الاعتراف بالمحررين الإلكترونيين يحدث انقساما في نقابة الصحافيين المصرية

 

التأخي / وكالات

انقسم أعضاء نقابة الصحافيين حول مسألة الاعتراف بالمحررين الإلكترونيين ومساواتهم معهم في الحقوق والواجبات وسط توقعات بأن يتصاعد الجدل ويؤثر على توجهات أعضاء المجلس الحالي .

 

وأحدث قرار نقابة الصحافيين المصرية بفتح طلبات القيد للصحافيين العاملين بالمواقع الإلكترونية بجداول “المنتسبين” انقساما واسعا بين أعضائها، فهناك من يؤيدون الخطوة ويعتبرونها تطورا طبيعيا لانتشار المواقع الإلكترونية وتزايد العاملين فيها، وثمة رؤية مقابلة تراها بداية لمنح عضوية النقابة لأشخاص قد لا تكون لديهم صلة بالعمل الصحفي، كما يتخوف أصحاب هذه الرؤية من سحب بعض الامتيازات الحكومية المقدمة لهم، في مقدمتها بدل التدريب، وقيمته نحو مئة دولار شهريا .

ووجد مجلس النقابة نفسه في مأزق لأنه هدف من الاستجابة لضغوط عديدة مارسها العاملون في المواقع الإلكترونية إلى إيجاد صيغة تضمن حمايتهم أثناء ممارسة المهنة، لكنه اصطدم بقطاع من أعضاء الجمعية العمومية يرى أن الخطوة بحاجة إلى نقاش لا يقتصر على قرار صادر من مجلس النقابة، لأن هناك خلافا داخليا بين أعضاء المجلس حول فتح باب الانتساب لمحرري المواقع الإلكترونة .

وقرر مجلس نقابة الصحافيين تفعيل نص المادة الـ12 من قانون النقابة بفتح طلبات القيد بجدول المنتسبين، وتشكيل لجنة لوضع لائحة للقيد بالجدول، تضمن توفير مظلة نقابية لممارسي المهنة الحقيقيين، وحماية النقابة والمهنة من منتحلي الصفة، وتشكيل لجنة لفحص أوراق الحاصلين على قرارات من لجنة القيد الاستئنافي في آخر جلستين للجنة، للتأكد من استكمال أوراقهم واستيفاء الشروط القانونية المنظمة للقيد .

وتعد هذه المرة الأولى التي يجد فيها نقيب الصحافيين خالد البلشي (محسوب على المعارضة)، نفسه أمام حالة انقسام منذ أن جرى انتخابه قبل عام ونصف العام، وقبل ستة أشهر من الانتخابات المقبلة، إذ حظي برضاء الجزء الأكبر من الجمعية العمومية بما في ذلك من يخالفونه في التوجهات السياسية، ما قاد النقابة إلى استقرار نسبي .

وتركزت مطالب الصحافيين العاملين بالمواقع الإلكترونية على فتح باب القيد لهم أسوة بالعاملين بالصحف الورقية الحاصلة على تراخيص محلية، غير أن ذلك يتطلب إدخال تعديل على قانون النقابة الذي يواجه جمودا في كل مرة يجري الحديث عن تعديله، ومن المفترض أن يكون محل نقاش في المؤتمر العام السادس الذي لم يتم تحديد موعده بعد أن كان من المقرر انعقاده في أكتوبر الجاري .

ويواجه المؤتمر رؤى مختلفة بشأن مجموعة من القضايا المهنية المتعلقة بمستقبل الصحافة الورقية وإمكانية قيد العاملين بالمواقع الإلكترونية في جداول المتدربين ثم المشتغلين ومخاوف من عدم وجود توافق حول تعديلات مواد النقابة التي جرى وضعها منذ سبعينات القرن الماضي، ما يضع مجلس النقابة الحالي الذي يهدف إلى كسب ثقة أعضاء الجمعية العمومية لاستعادة حضور النقابة على المستوى المجتمعي والسياسي، أمام سهام النقد التي تؤثر عليه سلبا في الانتخابات المقبلة .

