مهند الصالح
ضعف البناء الدستوري والسياسي للدولة أدى إلى ضعف الهوية الوطنية وهذا ما دفع المواطن ان يبحث عن هوية فرعية للحصول على مكاسب ومغانم من خلال هذه الهوية الفرعية انتماء مذهبي او قبلي او قومي
إشكاليات الهوية الوطنية ، كانت على الدوام تظهر مع فشل الدولة في أداء مهمتها ، خاصة مع إصرارها على إضفاء (الهوية) الفرعية للفئات الحاكمة وجعلها مقياساً للوطنية ما يحدث شروخات وتصدعات في الجسد الوطني تؤدي غالباً إلى صراعات تناحرية تعيق أو تلغي تبلور مفهوم الهوية الوطنية .
لكن مايميز ذلك المفهوم ، يكمن في قدرته على التكامل بل وقد يتعداه إلى نسبة من الإكتمال كلما قطع البلد شوطاً في البناء الحضاري، وهو ماتعجز عن تحقيقه الهويات الفرعية كلّ بمفردها
ان المحاصصة السياسة اليوم في العراق المعاصر، ومنذ سقوط سلطة البعث ما بعد عام ٢٠٠٣، محاصصة المناصب والسلطة ومركز القرار، يمكن اعتبارها كأوضح دليل على عدم وجود هوية وطنية حقيقية واحدة، بل هي تؤشر لوجود الهويات الفرعية الاقوى سواء القومية او الدينية والمذهبية بل إن هذه المحاصصة ارست قواعد الهوية الفرعية وعمقتها وزادت من تهميش صورة الهوية الوطنية العراقية الواحدة. فاليوم يخشى كل مكون من ان ينفرد مكون اخر سواء اكان مكونا قوميا او دينيا او مذهبيا، بالسلطة والقرار والثروة والاعلام والتعليم، خوفا ان يحتكر هذا المكون المغانم والمصالح اوالمنافع ويقصرها على جمهور مكونه وقياداته فقط، ويقصي جميع المكونات الاخرى ويهمشها او حتى يضطهدها او يعرضها للقتل والتشريد والاعتقال او الانتقام. ولهذا فأن كل مكون ومن خلفه ممثليه وقادته يحاول اقحام نفسه في السلطة كي يحمي نفسه ووضعه السياسي و الاجتماعي من هيمنة واضطهاد المكونات الاخرى. بل حتى الحركات او التيارات داخل المكون ذاته اصبحت تخشى التهميش بعضها من بعض فأخذت تتصارع فيما بينها للتسلق على السلطة والقرار والنفوذ كي تأمن اولا تهميشها من قبل تيار او حزب اخر داخل ذات المكون العرقي او المذهبي وخوفا من انتقامه او مطاردته وكذلك هي في ذات الوقت تعمل على محاولة الهيمنة على السلطة ومركز القرار كي تنتقم هي ايضا من ذاك التيار او الحزب وتضطهده وتطارده.