كردستان وأهميتها في رسم الخرائط والمشاريع المستقبلية

 

 

بير رستم

تركيا وأردوغان خائفين من قضيتين تشغلان السياسة التركية عموماً منذ فترة طويلة؛ أولاً القضية الكردية بحيث ينعكس أوضاع إخوتهم في كل من روژآڤا وإقليم كردستان على الأوضاع في الداخل التركي وبالتالي انقسام تركيا لإقليمين؛ كردي تركي! أما القضية الأخرى والتي ربما باتت مؤخراً أخطر من القضية الكردية نفسها، والتي شغلت بال كل الحكومات التركية، وهي فقدان تركيا لموقعها الجيوإستراتيجي حيث كانت تستغل موقعها ضد الغرب كمنطقة عبور ترانزيت تربط بين الشرق والغرب، والمشاريع الأخيرة بربط الهند بالشرق وصولاً لأوروبا أو ما يسمى مؤخراً ب”ممر داوود” سوف تفقد تركيا ذاك الموقع الجيوإستراتيجي وبالتالي تفقدها أهم أوراق الضغط على الأمريكان والأوروبيين.

 

وهذا ما أكدنا عليه قبل سنوات وقلنا؛ إذا أراد الأمريكان تحجيم تركيا ودورها بالمنطقة فيجب إفقادها هذه الخاصية والبحث عن بدائل أخرى وهذه كانت واحدة من الأسباب التي دفعت أنقرة لاحتلال مناطق كردية في سوريا وذلك بهدف قطع الطريق على الممر الذي يربط إقليم كردستان وكركوك بالبحر المتوسط عبّر روژآڤا (الشمال السوري).. نعم تركيا على خلاف حقيقي في هذه المرحلة مع كل من إسرائيل والأمريكان والأوروبيين وخطابات أردوغان ليست بروباغندا دعائية، بل تعبير حقيقي عن مخاوف تركيا من المشاريع الغربية الأمريكية والإسرائيلية الجديدة حيث أردوغان يدرك بأنه فقد ثقة هؤلاء به وبتركيا وخاصةً بعد أن كشف الأحمق عن أحلامه وطموحاته في إعادة “أمجاد الدولة العثمانية” وتحالف مع كل من إيران وروسيا ضد أمريكا وحلفائها الأوروبيين، فكانت الحماقةالأكبر له، كما غزو صدام للكويت، والذي سيجعله يدفع الثمن غالياً!

 

باختصار؛ التغيير سوف يشمل كل من تركيا وإيران وأذرعهم الميليشاوية حيث الشرق الأوسط الجديد بممراته ومعابره التجارية -طريق الحرير الجديد- يحتاج لحلفاء وليس أعداء للأمريكيين والأوروبيين وإسرائيل والتي ستكون أقوة دولة في المنطقة وشرطي الحراسة على تلك الممرات؛ أي إسرائيل، أو لنقل القاعدة العسكرية الغربية المتقدمة في المنطقة وربما تصبح كردستان شريكة لهم، إذا عرف القادة الكرد أين يكونون ومع من يتحالفون ولذلك قلنا أكثر من مرة؛ علينا أن لا نختار الطرف الخاسر والضفة الخاطئة، كما فعل أجدادنا حينما وقفوا مع هذه الدول والكيانات الغاصبة ضد المشاريع الغربية الاستعمارية حينها، أو بالأحرى الاستثمارية، حيث خسرنا بلدنا وجغرافيتنا بعد أن استفرد بنا هذه الدول الغاصبة ولذلك علينا أن نكون جزء من التغيير والمشروع الشرق الأوسطي الجديد والكبير!!

 

بالمناسبة كل هذا السلاح والعتاد الأمريكي الذي يجلب إلى القواعد الأمريكية في شمال وشرق سوريا، ليس إلا لحسابات مستقبلية لحماية هذا الممر التجاري؛ طريق الحرير الجديد أو طريق الطاقة الحديث ولاحظوا الرسم البياني لتلك القواعد في شمال وشرق سوريا والتي هي بمثابة نقاط إرتكاز لذاك الممر الذي سيربط تلك المنطقة مع إسرائيل وبجوار الحدود الأردنية، لنتأكد بأن كل هذه القواعد ليست إلا أبراج لحماية الممر التجاري القادم؛ ممر داوود أو طريق الحرير الجديد أو بالأحرى طريق الطاقة بين الشرق والغرب وأمام تركيا أحد خيارين؛ إما الانضمام للمشروع كعضو في النادي الناتوي -حلف الناتو- مع تغيير سياساتها، أو تقسيم تركيا لتصبح شمال كردستان إقليماً فيدرالياً على غرار إقليم كردستان وتحت الحماية الغربية الأمريكية وبالتالي الوصول للبحر المتوسط وأوروبا، فهل سيختار السياسيين الكرد مجدداً الضفة الخاطئة ويتحالفون مع غاصبي كردستان، أم يصبحون جزء من المشروع الأمريكي الأوروبي الإسرائيلي والعربي الخليجي ويحققوا حلمهم في بناء كردستان حرة ديمقراطية.. هنا السؤال المصيري والذي سيحدد ليس فقط مستقبل شعبنا وقضيتنا، بل وجودنا التاريخي والحضاري أيضاً!

قد يعجبك ايضا