الأمية وانعكاساتها السلبية على السلوك الاجتماعي

 

 

الجزء الثاني

فؤاد الكنجي

انتشار الأمية في المجتمع توسع المسافة بين المجتمع والتحضر

الفقر والحرمان والعوز المادي. من أهم الأسباب التي تدفع بالأهالي عدم مواصلة أبنائهم التعليم؛ فظاهرة عمالة الأطفال المنتشرة في العراق يجب إيقافها لان لها الأثر الكبير في ترك التلاميذ مقاعد الدراسة أو عدم الالتحاق بالمدرسة؛ ولابد من خلال التعاون المشترك بين الإباء والجهات ذات العلاقة وبالأخص وزارة التربية ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية و وزارة العدل و وزارة الداخلية و وزارة التخطيط  وتكليف وزارة التربية بتفعيل قرار صرف مخصصات الدراسة للتلاميذ والطلبة في جميع المراحل الدراسية لتخفيف من وطأة الظروف الاقتصادية التي تعاني منها الأسرة العراقية، لان الأمية وانتشارها في المجتمع توسع المسافة بين المجتمع والتحضر، فما تعاني الأوساط الشعبية التي ينتشر فيها الأمية.. والجهل.. والعاطلين عن العمل .. والفقر.. والعوز.. والمرض..  يجعل من هذا الوسط غير قادر من التحاق بقطار التحضر.. والتقدم في كافة المجالات خاصة في مجال التربية والتعليم ، بينما تتقدم بقية الأوساط الاجتماعية بخطى واثقة نحو الرفعة والتطور والازدهار، فعدم تمكين الآباء والأمهات من المهارات الاجتماعية ساهم بشكل مباشر وغير مباشر في عدم تربية جيل واعٍ يمتلك قدرا من المسؤولية والالتزام بمبادئ وقيم المجتمع لغياب الإرشاد الصحيح في  بناء أساس نفسية قوي وراسخة في ذات الأبناء؛ لذلك نجد شيوع عادات سيئة وتصرفات غير مسؤولة ولا تمت للمجتمع بصلة، حيث أصبحت عرفا برغم كونها دخيلة على مبادئ وقيم وأخلاق وبيئة الاجتماعية، وهنا لا أقدم أمثلة لأننا لسنا بحاجة إلى ذلك؛ كوننا نعيشها تفاصيلها، وهذه التربية الغير السليمة لعبت دورا سلبيا بتأثيرها المباشر بتشكل الأمية الاجتماعية وتربية الأجيال تربية سيئة وغير مسئولة وتعليمهم العادات الخاطئة التي تبدأ بذرتها من البيت الأمي اجتماعيا، وهنا يبدأ الدور الحقيقي للأسرة في معالجة الظواهر السلبية التي تطهر في سلوك وتصرفات أبنائها؛ والتي تصبح ملاحظات غير مرغوب فيه على الأبناء ويكمن في متابعتهم بصورة دائمة دون وضعهم في دائرة العنف والتأنيب الزائد والمراقبة المقيتة, الأمر الذي يولد لديهم نفورا وتباعدا عن تلك المعالجات، وهذا يتطلب الكثير من الثقافة العامة من أجل السير بأبناء هذه الأوساط إلى بر الأمان خاصة في مرحلة المراهقة .

محو الأمية أهم الأنشطة الفاعلة لنهضة المجتمع

أن الاهتمام بالموارد البشرية من خلال التعليم وأفاق المعرفة لهو من الأهمية فـي دفع عجلة التقدم وتحضر المجتمع؛ باعتبار أن الإنسان هو الثروة الحقيقية والعامل الأساسي للدولة فـي هذه المعادلة، والإنسان لا تكمن إنسانيته إلا إذا كان متعلما وملما بأبسط مهارات المعرفة, لان تطور وتنمية المجتمع وتحضره ونهضة الدولة في أي مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لا تعتمد فقط على العلوم والمعرفة والاهتمام بالتعليم الأكاديمي وإنما تنسحب اهتماماتها على محو أمية الأفراد وتعليمهم وتأهيلهم لكي لا يبقى فردا واحدا في المجتمع أمي فالتعليم والتعلم فن الحياة؛ ليتم النهوض بهم إلى ما يتم تحقق الأهداف المرجوة منهم؛ فلا سبيل للقضاء علي الأمية إلا من خلال إلزامية التعليم وحق التعليم وإلزاميته لكافة أفراد المجتمـع من خلال مراكز محو الأمية باعتبار محو الأمية وعملية تعلم من أهم الأنشطة الفاعلة لنهضة المجتمع وتطور البلاد بكونهما يساهمان في رفع الوعي الاجتماعي والتفكير النقدي البناء ويدفعان المجتمع والأفراد إلى أفق من التحـرر الفكـري والثقافي الذي يؤدي إلى تحرير الإنسان من الجهل ويتجه لأفاق تحرر طاقاته الإبداعية ومهاراته في كل مجالات الحياة؛ لأن محو الأميـة تمثـل مؤشرا أساسيا لنجاح خطط ومشروعات التنمية في أي بلد من بلدان العالم، لان الأمية هو السبب الرئيسي في إحداث اغلب المشاكل التي تحدث بين الأفراد والجماعات والناتجة عن سوء الفهم لامية الفرد وهذا ما يعمق الاختلاف المجتمعي ويحوله إلى مجتمع غير منسجم ضعيف ومنقسم على ذاته .

 

قد يعجبك ايضا