صادق الازرقي
مع اولى بوادر الامطار الشتوية، غرقت العاصمة بغداد في تجمعات المياه التي اثرت على حياة السكان في التنقل، وفي تراكم تجمعات المياه حتى في داخل منازل كثيرة.
وحين تجري المقارنة ويقال ان مدنا اخرى مثل دبي مثلا قد تعرضت الى موقف مشابه، فان تلك المدينة واجهت في تلك الحالة عواصف واعاصير، اما امطار العراق الاخيرة فيمكن القول انها كانت غير غزيرة جدا، واستمرت لمدة قصيرة، ما يلقي الضوء على فشل البنى التحتية العراقية في مواجهة أي طارئ مناخي.
ان للأمطار والفيضانات تأثير واسع على حياة السكان، اذ تؤدي الأمطار الغزيرة والفيضانات إلى تغييرات كبيرة في حياة السكان، وتؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على شتى جوانبها.
ان من الآثار المباشرة لذلك، الخسائر في الأرواح والممتلكات، اذ قد تتسبب الفيضانات في غرق المنازل وتدمير الممتلكات، مما يؤدي إلى خسائر مادية كبيرة ووفيات.
ويجبر الفيضان كثيرا من الناس على ترك منازلهم والبحث عن مأوى في أماكن أخرى، كما تؤدي الفيضانات إلى تلوث مصادر المياه وزيادة انتشار الأمراض المنقولة بالمياه مثل الكوليرا والتيفوئيد.
وتتضرر الطرق والجسور وخطوط الكهرباء والمياه، مما يعطل الحياة اليومية ويصعب عمليات الإغاثة.
اما الأضرار الاقتصادية فتشمل تأثر الزراعة والصناعة والسياحة بشكل كبير، مما يؤدي إلى خسائر اقتصادية فادحة.
وفضلا عن ذلك يعاني الناجون من الفيضانات من صدمات واضطرابات نفسية؛ وقد تتسبب الفيضانات في تغييرات كبيرة في النسيج الاجتماعي للمجتمعات المتضررة.
وتلجأ الدول المتقدمة لتقليل آثار الفيضانات، الى اتخاذ عديد الإجراءات الاحترازية، منها أنظمة الإنذار المبكر، التي تساعد في إجلاء السكان قبل وقوع الكارثة، كما تلجأ الى بناء السدود والجدران، لحماية المناطق المنخفضة من الفيضانات، وتتجنب البناء في المناطق المعرضة للفيضان.
كما تلجأ الى نشر الوعي بتعليم السكان كيفية التعامل مع الفيضانات واتخاذ الاحتياطات المطلوبة.
ان الاساليب الرئيسة المطلوبة من السلطات العراقية المعنية لمواجهة موجات الامطار والفيضانات بما انها تمتد لموسم قصير، وتشمل فصل الشتاء بدرجة رئيسة، تتمثل بتطوير البنى التحتية للمناطق السكنية، وايقاف السكن العشوائي والبناء في المناطق المنخفضة، والتسريع في انجاز الخدمات للمناطق غير المخدومة لاسيما في أطراف المدن.
كما تشمل المواجهة تكثيف عملية بناء السدود والخزانات الصغيرة والكبيرة في المناطق المعرضة للسيول والفيضانات وبخاصة في المناطق الحدودية، للاستفادة من المياه المتدفقة وخزنها لأوقات الحاجة.
كما تشمل المعالجات، اقرار سياسة طوارئ لتنفيذها فورا عند الحاجة بدرء مخاطر الفيضان عن المدن وليس بانتظار الموسم المطري وانبثاق المشكلة ثم رفع العقيرة بالشكوى بعد ذلك؛ ويمكن الاشارة هنا بحسب الوقائع الى فيضانات شرق العراق التي تتكرر في كل موسم شتوي تقريبا، التي تشمل محافظات، ديالى وواسط وميسان، نتيجة سقوط الأمطار في الجانب الإيراني المرتفع، ما يؤدي إلى انحدار المياه لتندفع بقوة على المناطق العراقية المنخفضة.
ويفترض ان تتوفر سياسة فاعلة لاستقبال تلك المياه في ايام الوفرة وتوجيهها ضمن سياسة مائية محسوبة الى اماكن الخزن، وعدها مصدرا للوفرة وتنشيط الزراعة في اوقات شح المياه في صيف العراق القاسي، بدلا من ان تكون وبالا على السكان وتهديدا لحياتهم واستقرارهم.