شكرا لبعض المواقف واحذروا .. بيوتكم من زجاج

 

 

محمد زنكنة

في الخامس والعشرين من سبتمبر الماضي، بدات الحملة الانتخابية للدورة السادسة لانتخابات برلمان كوردستان، بداها الديمقراطي بحضور الرئيس مسعود بارزاني ونائبيه واغلب قياداته وجمهور غفير من مؤيدي الحزب، واستهل الديمقراطي الحملة باحياء الذكرى السابعة لاستفتاء استقلال كوردستان، هذا الحدث الذي بين الاصيل من غيره للجميع، واثبت للجميع من الذي يفكر في اطار المصلحة العامة ومن الذي فضل مصلحته الشخصية الضيقة على حساب المطلب الجماهيري لشعب كوردستان، واثناء الكلمة التي القاها الرئيس، اكد على العديد من الامور المهمة والتي لخصها في العديد من النقاط، وجميعها حثت على الالتزام بالمنافسة المؤدبة والاخلاق السياسية وعدم الاكتراث للتصريحات التي تطلق هنا وهناك، وعدم اطلاق الوعود المبالغ فيها، ولم ينس الرئيس مقولة البارزاني الخالد: بان كل كوردي مخلص، وكانه عضو في البارتي، وان لم ينتمي.

 

 

 

وبعد ايام من بدء حملة الديمقراطي، كانت الحملة الرسمية للاتحاد الوطني الكوردستاني والتي بدات وبكل تاكيد بالتهجم على البارتي، اولا، باتهام حكومة اقليم كوردستان (والاتحاد الوطني شريك فيها)، بالدكتاتورية والانفراد في اتخاذ القرارات وتهميش راي الاتحاد، في حين ان وزيرة الزراعة والموارد المائية والمنتمية للاتحاد صرحت وبحضور رئيس حكومة اقليم كوردستان (وهو نائب رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني)، بان المكتسبات التي تحققت اثناء فترة الكابينة التاسعة لحكومة اقليم كوردستان، لم يشهدها الاقليم في عهد الكابينات السابعة وخصوصا في مجال السدود والمشاريع المتعلقة بالزراعة والموارد المائية.

 

واسترسل السيد طالباني في كلمته ليشير الى وجود فساد في مؤسسات حكومة الاقليم وتاخر المشاريع واعاقة تنفيذها وبتعمد، واختفاء مبالغ كبيرة من العائدات المحلية في الاقليم، في حين، ان الاتحاد الوطني والذي كان يردد ويكرر بان اللامركزية هي الحل الامثل لادارة امور مؤسسات حكومة الاقليم، وهو امر تبنته الكابينة التاسعة في برنامجها الحكومي وقبل انتخابات الدورة الخامسة لبرلمان كوردستان في عام 2018، ومن نتائج هذه اللامركزية، ان محافظتي اربيل ودهوك تصدرتا اعداد وجودة ونوعية المشاريع التي نفذت على مستوى الاقليم والعراق، في حين ان محافظة السليمانية وحلبجة مازالت تعاني من رداءة الطرق الخارجية والشوارع.

 

ثم تحدث كاك بافل عن خلافات في صفوف الديمقراطي، وهو شخصيا يعلم جيدا بان لا اساس من الصحة لاي حرف من كلامه ، وكانه يريد الهاء الناس عن حادثة الاستيلاء على بناية مؤسسة (جاودير) والتي يتراسها السيد ملا بختيار قبل ايام من بدء الحملة، والمواقف التي تبنتها القيادة الحالية لحزب السيد بافل تجاه القيادات المخضرمة، والانشقاقات التي حصلت ومازالت مستمرة من قياديين واعضاء وفي ظرف حساس يمر به الاقليم، وبعد اقل من ساعة من الاحتفالية الاولى، انتشر مقطع الشجار بين السيد بافل واحد ابناء عمومته، وفي المحصلة، يكون الاستنتاج : ان الجميع يعلم بان مايتحدث عنه السيد طالباني ماهو الا تصدير للازمة العميقة التي يعاني منها هذا الحزب، والحالة التي يرثى لها والظروف القاهرة التي تهدد استمراره.

 

السيد طالباني كرر ولاكثر من مرة، بانهم سيسقطون هذا الحكم، وهنا لابد ان نتسائل : هل يقصد اسقاط حكومة اقليم كوردستان؟ وما البديل لهذه الحكومة؟ واين الحل ان حقق حزبه هذا الهدف؟ فان كان من الطبيعي ان تتغير الحكومة عن طريق الانتخابات، المظاهرات، الاقالة، الاستقالة، والتغيير هنا للتشكيلة، للوزراء اي للافراد، وليس للمؤسسة، فان كان الهدف هو اسقاط المؤسسة، هنا ساقول لك: STOP يا ابن العم، هذا الامر غير مقبول نهائيا، ومهما كانت انتقاداتي كثيرة وقاسية، هذا لا ولن يعني ان اؤمن بان الحل هو اسقاط المؤسسة، هذا الامر كان ايضا هدفا لبعض الساسة في عام 2002 ، ومع بدء الجانب الامريكي بالعمل على اسقاط النظام السابق، لكنه لم يتحقق باصرار من الرئيس مسعود بارزاني، ومن الواضح بان التاريخ يعيد نفسه بكل التفاصيل، والحق دوما هو بالمرصاد.

