مفهوم الحريات المنضبطة يعرقل تراخيص صحف مستقلة في مصر

 

التأخي / وكالات

أظهر تشدد المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر ضد منح التراخيص لمواقع صحافية مستقلة بسبب غياب مصادر التمويل وعدم وضوح سياستها، إلى أي درجة تتمسك الحكومة بالتصدي لكل منبر يسعى للنفاذ إلى الجمهور بطريقة تتعارض مع المعايير الخاصة بالإعلام المحلي، مهما تعرضت لانتقادات حقوقية .

 

ودخل مجلس الإعلام في خلاف مع نقابة الصحافيين بسبب رفضه منح التراخيص لموقع “فكّر تاني” المستقل، بدعوى أنه لم يستوف ثلاثة شروط فنية وقانونية تضمنت عدم وضوح السياسة الإعلانية طبقا لأهداف الموقع، وعدم وضوح مصادر وطرق تمويله، أو خطة تأمين الأجهزة والمعدات المستخدمة في الموقع .

ويوحي القرار بأن هناك رؤية حكومية قائمة على عدم السماح لأي وسيلة بتجاوز الخطوط المرسومة للمؤسسات الإعلامية، ولا تراجع عن مفهوم الحريات المنضبطة، لأن الصحيفة أو الموقع يُبث من مصر، بما يمنح السلطات المختصة برقابة وتنظيم المشهد الإعلامي أن تمنح أو ترفض الترخيص بمعايير محددة .

وانتقد نقيب الصحافيين خالد البلشي قرار مجلس الإعلام، واصفا إياه بـ”المعيب والمتعسف”، ويبرهن على وجود موقف غير واضح في طريقة رفضه، فيما تضامنت لجنة الحريات بالنقابة مع الموقع مؤكدة دعمها لكل المنابر الصحافية التي تواجه صعوبات في قبول تراخيصها لأسباب تبدو غير منطقية ولا مبررة .

وطالبت لجنة الحريات الصحافية بوقف سياسة حجب المواقع التي “أثبتت فشلها” وتسهيل إصدار التراخيص للمواقع المختلفة، لأن تسهيل إجراءات الترخيص يظل السبيل لخروج الإعلام من مأزقه الراهن، مؤكدة أن تنظيم الإعلام يعني فتح الباب أمام التنوع لا المصادرة والحجب أو التدخل في مضمون المحتوى .

 

وبينما تمسك مجلس الإعلام بموقفه والوصول إلى مصادر تمويل أي موقع صحافي يرغب في الترخيص، جددت نقابة الصحافيين مطالبها برفع الحجب فورا عن كل المواقع التي تم حجبها دون أي سند قانوني أو استنادا إلى معايير مطاطة واستخدام ذلك وسيلة لعقاب المخالفين في الرأي .

وعكس قرار المجلس أن الحكومة مصممة على عدم إضفاء أي مشروعية لصحيفة أو موقع مستقل، يمكن أن يتلقى تمويلا أجنبيا خفيا، لغلق الثغرة التي تتسرّب منها بعض المنابر وتدعمها جماعات مشبوهة، وتعتمد في غالب موضوعاتها وأخبارها على مناقشة قضايا حساسة لتأليب الرأي العام المحلي ضد الدولة المصرية .

ما يلفت الانتباه أن الموقع الصحافي محل الأزمة بين مجلس الإعلام ونقابة الصحافيين، لم يتعرض للحجب سواء المؤقت أو الدائم، ويقوم بتحديث موضوعاته على مدار اليوم، في إشارة إلى أن الحكومة لا تستهدف السياسة التحريرية بقدر ما تبحث في خلفيات طلب التراخيص ومدى مطابقتها للمعايير القانونية من عدمها .

وحسب التعريف المتاح على موقع “فكّر تاني”، يهدف إلى تقديم محتوى صحفي متنوع ومتوازن، يلتزم بالمعايير الأخلاقية للصحافة، ويعتمد مبادئ حقوق الإنسان كبوصلة لصك مصطلحاته، وتدقيق تغطياته في مختلف القضايا، منها حقوق الأقليات والمهمشون والمضطهدون والحركات الاجتماعية .

ويرى مراقبون للمشهد الإعلامي أن ثمة قبولا من جانب الحكومة لوجود أصوات صحافية معارضة شريطة الالتزام بممارسة المهنة بعيدا عن العمل لحساب تيارات أو منظمات لها أهداف مشبوهة، وما دون ذلك فلن تكون هناك معوقات في مسألة الترخيص، طالما أن هناك مكاشفة ووضوحا دون إخفاء شيء .

قد يعجبك ايضا