حديث مختصر في القرار السياسي في الازمة

فاضل ميراني*

لم اختر التوسع في المقال، لسبب و لغاية، اوضحهما في اخر سطور من الموضوع.
في مجموع تعاريف القرار السياسي يظهر انه: عملية من تخطيط حول موضوع او مواضيع حيوية بشكل كامل او جزئي. وانه صادر من مخول وانه ملزم و انه عام.
القرار و عملية اخراجه محطتان تقوم على اساس وجود مشكلة، و الاحاطة بها، وجمع معلومات يقينية عنها، ما يعني اولا و قبل كل شيء، الاعتراف بوجود مشكلة، و المقدرة على تشخيصها بدقة، و العمل بوقت يتناسب تقديره مع مواجهتها، و دراسة امكانية نجاح المقدم من حلول لها، اعتمادا على امكانيات و امكانات متوفرة او يمكن استحضارها لهذا الغرض، و النتيجة هي مصالح المجتمع ضمن الاسرة الدولية او ضمن منظومة الشأن الداخلي، وذلك حسب نوعية و توجه القرار، اكان بمشكلة خارجية ام داخلية، او كليهما.
للقرار من هذا النوع، ايا كان القرار، ان لا يكون مبنيا على املاءات تساوم على نقاط ضعف الشخص او الجهاز او المؤوسسة السياسية المصدرة للقرار، و هذا يعني من ضمن ما يعني ان سلامة فكر و ارادة المخول بالقرار، لا يصح ان تكون معابة بضعف او اكراه او عدم ادراك لتبعات القرار.
كما ان القرار السياسي هو اقرب ما يكون للقاعدة القانونية من حيث الالزام به، ومن حيث وجود قوة تفرض تطبيقه، وهنا اقصد القرار العلمي الاتخاذ، المستهدف صيانة مصالح الجماعات الوطنية التي لا يصح لاي جهة شرعية او مخولة قانونا الحنث بقسمها او التدليس او استغلال الصلاحيات و الامكانات للقيام بأعمال معلنة او سرية بخلاف ما تقتضيه المصالح المحمية بقوى و قوانين و موازين يتم اعتمادها في العلاقات الداخلية و الخارجية.
الاهم من كل هذا، هو ادراك و عمل الجهات صاحبة الصفة في اخراج القرار السياسي اعتمادا لنقاطا قوتها و ضعفها و نقاط القوة و الضعف عند بقية شركاء تبعات القرار الذي تعلنه دولة في ازمة ما، ازمة مشتركة المسؤوليات، مع افتراض دراسة وفهم جهة القرار السياسي لتاريخ دولتها و اين تبوبها الاسرة الدولية و القوى الخارجية المؤثرة، اذ ان خروقات و مخالفات و ادانة دولة ما لا يرتبط تاريخيا بشخص بل تبقى العقوبات و التوابع معلقة على الكيان السياسي، ذلك ان القرار السياسي المخطيء يفهم انه قرار نظام، لا قرار فرد.
منذ عام واكثر بقليل ولا تزال منعطفات الصراع الاقليمي تزداد حدة، وخلال هذه المدة ظهرت بوادر اتساع في الصراع و عمق في تجذره، وظهرت معها طبيعة التفاوت بين العمل و بين الدعاية و التصريح، كما ظهرت حالات اكيدة من اشكال و مضامين القرارت السياسية، واخطر انواعها هي القرارات التي تصدر من انظمة سياسية هجينة ومنقلبة قاعدة هرم السلطة، متنازعة مخاطرة بالمصالح الداخلية و الخارجية في موقف من ازمة الشرق الاوسط الحالية حتى مع التصريح الثابت الحافظ للمصالح الداخلية لدول بعينها مت انها لا تتردد في الفصل المعلن بين التعاطف و تقديم الغوث، و بين الاحجام عن قرار حرب وما يعنيه من ترتب حقوق و عقوبات بمقتضاه.
ان الوضع دقيق الحساسية للمنطقة و البلاد، وموازين القوى الدولية، و طبيعة الاقتصاد الداخلي، وقرب العهد من تبعات العقوبات التي دمرت و اخرت بلادنا لسنوات نتيجة القرارات السياسية للنظام السابق، تتطلب مواجهة مع الذات و مراجعة الاداء، وعدم مصادرة القرار السياسي و ابعاد مصالح شعوب البلاد عن نار لا تبقي و تذر.
ان سبب عدم التوسع في الطرح هو عزوف القارئ عن طويل الحديث، و اما الغاية فهي تذكير من يريد التذكر ان الشرعية و القرار لا تصح مصادرتها او اختطافها او اختصارها بفرد و لا يجوز الحديث عن الجميع بواحد او فئة، سيما ان التبعات لن تعالجها الاعتذارات او المجاملات او التهرب.

*مسؤول الهيئة العاملة للمكتب السياسي
للحزب الديمقراطي الكردستاني.

قد يعجبك ايضا