الانتخابات البرلمانية الكُردستانيّة.. هذه الدورة ليست كالدورات السابقة!

 

 

فاروق حجي مصطفى

الأمر لم يأت من فراغ، بل مستند إلى سندٌ وحجةٌ قويّة كقوة البرلمانات، ولعل سبب القول: “هذه الدورة ليست كالدو ات السابقة” يعود إلى مضامين الخطاب التوجيهي للرئيس مسعود بارزاني. ومن تابع عن قرب أو قرأ بعناية، يدرك أهمية الخطاب التوجيهي للرئيس، ورغم كون الخطاب كان موجهاً بالدرجة الأولى للمرشحين والمرشحات قائمة (١٩٠)، قائمة الپارتي، إلا أنّ الخطاب أنار الدرب لكل مرشح ومرشحة في قائمة الپارتي، وغيرها من القوائم، بل خطاب الرئيس يأتي بمثابة معايير لأي معركة انتخابية في أي بلد كان؛

 

وفي الوقت الذي فيه ثمّة من يتخذ من الشعبويّة كمنهج للانخراط في الحراك (العراك) فإنّ توجيهات الرئيس ركزت على معقولية البرامج الانتخابية، وعلى الموضوعيّة عند الحملات الدعائية، وأن على المرشح تجنب كلام لا يتناسب مع الآداب العامة؛ الخ.

 

وكوني تابعت الخطاب على شاشات كُردستان، وربما كان مستوى فهم أو استيعاب الفحوى الأقل مما هو على نحو أعمق، فإنّ ما توصلت إليه هو أنّ الخطاب التوجيهي هذا عدا عن أنّه يصلح لكل زمان ومكان فأنّ الالتزام بهذا الخطاب يعني الفوز المؤكد والحقيقي، ولأنّ للفوز معنيان اثنان، معنى تقني فني وهو الحصول على المقعد، وفوز معنوي وأخلاقي ومبدئي وهو بث قيّم الانخراط في مسألة تشكل العنوان العريض في الديمقراطية وفي مأسسة الحكم، وتالياً بلورة بيئة للحكم الرشيد.

 

استطراداً، إنّ مقاربة مرشحي، ومرشحات الپارتي، وهذا ما تبيّن لنا من خلال الحملة الدعائية سواء عبر السوشيال ميديا، أو عبر الخطابات، وفي حالات التفاعل الجماهيري، فإنّ الأكثر موثوقية يمكن الرهان عليهم/ن، وذلك لسببين:

 

الأول: خوضهم لهذه المعركة الانتخابية بمنطلق التزامهم بقضايا الإقليم، وشعورهم بالمسؤولية التاريخيّة التي تقع ليس على عاتق المرشحين والمرشحات فحسب إنّما على كل من يدلي بصوته/ا؛

 

الثاني: مقاربة كل مرشح ومرشحة من قائمة الپارتي (١٩٠) للمشاريع الانتخابيّة أو لنَقُل البرامج الانتخابية، نابعة من اعتمادهم/ا على الركائز ذات البعد الأخلاقي، بمعنى الابتعاد عن السباب، والوعود الكاذبة، والبعد الحزبي إذ في بال كل مرشح ومرشحة تكمن المسؤولية التاريخية التي تقع على عاتق حزبه/ا، وهذا يعني إنّهم يعبرون أو يعكسون آمال الضمير العام الكُردي، و الكُردستاني، والبُعد الديمقراطي هو انطلاقهم منذ اليوم الأول أوحى احترام الحِراك الانتخابي واستيعابهم للهفوات التي يمكن أن تفرق أحد من المرشحين والمرشحات عن الأطراف الأخرى، ولذلك فإنّ هفوات الآخرين لم تجرهم على سكة ليست بسكتهم؛

 

والحال، فإنّ التاريخ سيدوّن الدورة هذه المرة، ولأنها دورة متزامنة مع الظروف والمرحلة الصعبة التي تمر بها المنطقة، ولذلك كان رأي كل فرد من عائلة الرئيس أنّ ما يجري هو “الحدث الأكبر”، وبمثابة كتابة للتاريخ أو يمكن وصف ذلك بأنّ الانتخابات تلك هي فرصة لوضع اللبنات الأساسية لتعزيز مكامن الحكم المؤسسيّ، وتعزيز مكانة مؤسسات الإقليم لتحقيق شرط التوازن مع الحكومة الاتحادية، ولقطع الطريق أمام تفكك المشهد الاجتماعي-السياسي، وبالتالي التماسك الكُردستاني؛ ومن هنا يمكن توصيف انخراط كل فرد من عائلة الرئيس ومشاركة الهم العام مع الناس يعطي دلالة قويّة وهي: “لا خوف على مصير الناس إنّ كان أبناء الرئيس أنفسهم في مقدمة المعركة الديمقراطيّة “.

 

بقي القول إنّ ما يجري الآن من حملة بوتيرة عالية من الحماس لا يثير الخوف، بل هي صرخات حق لأجل برلمان كُردستاني أعضائه وعضواته يرتقون إلى مستوى من الطموح، على أن يكون المقعد البرلماني الكُردستاني هذه الدورة مملوء، والذي يناله يعكس ضمير الأمّة، ويدافع عن البرلمان ومكانته وتشريعاته أولاً، وعن المكتسبات، وصلاحيات إقليم كُردستان المدونّة في الدستور ثانياً، ويواكب احتياجات الناس ومؤسسات الإقليم، ثالثاً، ويصدر التشريعات بناءاً على حاجة اليوم، وما سيحتاجه الإقليم في المستقبل، رابعاً.

 

بكلمتين:” الدورة الحاليّة مختلفة لأنّ المبادئ التوجيهية التي أطلقها الرئيس تشكل ضامناً حقيقاً لبرلمان يعزز مكانة كُردستان في العراق الفيدراليّ بتشريعاته “.

قد يعجبك ايضا