 

كان صوت السيد بافل عاليا وبشكل غريب، لا علاقة له باية سياسة، والتوتر وعدم التوازن كان واضحا، وهذا الامر ذكرني بمن كانوا يصرخون في الحملات الانتخابية السابقة، وانتهى الامر الى صراع تشوبه المناوشات المسلحة بين فترة واخرى، وبهذا الصوت العالي، كأن ابن العم يريد ان يرسل رسالة استغاثة للحزب الديمقراطي شخصيا لانقاذه من امر معين، لان كل ماتحدث به كان هجوما على هذا الحزب في حين ان الانتخابات تعني وجود برامج يتضمن اهدافا تتحول الى مشاريع تشرع داخل البرلمان وتنفذ عن طريق الحكومة، لكن الموضوع اخذ منحى اخر غير مفهوم ولا علاقة له ابدا بمنطق الانتخابات.

 

وبعد التمعن الى كل ماسمعت، ومقارنته بالواقع، لابد من الاعتراف بان كل ماقيل، من الالف الى الياء، لايمت للحقيقة باية صلة، بل يصيب المستمع بشعورين متناقضين مابين خيبة الامل لعدم نضوج فكرة المعارضة والنقد السياسي، وفرح وارتياح، لان كل من يريد ان يواجه الحزب الديمقراطي، سيواجه جدارا صلبا تتحطم امامه كل التطلعات التي تستهدف وجود الاقليم وصيغته وصلاحياته الدستورية ومستقبل هذا الشعب.

 

لذلك من الواجب، ومن المهم ان يتقدم كل من ينتمي للحزب الديمقراطي الكوردستاني، بجزيل الشكر والامتنان، لقريبي السيد بافل طالباني (واقول قريبي، لان عائلته تنتمي لعشيرة الزنكنة، واود ايضا ان اؤكد على اننا مهما اختلفنا، سنبقى اقارب تجمعنا المئات من المشتركات، ومنها هذه الارض التي لاترحم من يخونها)، نتقدم له بجزيل الشكر لانه غير اراء من كانوا يريدون مقاطعة العملية الانتخابية، وان لم ينتموا للديمقراطي، الى الاصرار للمشاركة والتصويت لهذا الحزب، لخلاص الاقليم وانقاذه من الخطر المحدق به بسبب مواقفكم من الوضع السياسي، اشكرك ياسيد بافل، لانك جعلت الكثيرين يتمسكون وبكل استماتة بالمباديء التي امنوا ومازلوا يؤمنون بها، وساهمت في مزيد من التوضيح للصورة الحقيقية للوضع السياسي في اقليم كوردستان، والتي بينت من الذي يسير على الطريق الصحيح، ومن الذي يتآمر على هذا الشعب، شكرا لموقفك الذي تسببت من خلاله بتضاعف ايمان واعتقاد الالاف من المنتمين للديمقراطي، بان انتقاداتهم لكل مايتعلق بالوضع في الاقليم وملاحظاتهم، ماهو الا في اطار الاخلاص لتجربة تريدون بيعها بابخس الاثمنان، على العكس مما تؤمنون به، لان كل من انتقد او ابدى اية ملاحظة، اما طرد او هدد او استهدف جسديا من قبل مسلحين مجهولين كما حصل مع اكثر من شخص في صفوف حزبكم.

 

نعم، قريبي سيد بافل، لقد اسديت خدمة كبيرة، للعشرات من الكوردستانيين، من المنتمين للديمقراطي، وحتى غير المنتمين، لان نيتك ومواقفك الحقيقية تجاه تجربة شعب كوردستان، جعلتهم يشعرون بالخطر الكبير على مستقبلهم ومستقبل الاجيال القادمة، والتي تريدون القضاء عليها بمواقفكم (الشعبوية)، ولحين انتهاء العملية الانتخابية، وظهور النتائج، ستتوضح الكثير من الامور وسيميز الشعب بين من يريد الاستمرار، ومن يستقتل من اجل انهاء وجود هذا الشعب.

 

وانتبه، لان بيتك من زجاج، ومادمت تعاني من الازمات التي تعصف بحزبك ولاتستطيع اخفاءها، فكر مليا بما بعد الانتخابات، لانك ستحتاج للبارتي، ولن تستطيع ان تتحرك بدونهم، وكما كان مقر الرئيس بارزاني مكانا لحل الانسداد السياسي الذي عصف بالعملية السياسية العراقية لمدة عام كامل، سيكون هذا المكان ايضا هو نقطة الارتكاز والبداية، لانطلاق وتشكيل الكابينة العاشرة لحكومة اقليم كوردستان، والتي سيترأسها مسرور بارزاني.

قد يعجبك ايضا