ارهاصات بيئية.. هل يعجز العراق عن التوصل الى وسائل مستدامة لإنتاج الكهرباء؟

 

صادق الازرقي

يتخبط العراق في توفير الكهرباء لسكانه منذ نحو عشرين عاما في اقل تقدير، كما ان الوعود التي دأب وزراء الكهرباء والمعنيون بشؤونها على اطلاقها مع كل حكومة جديدة، تذهب دوما ادراج الرياح، ولا ينفع الحديث المعسول عن تصدير الكهرباء او الاكتفاء الذاتي في توفير حتى الحد الادنى من تلك الخدمة التي لا غنى عنها للحياة.

وحتى الدول الصغيرة بدأت تصدر الكهرباء وتخزنها الى وفي دول متعاظمة السكان مثلما تفعل الامارات مع دولة  مثل الفلبين.

ومن المعلوم ان وسائل انتاج الكهرباء تطورت كثيرا بفعل التقدم العلمي وما عادت كالسابق، اذ كانت تجري بأساليب بدائية متخلفة، لم يزل العراق يلجأ اليها ومنها توليدها بالغاز المصاحب الذي يفشل في استغلاله فيحرقه ويستورد بدلا منه من ايران او دول أخرى.

وتشمل التقنيات الحديثة  لإنتاج الكهرباء من الطاقة النظيفة طائفة متنوعة من البدائل، منها استغلال الطاقة الموجية بتحويل حركة الأمواج إلى طاقة كهربائية، و كذلك استعمال   حركة المد والجزر لتشغيل التوربينات.

وكذلك تحويل ضوء الشمس مباشرة إلى كهرباء بوساطة الألواح الكهروضوئية، و تركيز أشعة الشمس لتوليد حرارة عالية تدير توربينات بخارية، واستعمال  توربينات الرياح لتحويل الطاقة الحركية للرياح إلى كهرباء، وكذلك   توليد الكهرباء من قوة المياه المتدفقة أو الساقطة.

وتشمل البدائل تحويل المواد العضوية مثل النباتات والفضلات إلى طاقة حرارية أو كهربائية، واستغلال   الحرارة الداخلية للأرض لتوليد البخار وتشغيل التوربينات.

ومن المعلوم ان أسس تلك الأساليب متوافرة في العراق؛ فهل عدمنا طرق انتاج الكهرباء بالوسائل النظيفة لنظل متمسكين بتوليدها بالوقود الاحفوري الملوث للبيئة و الخطير على الصحة؟

ان الوسائل الحديثة لإنتاج الكهرباء التي ذكرنا قسما منها    نظيفة ومتجددة و لا تنتج تلوثا أو انبعاثات ضارة، وتعتمد على مصادر لا تنفد، و  يمكن استغلالها في مناطق متنوعة بحسب الظروف المناخية والجغرافية، كما انها  مستدامة  تسهم في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري وتخفيف آثار تغير المناخ.

وكذلك فإنها تقترن بتحديثات متواصلة وفقا للتطورات العصرية التي تؤدي الى تحسين كفاءة الألواح الشمسية وتوربينات الرياح، و تخزين الطاقة ومنها الكهربائية بتطوير بطاريات تخزين الطاقة النظيفة الكبيرة واستغلالها عند الحاجة، و ربط مصادر الطاقة المتجددة المتعددة مع شبكة الكهرباء.

وهنالك جملة من العوامل المؤثرة والمشجعة على انتشار هذه التقنيات منها  تنافسية التكلفة مع مصادر الطاقة التقليدية؛ وتوفر الدعم الحكومي على وفق السياسات والحوافز التي تشجع الاستثمار في الطاقة النظيفة و  توفير البنية التحتية المطلوبة لتوزيع الطاقة النظيفة.

ويشهد العالم تحولا نحو الطاقة النظيفة، اذ تسعى عديد الدول إلى زيادة الاعتماد عليها، و من المتوقع أن تستمر تكلفة الطاقة النظيفة في الانخفاض، وأن تزداد أهميتها في مزيج الطاقة العالمي.

فلماذا يشذ العراق عن اللجوء الى تلك البدائل النظيفة برغم توفر جميع الإمكانيات من الشمس المشرقة والمياه والرياح فضلا عن تواجد المواد العضوية والنفايات؛ ولماذا يصر المسؤولون المعنيون لدينا بشؤون الطاقة ومخرجاتها لاسيما في مجال انتاج الكهرباء على استعمال وسائل عفا عليها الزمن واستيراد متطلباتها من الخارج بدلا من استغلالها في داخل البلد؟

قد يعجبك ايضا