وأوضح نقيب الصحافيين السابق يحيى قلاش أن تصاعد الجدل وسط الجماعة الصحافية يرتبط بتوقيت اتخاذ القرار بعد الانتخابات المقررة في مارس المقبل، وأن ذلك انعكس على مواقف بعض أعضاء مجلس نقابة الصحافيين الذين عدلوا آراءهم مع حالة الرفض من بعض أعضاء الجمعية العمومية، وأن البعض ينظر إلى ما يدور من انقسام بأنه قد يحقق مكاسب لطرف ما أو خسائر لآخر وفقا لأفق ضيق، لكن في كل الأحوال يبقى الحوار الجاد حول المشكلات المهنية داخل النقابة أمرا جيدا .

 

وأضاف” أن قضية القيد من القضايا التي تستحوذ على أهمية كبيرة بالنسبة للصحافيين، وهذه ليست المرة الأولى التي يتصاعد فيها الجدل، وأن تاريخ النقابة شاهد على مشكلة مماثلة مع فتح باب القيد للعاملين بالصحف الحزبية ثم السماح بالشركات المساهمة التي تمثل الصحف الخاصة بعد أن كان القيد مقتصرا على الصحف الحكومية حتى بداية ثمانينات القرن الماضي، وفي النهاية انتصرت تطورات المهنة، ومن المهم أن لا تكون هناك موجات عدائية ضد أشخاص بعينهم .

وشدد على أن فتح المجالات أمام الصحف الحزبية والخاصة سمح بتطور مضامين المحتوى الصحافي بوجه عام، ومن المفترض أن يتكرر الأمر مع فتح باب القيد للمحررين العاملين بالمواقع الإلكترونية، وأن نقابة الصحافيين عليها مواكبة سوق العمل وأن لا تكون مجرد فلكلور تاريخي ليست له قدرة على تعدد الوسائط الرقمية بمجال الإعلام، مع أهمية حفاظ النقابة على الحقوق والضمانات والتقاليد المهنية التي لا تفتح أمام منتحلي الصفة للانضمام إليها بشكل رسمي .

وذكر قلاش أن قرار مجلس النقابة، وما تمخض عنه من جدل، يجعل من قضية قيد الصحافيين الإلكترونيين في يد الجمعية العمومية التي عليها الفصل في القضية، ما يجعل هناك مخاوف من وجود تربص بالمجلس الحالي، وعلى النقابة مراعاة جميع الآراء وتبدد المخاوف من تبني أي خطوة في غفلة من الجمعية العمومية .

 

 

ودافع نقيب الصحافيين خالد البلشي عن قرار مجلسه بالتأكيد على أن قانون الصحافة والإعلام المصري ينص على حماية حرية الصحافة والإعلام وضمان استقلالهما، وأن الهدف توفير الحماية لمن يمارسون مهنة الصحافة في المواقع الإلكترونية، وأن القرار تفعيل لنص مادة موجودة في قانون النقابة، لكن طريقة تطبيقها مطروحة للنقاش بالمجلس من خلال لجنة سيشكلها لوضع ضوابط على لائحة القيد بجدول المنتسبين .

ويتفق العديد من الصحافيين على أن المشكلة الحقيقية حول الجدل الدائر تتمثل في عدم وجود ثقة كبيرة من أعضاء الجمعية العمومية حول وضع ضوابط تضمن عدم تسلل غير ممارسي المهنة إلى النقابة، وأن المشكلات التي تتكرر بشكل مستمر بشأن قيد الصحافيين في الإصدارات الورقية والتشكيك المستمر في لجان القيد وما يسفر عن ذلك من قرارات توجد قناعة بأن الخطوة ستسهم في إضعاف النقابة على المدى البعيد .

وأشار رئيس لجنة استقلال الصحافة (حقوقي) بشير العدل إلى وجود معضلة قانونية تسهم في الانقسام الحالي، لأن المادة الـ12 من قانون نقابة الصحافيين الذي يحمل رقم 76 لسنة 1970، تتيح الانتساب للصحافيين الأجانب الذين يعملون في صحف عربية أو مصرية ولا يحصلون على الجنسية في مصر، وكذلك المصريين غير الممتهنين للصحافة لكن لديهم إسهامات كتابية، ولم يحدد القانون المتدربين بالمواقع الإلكترونية ضمن فئات الانتساب وهؤلاء من المفترض أن يكون لهم الحق في الحصول على عضوية كاملة بعد تعديل قانون النقابة .

قد يعجبك ايضا