لطيف دلو
لدينا مثل كردي يقول ” اثر الاقوال على المرأ اعمق من الفعل نفسه ” لذالك اود ان اعرض اقوال لاشخاص كان لهم دور اساسي في سياسة الدولة والتي سمعناها على لسان عامة الناس وقرأناها على صفحات الكتب والمجلات ولم تأخذ العبر منها من قبل االحكام ولا العراقيين انفسهم وهي بصدد تكوين المجتمع العراقي وسياسة الحكم غير الموفقة التي اسستها قوات الاحتلال في فتنة دمج ثقافات مختلفة في دولة واحدة لمعاداتهم لها أثناء احتلالهم المنطقة بقوة السلاح كإنتقام لم يعد بعده التئام ولم تعاملها مع الخليجين لكونهم مساندين لها في الاحتلال ، لو اطلعتم على سجل تاريخ الوزارات العراقية للكاتب عبدالرزاق الحسني لعرفتم الكوارث التي لحقت بهذا الشعب مما سببت للعراقيين آنذاك وحاليا من سفك دماء وهدر اموال الدولة لشراء السموم والاسلحة للقتل فيما بينهم ، كانت تكفي لاكساء ارض العراق بالذهب وإسكان كل عراقي في ( فيللا ) مرموقة وعمل يصون الشخصية العراقية باعلى من جميع دول المنطقة ومن تلك الاقوال –
قال الملك فيصل الاول ، اول من اعتلى كرسي الملكية في العراق عن مهامه ( اقول وقلبي ملآن أسى ، أنه في اعتقادي لايوجد في العراق شعب عراقي بعد ، بل توجد تكتلات بشرية خيالية خالية من أي فكرة وطنية ، متشبعة بتقاليد واباطيل دينية ، لا تجمع بينهم جامعة ، سماعون للسوء ، ميالون للفوضي ، مستعدون دائما للانتفاض على أي حكومة كانت ) وتعود أسبابه إلى السياسة التي اتبعها المستعمر في تاسيس هذه الدولة كما نوهت عنها آنف الذكر .
وصف الدكتور على الوردي وهو كان استاذا في جامعة بغداد عن اهتمام الشعب العراقي بحدة الوعي السياسي ويقول ( لعلني لا اغالي إن قلت الشعب العراقي في مرحلته الراهنة هو من اكثر شعوب العالم إن لم يكن اكثرها ولعا بالسياسة وإنهماكا فيها فكل فرد فيه تقريبا هو رجل سياسة من الطراز الاول ، فأنت لا تكاد تتحدث إلى بقال او عطار حتى تجده يزن لك البضاعة وهو يحاورك بالسياسة او يسألك عنها ، وقد يحمل الحمال لك البضاعة فيحاول في الطريق ان يجرك الى الحديث في السياسة وهو يزعم أنه لو تسلم مقاليد الامور لاصلح نظام الحكم بضربة واحدة ، وفي مجال اخر وصف العراقيين بأن لديهم قيمتان ، قيمة حضرية وقيمة بدوية ، ويعتقد بأن هذه الصفة قد خلقت التعصبية القومية والطائفية لدى الفرد العراقي حيث لم نجد منهم حاكما واحدا حاول ترويض تلك الثقافات نحو هوية وطنية واحدة لجميع المكونات وتوزيع ثروات البلاد بالمساوات ويكون الشخص المناسب في المكان المناسب دون المحسوبية والمنسوبية بل كانوا بمستوى سياسة البقال والعطار والحمال الذين اشار اليهم الدكتور الوردي وشطروا العراقيين الى فئتين واحدة في فلل فاخرة تتجمع السيارات الفارهة في باحاتها والاخرى يتسابقون وراء سيارات الزبالة في مواقع الطمر الصحي ليرتزقوا منها وأشد منها الفتنة الاثنية بإختلاف انواعها.
قال نوري السعيد الباشا عندما كان رئيسا للوزراء في العهد الملكي في مشادة او حوار كلامي مع منتقد له قد سماه بالدكتاتور في رئاسته وأجابه محذرا إياه ( اسمع حجايتي هذه ، أنا ما قاعد على كرسي رئاسة مجلس الوزاء ، بل قاعد على ” سبتتنك ” وستزكمكم ريحتها بزوالي ) ، وبزواله خرجت منها الاقتتال وسرقة ونهب المال العام والخاص والفتنة القومية والطائفية ووصلت الى الهجرة واللجؤ الداخلى والخارجي وعدم الامان والاستقرار الى يومنا هذا .
اثناء محاكمة اعوان السلطة الملكية بعد سقوطها ومن اشهر جلساتها محاكمة وزير الداخلية سعيد القزار لشجاعته التي ابداها ولا نظيرة لها في رده على الاتهامات الموجهة له أمام الجمهور وعلى الهواء مباشرة وسمعت من احد مشاهدي التلفزيون انذاك ، بأن محاكمته كانت مثيرة للجدل واستغرب الجميع من جرأته وشجاعته في رد رئيس المحكمة واعضاءها وعند قراءة قرار المحكمة باعدامه فقد قال ( أقف اليوم وارى الموت مني قاب قوسين اوادنى ، ولا ترهبني حبال المشنقة وعندما اصعد عليها وارتفع فوق رؤسكم سأرى تحت قدمي كثير ممن لايستحقون الحياة ) والى اليوم يشهد المعمرين من كبار السن بنزاهته وتفانيه ورعايته الفقراء بتاسيس مؤسسة الاعاشة لبيع الخبز باربعة فلوس واعتراضه على شركة كات ( بزون ) التي كانت تبلط طريق كركوك السليمانية عن النقص الحاصل في عرض الشارع بسنتمرات واجبرها على اكمالها وفق الشروط ومن اشهر صفاته كان معاديا للاقطاع لصالح الفلاحين وله مواقف شخصية عن ذلك ، حيث اعدم تحت ضغط الشيوعيين لانه كان يعاديهم لانتماءهم بإعتقاده الى دولة لا صلة لها بالعراق ومكونات شعبه .
لو كان لتلك الاقوال النابعة من صراع الاحداث الدائرة في هذه الدولة عبرة أو يعظة لدى اي من ترأس العراق لكان اليوم لاتضاهيها دولة في ارجاء المعمورة في التقدم والازدهار ، لانها موجهة الى كل حاكم ومواطن ، ولكن غلبتها الاطماع الشخصية والفئوية من تولي السلطة من مذبحة اسقاط النظام الملكي وما بعدها من انقلابات وحروب ومذابح داخلية بشعارات وطنية محقة ارادوا بها الباطل واوصلوا العراق الى ما نحن فيه اليوم .
العراق يمتلك ثروات أساسية للدولة المتقدمة قد يسبق الزمن ، إن توج بقيادة رشيدة ، آخذة اليعظة من صراعاة الاحداث الماضية لخلق شعارالعراق اولا ونهج الهوية الوطنية للجميع ، ولكن الى متى ؟ .