نبذة عن الشاعر الكبير معروف الرصافي

 

متابعة التآخي

تعريف

يعتبر الشاعر معروف الرّصافيّ واحداً من أشهر الشعراء والكتّاب العرب الذين شاركوا في ترسيخ قواعد الفكر الحضاريّ الحديث، حيث ترك وراءه إرثاً عظيماً تنوّع بين النثر، والشعر، واللغة، والأدب عامة، وقد أهّله هذا الإرث إضافة إلى التجارب الحياتيّة التي اكتسبها أثناء مروره بالعديد من البلدان لأن يكون خير مَنْ يقود راية الإصلاح والتجديد بين كتّاب وشعراء عصره، فقد أجاد الرصافي من خلال أشعاره التي كانت متميزة بالشكل والمضمون من وصف مظاهر الحياة التي عاشها شعبه، وبرع في نقل الأحداث التي مرّ بها عصره، سواء أكانت اجتماعيّة أم سياسيّة، وقد امتازت هذه الأشعار بالسلاسة، وظهر فيها اهتمام الشاعر بالقوافي الموسيقيّة وبصياغة الألفاظ.

وُلد الشّاعر معروف الرصافي عام 1875م ببغداد في منطقة الرّصافة، وتلقّى دروسه الابتدائيّة في الكتاتيب، والمدرسة الرّشيدية، ولكنّه لم يستطعْ الحصول على الشهادة، فترك المدرسة والتحق بدروس العلّامة محمود شكلي الآلوسي، وخلال فترة تلقيه الدروس كثّف جهوده في دراسة علوم اللغة العربية والمنطق، وبعد أن أكمل الرصافي تعليمه، وأتقن اللغة العربيّة عمل محرراً في عدّة أماكن، ومن هذه الأماكن جمعية الاتحاد والترقي، ومجلة “سبيل الرثاء”، ثم انتقل بعد ذلك للعمل في مهنة تدريس للغة العربيّة في عدّة مدارس عراقيّة، ومنها السلطانيّة، والوعاظ.

تقلّد الرصافي بعد ذلك منصب نائب الرئيس للجنة الترجمة والتعريب، وفي عام 1923م تولّى إصدار جريدة “الأمل” اليوميّة، واستمر في التنقل بين الوظائف المختلفة حتى أُسند إليه منصب المفتش العام في المعارف، وأصبح مدرساً للغة العربيّة وآدابها في دار المعلمين، ثمّ انتقل بعد ذلك لرئاسة لجنة الإصلاحات العلميّة، وفي عام 1927م استقال من جميع الوظائف الحكوميّة، وانتُخب عضواً في مجلس النواب العراقيّ خمس مراتٍ، وقد توفيّ الرصافي في مسقط رأسه في بغداد عام 1945م، وقبل وفاته كتب وصيّته التي قال فيها: “كل ما كتبته من نظمٍ ونثرٍ لم أجعل هدفي منه منفعتي الشخصيّة وإنما قصدت به منفعة المجتمع”.

شاعرية معروف الرصافي

اكتسب الرصافي شهرة واسعة بلغت الآفاق بفضل القصائد والأشعار التي نظّمها، إذ لم يترك غرضاً من أغراض الشعر إلا وتناوله؛ فنظم شعراً في المدح، والفخر، والرثاء، والغزل، والهجاء، وعاصر الرصافي الشاعر جميل صدقي الزهاويّ وتبارى معه في الهجاء فترة من الزمن، وسعى للمزج بين العلم والأدب، وإلى نشر ما اكتسبه من نظريات وعلوم، ولكنّه لم ينجحْ في ذلك، إلا أنّه أجاد طرح المواضيع السياسيّة والاجتماعيّة، وصوّر ببراعة مشاهد الشقاء والبؤس وحالات الفقر التي كان يعاني منها المواطن العراقي، وكانت هذه الصور الشعريّة مستمدة من عمق الواقع الاجتماعي البائس آنذاك؛ فنادى بالتغيير، ونبذ الجهل، ونشر العلم، ومناصرة قضايا المرأة، والقضاء على التعصّب الطبقي والظلم، وإنصاف الطبقة البائسة، ورغم شعوره الوطني المتأجج إلا أنّ أسلوبه كان خالياً من العاطفة، وسعة الخيال، وقوة التعبير.

ورغم ثورته على كل قديم إلا أنّ هذه الثورة اتّصفت بالهدوء، وممّا قاله في هذا الصدد: “أمّا التقليد إن كان في الأمور العقلية قبيح فهو في المسائل الأدبيّة أقبح”.

 

 

معروف الرصافي شاعر الاجتماع

قام الرصافي الشاعر والمفكّر بدور المصلح الاجتماعي في المجتمع الذي عاش فيه؛ ناقداً للظروف الحياتية المحيطة به، وداعياً إلى إصلاحها، وقد أشارت الصحافة العربيّة إلى أنه مبتكر الشعر الاجتماعيّ، وذلك بعد نشر ديوانه الأول، وحظيت المرأة بصورها المختلفة، سواء أكانت أمّاً، أم حبيبة، أم أديبة، أم امرأة محسنة تساعد الفقراء والمحتاجين، أم مناضلة تدافع عن وطنها بنظرة الاحترام والتقدير لدى الرصافي، حيث نادى في أشعاره إلى ضرورة رفع شأنها ومكانتها؛ باعتبارها النصف المكمل للرجل في المجتمع، ونظراً لأهمية المرأة البالغة عنده الرصافي أصبحت مصدراً لإلهامه، فقد كان يستمد منها أفكاره ونتاج شعره لأنّها برأيه بهجة الحياة، ومصدر للإبداع، ورمزٌ للجمال المطلق.

قد يعجبك ايضا