د.نادية الجدوع*
التحوّلات الدولية شهدت وتشهد متغيرات واضحة في منطقة الشرق الاوسط من الصراعات والتحالفات القائمة في المنطقة، على مدار العقد الأخير من تحوّلات ستراتيجية في سياسات النظام الدولي في المنطقة ، التي وَضعت المنطقة العربية في حالة من الانتقال وعدم الاستقرار، وباتت مرتبطة بالتفاعلات الدولية وعلاقات الفاعلين بعضهم ببعض.
والتغيرات في القيادة السياسية، قد تفتح المجال أمام مبادرات جديدة للحل السلمي أو تزيد من احتمالات التصعيد. في إسرائيل، قد يكون لتغير الحكومات أو السياسات الداخلية تأثير كبير على نهج التعامل مع الفلسطينيين ولبنان. وكذلك التدخلات الإقليمية والدولية خاصة من قبل إيران والولايات المتحدة ودول الخليج والاردن. اما على صعيد التغيرات الاجتماعية والاقتصادية: في فالفلسطينيين واللبنانيين يواجهون تحديات كبرى تتعلق بالفقر، البطالة، والتهميش. من المتوقع أن تستمر هذه الأوضاع في تغذية مشاعر الغضب والاستياء، مما يزيد من احتمالات استمرار العنف، الذي يرتكز على ضرورة تحسين الظروف المعيشية كعامل رئيسي لمعالجته،اما التحديات الاقتصادية الهائلة التي يواجهها، بما في ذلك انهيار العملة وأزمات الطاقة، تزيد من هشاشة الوصع الراهن.
وقد يكون هناك تدخل دولي أكبر في السيناريوهات المستقبلية، لحل الصراعات خاصة في حال اندلاع حرب شاملة. قد تلعب الأمم المتحدة أو القوى الكبرى، مثل الولايات المتحدة ودول الاتحاد الاوروبي وروسيا دوراً أكبر، في التوصل إلى تهدئة دائمة أو فرض حلول دبلوماسية في السيناريوهات المستقبلية وتجميد الصراعات ،بتسوية سياسية مدعومة دولياً: قد يحدث سيناريو إيجابي يعتمد على تسوية سياسية شاملة تدعمها قوى دولية وإقليمية، مع تقديم حوافز اقتصادية وإصلاحات سياسية. مثل هذا السيناريو قد يتطلب تغييرات جذرية في القيادة أو توجهات سياسية جديدة في كل من إسرائيل ولبنان.
والمعركة بين إسرائيل والفلسطينيين ولبنان تظل محركًا رئيسيًا للصراعات الإقليمية في الشرق الأوسط، الذي يشير إلى أن مستقبل هذا الصراع يعتمد على مجموعة من العوامل المتشابكة، من التحولات العسكرية، الديناميات السياسية، الأوضاع الاقتصادية، والدور الإقليمي والدولي والتصعيد العسكري الشامل والتسوية السياسية، مما يعكس مدى تعقيد القضية وأهميتها في ديناميكية الستراتيجية ودور الفاعلين.
القوى الإقليمية تتمتع بنفوذ داخل منطقة جغرافية محددة، قد يصل إلى الهيمنة، استنادا إلى قدرات اقتصادية وعسكرية وسياسية وأيديولوجية، تمكنها من تشكيل أجندات الأمن والسياسة في الإقليم، وتتبنى استراتيجيات تسعى إلى خلق الولاء والتبعية بين الدول المجاورة. كما تؤثر بنسب متفاوتة في السياسة الدولية، ولكن بمستوى أقل من القوى العالمية.
قد تروج القوى الإقليمية لبعض النماذج الأيديولوجية أو الثقافية أو السياسية التي تشكل المعايير والسياسات الإقليمية.
والمصالح الاستراتيجية: غالباً ما يكون للقوى الإقليمية مصالح استراتيجية في الحفاظ على الاستقرار والنظام داخل مناطقها، ما يدفعها إلى تدخلات أو دعم أنظمة أو سياسات معينة.
والتحالفات الإقليمية المنافسة: من العوامل الأساسية التي تحدد مستوى أي قوة إقليمية هو مدى قدرتها على العمل المنفردة في الإقليم في مواجهة أي دولة أو تحالف منافس. في حين تبقى تفاعل القوى الإقليمية باستمرار مع الديناميكيات العالمية، للتأكيد على مكانتها، وضمان ألا تشكل السياسات الدولية المنطقة بما يعارض مصالح القوى الإقليمية.
فالدولة التي لديها الموارد والإمكانات الكافية، يمكن أن تحاول تشكيل “منطقتها” وفقًا لمجالات القضايا ذات الأولوية.
الضرورات: وهي ما يجب أن تمتلكه الأمة حتى تظل آمنة.
القيود: المفروضة على الدولة، والتي لا يمكنها تغييرها.
مصادر القوة: (اقتصادية، وعسكرية، وسياسية، ومعنوية/أيديولوجية) اللازمة لتأمين الضرورات والتعامل مع القيود وبقاء النخبة الحاكمة في السلطة، يمثل الأولوية في تشكيل سياسة الدول الخارجية. أي إن السياسة الخارجية تعتبر في المقام الأول ووسيلة للبقاء ومصدرًا بديلاً للشرعية الداخلية. ولذلك؛ فإن تقدير أنظمة إقليمية بأن سلطتها المحلية مهددة من قبل جيرانها، شكّل محركا رئيسيا للسياسة الإقليمية منذ انطلاق الثورات العربية. وزاد من حساسية هذا الأمر أن الشرق الأوسط يمثل حالة مثالية لهيكل الأمن الإقليمي.
*خبير ستراتيجي