حتى لا يتسيد قانون ساكسونيا

*فاضل ميراني
قديما و في تطور بشع للطبقية، كانت العقوبات السالبة للحياة و المؤذية للبدن، تقع على اجسام العوام، وعلى ظلال النبلاء، كان هذا في ساكسونيا الالمانية، و منها اخذ القانون اسمه.

في تطور مسيرة القانون لا يمكن تبرءة المشرع من الهوى او الظلم او الفساد او القصور.

الطبقية لم تختص بها بيئة مجتمعية دون غيرها، لكنها تركزت في مجتمعات بذاتها مثلما تجسدت في التعامل السلطوي و بكل صنوف السلطة، حتى في سلطات ادعت و تدعي اختصاصها بالجانب الايماني، و مصاديق هذا المفهوم كثيرة، وكثير منها لا زال يمارس طبقية من نوع بعيد عن العدالة.

في مسيرة البشرية و هي مسيرة تطور و عناء و شيء من تقدم، في هذه المسيرة اندثرت اعمار و هدمت بيئات بفعل الجهل او التجهيل او الاصرار على ارتكاب الجريمة، فمنذ الدرس الاول الذي تنقله الاديان عن اول عصيان ارتكبه الانسان البالغ العاقل المختار المكلف، كان طموح الخلود عنوانا بمعنى ما للطبقية، ولعل ابلغ و اقدم اجابة انسانية على محالة ذلك ما ورد في جانب من اسطورة گلگامش لما عاد و قد خسر عشبة الخلود، اذ خفف كلام عجوز عن نفسه بنصيحة و توضيح: الخلود للالهة.

ضبط جماع

مذ عرف الانسان طعم التملك، داخله شعور قلق مبهم نادرا ما تمكن من ترجمة مؤداه حتى يتمكن من ضبط جماحه الجانح نحو التكتل مع اشباهه في السلوك المجتمعي، لذا نجد ان المصلحين كانوا دوما قلة في العدد، و نجد ان المصلحة الفئوية التي تفرزها رغبات الربح على اي حساب، جاهزة لكل انواع التجييش لضرب اي توجه اصلاحي.

ماهي الصورة المتخيلة و المتحصلة من الخضوع لقانون جائر مثل قانون ساكسونيا التاريخي؟

طبقة دنيا خلقها المجتمع المتطور يساوي في العقوبة لكنه يبتدع تطبيقا مخزيا لما تنال الطبقة العليا او فردا منها، فعقوبة الاعدام تنال الفرد فيقطع رأسه فيما يقطع رأس النبيل عبر ضرب ظله، فأي ازدواجية بشعة تلك؟.

ساكسونيا تخلصت من وصمة هذا القانون، لكن اللاحقين لم يخجلوا ان يعيدوا هذا المذهب السلوكي و يجعلوا منه نصا مطورا للظلم المقنن، ذلك ان القاعدة القانونية اما ان تكون موجهة للكافة او لا داعي، فالاضرار بسمعة القانون عبر جره لتغليف السلوك الاعوج هو بعين بشاعة تفسير النصوص السماوية وفق الاشتهاء.المواطنة المختلة الحقوق و الواجبات هي ايضا تشبه الظلال القاتمة للقانون سيء الصيت الذي تكلمت عنه و تكلم عنها قبلي و سيتكلم عنها غير كثيرون، غير اني اتحسس و اجس في ذاكرتي و امام حاضري ممارسات من تقنين الجور الذي يبدر من المؤتمنين المفترضين على مصالح المواطنة العراقية بحيث يصار التطبيق للقانون على ملايين الناس شبيها بصولة الاسود و على المحصنين بقوى فئوية كما النعام. اخطر ما في القانون ليس فقط ان يتجسد مفردا بعنوان يكرس الظلم، بل ان ينظر عند تطبيق القاعدة الى العنوان الفردي للشخص، فأن كان من العوام طبقوه عليه و ان كان من طبقة اخرى عطلوه.

العدالة هي: وضع الشيء في موضعه.

*مسؤول الهيئة العاملة للمكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني

قد يعجبك ايضا