كامل سلمان
كانت حساباته بعد إسقاط نظام بشار الأسد أنه سيصبح هو الأسد الذي يستطيع أن يفترس الكورد في شمال شرق سوريا على أعتبار سوريا والحكومة السورية أصبحت تحت إمرت أردوغان وأصبح حلم القضاء على قسد والمعارضة الكوردية قاب قوسين أو أدنى ، لكن جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن ، فبعد سقوط نظام بشار الأسد وجدت الحكومة الإنتقالية التي يقودها الثوار السوريون أنفسهم في مأزق أمام المطالب الدولية ببناء نظام ديمقراطي حر من ناحية ومن ناحية ثانية مطالب الأقليات بنظام فيدرالي عادل ومطالبة قوى المعارضة الأخرى بحكومة علمانية بعيدة عن الدين والحزب الواحد ، وهذا يعني بأن أمام حكومة الثوار السوريين طريق طويل لحل مشاكل الداخل لذلك فلا نستغرب من تصريحات السيد أحمد الشرع المسؤول الاول في الثورة السورية بأن سوريا غير قادرة في الدخول بأي صراع عسكري حالياً وعلى المدى المنظور خاصة بعد أن تحطمت الآلة العسكرية السورية بفعل الضربات الإسرائيلية المستمرة ، أما الحلول السياسية ستحتاج إلى شد وجذب قد تستمر لسنين طويلة من عمر النظام الجديد لأجل حلها وإعادة الحياة لهذا البلد المدمر المنهك اقتصادياً وعسكرياً وأمنياً ومجتمعياً ، فلذلك نقول بأن الحكومة السورية المؤقتة والقادمة لا تفكر بشن أية حرب ضد الكورد وستعمل على المهادنة في أقل تقدير مع الكورد ، فهنا خسر أردوغان رهانه الأول ، بالتأكيد سيفكر باللجوء إلى رهانه الثاني بتحريك بعض الفصائل المسلحة الموالية لتركيا لتحقيق الحلم الأردوغاني ، جميع الفصائل المسلحة أنهكتها الحروب والأبتعاد عن الأوطان والأحباب لفترات زمنية طويلة فهي على ابواب بناء سلطة سلمية واعادة الشعب السوري للسلام والأمان بدل الحروب وأكيد ستكون غير مستعدة للدخول في معارك ليست لها بها ناقة ولا جمل ، حتى وإن تحركت هذه الفصائل تثاقلاً ضد الكورد ستجد حتماً الكورد في احسن حالاتهم وجاهزون للقتال دفاعاً عن أرضهم وعن كيانهم ، والكل يعرف قوة الكورد اليوم يحسب لها الف حساب من حيث العدة والعدد والروح المعنوية ، أما القوات التركية فهي عاجزة أن تحسم الأمور بنفسها عسكرياً ، ليس لضعفها ولكن لحرصها في عدم تجاوز الخطوط الحمر المرسومة لها دولياً فقد تلقت التحذيرات الأوربية والأمريكية بعدم السماح لها بخوض المعارك مباشرة مع الكورد فبذلك تم قطع الطريق أمام أردوغان بالتحرك ضد كورد غرب كوردستان ، فلم يتبقى أمام أردوغان لتحقيق أهدافه سوى إعادة تنظيم داعش الإرهابي إلى الحياة وهنا سيجد التحالف الدولي بالمرصاد ، فالتحالف الدولي أساساً متواجد في المنطقة للقضاء على الإرهاب الداعشي ، إذاً حسابات أردوغان كانت خاطئة ، فنشوة النصر بإسقاط الأسد بالنسبة لأردوغان أصبحت غصة وجاءت نتائجه عكسية ، فقد أعطى أردوغان من حيث لا يدري دفعة قوية للكورد في شمال شرق سوريا نحو الإستقلال وأنقلب السحر على الساحر ، ، المشكلة التي زادت الطين بلة على الأتراك هو أن الحكومة العراقية كانت قد رحبت بوجود قوات سوريا الديمقراطية على أمتداد أكثر من مئتين كيلو متر من الحدود العراقية السورية وأعتبرت تلك المسافة الحدودية مأمنة ضد الإرهاب وضد فصائل المعارضة السورية وضد جبهة النصرة ، وهذا يعني استحالة تعاون الحكومة العراقية مع أردوغان في الإطاحة بقوات سوريا الديمقراطية خاصة بعد أن أصبح واضحاً للحكومة العراقية تدخلات تركيا الغادرة بالشأن السوري . فهل سيحمل أردوغان الرئيس الأمريكي القادم دونالد ترامب نتائج سوء حساباته إيحاءاً منه بأن الولايات المتحدة الأمريكية عرقلة مخططاته أم أنه سيضطر لزيارة أربيل مجدداً لمساعدته على إيجاد حل يحفظ له ماء الوجه بعد أن أساء التقدير وأخطأ الحساب ؟ سنرى ذلك في قادم الأيام .