجاد مبررات جديدة قد تلغي الاتفاق و تكون سببا في شق الصف الوطني العراقي .

اما ما يخص الحلول الرئيسية لمعالجة الأزمة بشكل جذري هو إعادة هيكلة إدارة النفط في العراق بشكل عام. يجب أن تكون هناك آلية شفافة للتنسيق بين حكومة بغداد وحكومة إقليم كوردستان بشأن تصدير النفط بحيث يتم تحديد النسب العادلة من الإيرادات المخصصة لكل طرف. من شأن هذا التنسيق أن يساعد في تجنب المشاكل المالية المتعلقة بتوزيع الإيرادات النفطية.

وكذلك يتطلب الوضع في العراق اتخاذ إصلاحات اقتصادية شاملة تهدف إلى تقليل العجز المالي مثل تحسين الجباية الضريبية ومكافحة الفساد في المؤسسات الحكومية وتحسين الإدارة المالية . يمكن أن تساهم هذه الإصلاحات في ضمان استدامة صرف الرواتب.

وينبغي على اقليم كوردستان التقليل من الاعتماد على النفط والتوجه ايجاد مصادر بديلة للتمويل الاقتصادي والمالي. فالثقة بين أربيل وبغداد ستبقى على المحك حتى تثبت بغداد لاربيل أنها تتعامل مع الشعب الكوردي على أساس المواطنة والمساواة والعدالة.

قد يعجبك ايضا