مستقبل التغييرات في الشرق الأوسط

 

 

خالدة خليل

إن لم تتمخض الأحداث التي تجري في الشرق الأوسط وما يتبعها من تغييرات عن أنظمة ديمقراطية إتحادية (فدرالية) فإن النتيجة لن تكون في صالح تلك الدول تماماً، وذلك بسبب وجود التنوع فيها.

 

فالمكونات الدينية والثقافية والقومية تتطلب نوعاً من التسوية السياسية في هذه البلدان مثل سوريا ولبنان واليمن، على أن تتحول الديمقراطية فيها إلى تشاركية حقيقية وفق نظام فدرالي يضمن حقوق جميع المكونات، وعلى أساس أغلبية سياسية وليس طائفية، ولكن بدعمٍ دولي جادٍ هذه المرّة، لأننا إعتدنا على أن تتحول هذه المناطق إلى حطبٍ لنيران مستعرة لاستنزاف بعض الأطراف وتراجع أخرى، ولأن إستمرار الصراع وما يخلفه من فوضى هو رهين تلك التحالفات قيد المصالح للأسف.

 

إن خروج القضية الفلسطينية عن محدودية نطاقها العربي إلى نطاق دولي واسع كان له تأثيرات كبيرة على تأجيج الصراع الدائر أصلاً على عدّة مستويات ومنها:

 

محلياً وإقليمياً / فالصراع مازال مستمراً بين تيارات الإسلام السياسي المحافظ والمدعوم إقليمياً من أجل بقاء الحكم وإستمراره، حيث لعبت بعض الدول الإقليمية على الإذكاء الطائفي لخلق صورة له في الأبعاد السياسية الخارجية للدول، وبين التيار المدني الديمقراطي الذي يسعى إلى التغيير السياسي نحو الديمقراطية.

 

دولياً / ماتزال تلك الأطراف البعيدة تنظر بعين الريبة في إنتقال الشرق الأوسط ووصوله إلى التغيير المنشود، بسبب إعتقادهم بأن الأيديولوجية مازالت تتحكم في الوعي الجمعي الشرق أوسطي، فهي تعتبر أن منطقة الشرق الأوسط بؤرة صراع يمكن استثمارها إلى أقصى حد.

 

لذلك قلنا بأن الحلول تكمن في السعي نحو الديمقراطية الإتحادية الحقيقية التي تقوم على أساس الدستور وسيادة القانون، لتكون هي الخلاص الوحيد في هذه الدول المتنوعة للإنفكاك من قبضة الصراع مستقبلاً على المدى البعيد.

 

في العراق مايزال الصراع المحلي والإقليمي ذاته والذي بسببه تعرقل تطبيق النظام الفدرالي بشكل تام، بالرغم من أن الدستور العراقي في 2005 قد نص عليه بوضوح، والسبب هو الممارسات التي قامت بها بعض الجهات التي تصدّرت الحكم ولوت ذراعه بإتجاه مصالح إقليمية أولاً ثم ذاتية ثانياً، لذا تكمن الحاجة الفعلية إلى تطبيق الفدرالية وتثبيت المؤسسات وضمان حقوق المكونات بشكل فعليّ لا صوري، وكبح قدرات فاعلية التنظيمات التي لعبت على تأجيج الصراع وجعله دولياً.

 

علماً أن أول من دعا إلى الديمقراطية والفيدرالية في العراق هو الحزب الديمقراطي الكُوردستاني منذ السبعينات، حين نادى بالديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لكُوردستان، وقد دفع هذا الحزب العريق ثمناً باهضاً من دماء أبنائه الغيارى في سبيل الحرية التي هي أساس الديمقراطية.

قد يعجبك ايضا