محــمـد نعنـــاع
حدد زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني بدقة أولويات الحزب لخوض انتخابات برلمان اقليم كردستان، لان الاولويات بحد ذاتها تعد مشروعاً سياسيا متكاملاً، لا تتحق باقي الاستحاقات وتسد الاحتياجات الا بتطبيقه، ومن هذه الاولويات بل على رأسها بدون منازع هو اعادة مركز الاقليم السياسي الى ما كان عليه من قوة قبل التفتت الممنهج الذي تعرضت له المركزية الكوردية على المستوى الاتحادي، وعلى مستوى إدارة الاقليم وتنمية مؤسساته على نحو تشاركي يعتمد على تلبية المتطلبات القومية، وتكون للاحزاب السياسية الحظوة الكبرى في إدارة الوضع العام كما هو واقع الديمقراطية في العالم، وليس الادارة على نحو الإقطاعيات كما تسعى بعض الاطراف الكوردية الاخرى التي بدأت حملة دعائية هي الاولى من نوعها تخللتها اتهامات التخوين والاتهام بالتخلي عن جزء من الامة الكردية اثناء اجتياح داعش لنينوى ومحافظات ومدن اخرى. ويعتبر البارتي أن هذه الدعاية الانتخابية التي يقوم بها الطرف الاخر، ليست دعاية استقطابية هدفها كسب الأصوات ومغازلة بعض الشرائح الاجتماعية، وانما هي دعوة مبكرة لبناء مناطق نفوذ خارج السيطرة القانونية، لذلك عالجها رئيس الحزب الديمقراطي مسعود البارزاني بمحاولة وأدها عن طريق التعريف بها والتهديد بضربها في معاقلها بوصفها (بتحالفات المافيات والارهاب)، وهذا الوصف يجعل الاولوية الاولى في الانتخابات البرلمانية تستمد قوتها من التطهير الاستراتيجي للفوضى حسب ما قاله البارزاني، وهذه المهمة ليست مهمة سهلة، ومن غير المتوقع ان لا تمر بدون تحديات وتهديدات لمصالح الديمقراطي الكردستاني، أو لا تأخذ بعداً تكتيكياً كتخفيض التصعيد الحالي المتزامن مع الانتخابات، ولكنها ستبقى هدف محدد بدقة للوصول اليه عبر عدة أليات منفردة ومركبة.
يتوقع قادة الديمقراطي الكردستاني مصاعب كثيرة في حال فوزهم بمقاعد كثيرة في البرلمان، فضلاً عن اكتساحهم للاحزاب الاخرى، لان في طيات الخطاب الدعائي للبارتي تركيز على تحالف المنافسين الاخرين مع اجندات داخلية وخارجية تستهدف تسلل نفوذات مغايرة قومياً وايديولوجياً للاقليم، ويصر البارزاني كسياسي مخضرم وخبير في فهم المعادلات السياسية ان برلماناً واحداً وقوات بيشمركة واحدة هي فقط من يمكنها ان تنأى بالاقليم عن مشهد التقسيم وهيمنة المتخادمين الاقليميين، ولا يكتفي الديمقراطي الكردستاني بتوضيح هذه الاجندات بل يمارس دبلوماسيته المؤثرة في نسج علاقات مغايرة في المنطقة وخارجها، وهذا الفعل السياسي والدبلوماسي بقدر أهميته لوضع الاقليم واحياناً يستفيد منه العراق بالكامل، لكنه ايضاً يفرض على الديمقراطي الكردستاني أثمان كبيرة كضرورة تقديم تسهيلات لشركات دولية بالعمل في الاقليم وغيرها من التبعات المختلفة، فلو كانت قوى الاقليم منسجمة وجميعها مراعية لمصلحة الاقليم العليا لما فرضت إرادات اقليمية ودولية بعض المحددات السياسية والاستثمارية والامنية على الاقليم، وهذا هو الداعي الاكبر الذي يجعل من الدعاية الانتخابية للديمقراطي الكردستاني في انتتخابات برلمان الاقليم ذات ابعاد استراتيجية.