هادي جلو مرعي
غالبا ماكان الحديث يجري عن أهمية الحوار المتبادل، وعدم الذهاب الى حال من التصعيد في البحث عن الحلول، أو التأكيد على شرعية موقف طرف مقابل آخر في المعادلة العراقية، وخاصة العلاقة بين الحكومتين الإتحادية وإقليم كردستان، ولعل تسمية القضايا العالقة أرجح وأفضل من تسمية القضايا الخلافية لأن مغادرة تكرار الحديث عن الخلافات، والعيش في ظلها مهم للغاية في إطار الشراكة بين المكونات والقوى الفاعلة في إدارة الدولة، فليس من المعقول تحويل الملف السياسي والإقتصادي الى عبء يقع ثقله على المواطن العادي الذي يتحمل الكثير من المتاعب في سبيل تلبية متطلباته، ومن أمثلة ذلك أزمة رواتب موظفي الإقليم التي مضى عليها سنوات عدة، وكلما وصل الأمر الى ساحة الحل تعقد ثانية، وصرنا نسمع عنه الكثير من اللغط والنقاش، وتبادل الإتهامات التي سرعان ماتنتهي الى وضع من التفاهم، والتأكيد على ضرورات الحل الذي يخدم الأطراف جميعها.
الخبر الجيد الذي تداولته وسائل الإعلام والمنتديات السياسية لأشهر طويلة يقول: أقرّ البرلمان العراقي تعديلاً في الموازنة العامة يسوّي خلافًا بين الحكومتين الإتحادية و إقليم كردستان حول تسلّم نفط الإقليم، ما قد يسهّل استئناف تصدير هذا النفط المتوقف منذ قرابة عامين، وبحسب التعديل، ستستأنف كردستان تصدير النفط عبر شركة تسويق النفط التابعة للحكومة الإتحادية (سومو) كما حدّد تكلفة استخراج ونقل كل برميل نفط من كردستان بـ16 دولارًا لمدة 60 يومًا وخلال ذلك سيقوم مستشار دولي متخصص بتحديد هذه التكلفة من كل حقل على حدة، وإن لم يتم ذلك، سيقوم مجلس الوزراء بتحديد التكلفة.
وقال نواب عراقيون لوسائل إعلام عربية: إن البرلمان أقر، تعديلًا في الميزانية يهدف لتعويض شركات نفط دولية تعمل في إقليم كردستان، من أجل تسوية نزاع واستئناف الصادرات النفطية من الشمال وتسريع وتيرتها، وأضافوا أن المعدل في خطة التعويض هو 16 دولارًا للبرميل. وكانت المادة الـ12 في الموازنة الثلاثية التي صوّت عليها مجلس النواب في 12 يونيو/حزيران عام 2023 تنص على منح الشركات النفطية العاملة في إقليم كردستان 6 دولارات عن كل برميل مستخرج، وهو ما تم رفضه حينها من قبل الشركات الأجنبية العاملة في الإقليم، وترى تلك الشركات أن احتساب كلف إنتاج متساوية لبرميل النفط في الإقليم وبرميل النفط في جنوب العراق، أمر غير ممكن خصوصًا أن حقول النفط في كردستان العراق تقع في مناطق صعبة وجبلية وكلفة الإنتاج فيها أكثر من كلفة الإنتاج في الجنوب، ووفقا للتعديل الجديد، تلتزم وزارة المالية الاتحادية بتعويض الإقليم عن النفقات السيادية المرتبطة بإنتاج ونقل النفط المسلم إلى شركة تسويق النفط (سومو) أو وزارة النفط الاتحادية.
الطريق الواصل بين بغداد وأربيل طويل نسبيًا، ومايزال بحاجة الى الترميم بالحلول الناجعة التي تمنع تكرار الحوادث، وهناك الكثير مما يمكن مناقشته في مجالات عدة ليست مرتبطة بتصدير النفط وحسب، بل بإدارة الدولة وفق سياقات مهنية وقانونية تلتزم بإحترام حقوق الجميع دون إستثناء.