مؤيد عبد الستار
حفلت رواية تسفير أو قصة تسفير الطويلة والتي فند الاديب الشاعر عبد الستار نور علي كونها رواية قصيرة، باحداث مهولة جرت بحق شريحة من ابناء الشعب العراقي هي شريحة الكورد الفيليين.
تعرضت هذه الشريحة الى عملية ابادة جماعية جرت احداثها عام 1980 فتم تهجير الاف الاسر الكوردية من بغداد ومدن الوسط والجنوب الى ايران بدعوى ان اصولهم ايرانية وهم في الحقيقة من سكان العراق القدماء الذين تشمل مناطق سكناهم ايران والعراق والتي قسمت وفق الخرائط التي وضعتها بريطانيا وتركيا وايران في اتفاقيات جائرة قسمت القبائل والاسر بين بلدان عدة .
تناول العديد من الكتاب رواية تسفير وكشفوا ابعادها ودلالاتها ، ومن بين الكتاب الذين يستحق اعادة ما سطره قلمه ، الزميل طلال شاكر في مقاله ادناه الموسوم:
قراءة أولى لقصص (تسـفـير)
طلال شاكر
( تسفير )عنوان المجموعة القصصية التي اصدرها الكاتب مؤيد عبد الستار مؤخراً ، ومن احداها استوحى اسم مجموعته التي حوت حكايات وقصصاً متنوعة. وكانت القصة القصيرة تسفير الاكثراً تعبيراً والاهم في رمزيتها ومضمونها ومعالجاتها وشخوصها وجغرافيتها من بين قصصه..
تسفير في معناها الاشمل هي التقاط لحلكة الصراع بين المسافة اللانهائية لحرية الانسان وتلفيقات الحدود المصطنعة واستحضارلمعنى متواتر لعمق الانتماء في ملاحمه وسردياته. انها قصة الاغتراب ورفض الاقرار به، هي فكرة النفاذ نحو طلاسم بعدُ الهوية واشكالية الولاء كماتخيلها الجلاد واستوحتها الضحية. انه التصارع الازلي برمزيته ووجعه بين الطغيان والمقاومة. فمجرد اصرار جوامير عبور الحدود والعودة الى مدينته ومسقط راسه وصباه الى حبيبته وذكرياته هو رفض متقد لمراسيم الجلاد وجبروته ، انها انتفاضة الروح ضد القهر والتغريب وألاستعلاء. انها عودة الطائر الملتاع الى ربوعه وموطنه ومنشأه بلااذن وأستئذان.. جواميرهو ترميز وثيمة لكل حر لايستسلم لقدره وحظه العاثر. تسفير وجوامير هي الدلالة الخضراء والمعنى الابدي لالتصاق الانسان بمنبته الذي ولد وعاش فيه.
السفر هو الحرية هو الرغبة الحرة والتجديد المشع لمشيئة الانسان بلاقيود وموانع نحو الافاق المفتوحة، هذا هوتعريفه في قاموس الانسانية، فحرية السفر جزءاً من كرامة الحياة وحركتها الدائبة، لكن ان يجبرالانسان على السفر ويسفر تسفيراً الى بقعة لاينتمي اليها ولايرغب فيها مجرداً من وجوده واحلامه وانتمائه غريباً متغرباً، يوحي هذا بالكثير ويستنطق الصخر الاصم صراخاً واحتجاجاً.. كانت دلالة تسفير ايجازاً لمحنة موجعة وتوصيفاً لسبي شاق ومهين وغادر نطقت وعبرت عنه بايحاءات ممضة تجاوزت سردية المحنة وتفصيلاتها المباشرة ومواقفها القاتمة، هي قصة بلازمن متتابع، لكنها تجسيداًحقيقياً لرواية نابضة اجلاها الواقع وسجلتها فصول التاريخ.انهامحنة الاكراد الفيلية سكان العراق الاصليين وعقيقه المضيء في أوج عذاباتهم، حين اجبروا في تغافل لئيم وغادر على الجلاء والتسفير من وطنهم ايام الطغيان البعثي المنفلت الوحشي في ادواته والمخزي في اساليبه الجائرة ،انها مأساة كل من هجر وسفر قسراً من تلك الجماعات القومية الاصيلة في لحظة انفلات شوفيني متوحش اهدرت فيها الكرامة والحياة.. في قصة تسفير تراقصت الرموز والايحاءات في بانوراما متواترة مستفزة لتنجز مستدركات الحركة والقلق والاحلام، وهي تتجاوز الخوف والحواجز والالم نحو ضفة الانتماء والجذور وبهذا التجلي والتماهي تكون قصة كل انسان حر يأبى الرضوخ والاستسلام لسادية الجلاد وامره الواقع. لقد وظف الكاتب مؤيد عبد الستار الكثير من احاسيسه وخياله بأستدراك ممتد ليرسم ظلالا بهية منسوجة من الوان الحياة الزاهية في مشاهد ومواقف يعتصرها التوتر والفزع وتتجاذبها دهاليز الغوامض ويقطعها نصل النكوص خلال مغامرة العودة التي يخوضها جوامير الى ارضه، اذ ترامت فيها سرديات جذابة ومفارقات ممتعة ووصف يقظ محمول على أجنحة التصور والخيال وهو يتابع انسياب ابطاله خطوة بخطوة رغم النهاية المجهولة لبطله جوامير وهو يتامل بعيره الذي يسير امامه دون وجهة معلومة. لنؤجل موقتاً مستحثات النقد وتقنياته لنعاين ماهومكشوف ومترامي في قصة تلاعبت بأذيالها مرارةالحقيقة وجنوح الخيال لاستدراك بدا موجعاً وملهماً في تفاصيله هذا ماعبرت عنه حكاية تسفير كما تاملها وغزلها الكاتب مؤيد عبد الستار…
……………………………………………………..
* رابط الكتروني لقصة تسفير