إلى أين تتجه المادة 140 ومشاكلها الدستورية؟

 

 

 

 

هورامان علی توفیق

مشكلة كركوك والمناطق الواقعة خارج إقليم كوردستان (أو ما تسمى المتنازع عليها) تعتبر القضية الأصعب بين الكرد والحكومة الاتحادية العراقية فقد قيل الكثير حول هذه القضية وتمت مواجهة المشاكل والعقبات، فمن وجهة النظر حول المواد الدستورية إلى المشاكل الاقتصادية مرورا بقضايا الناس وحياتهم المعيشية، مازالت تلك المشاكل مستمرة إلى يومنا هذا، وبطبيعة الحال ثمة جهود كثيرة لإيجاد حلول مناسبة، ولكن التدخل الخارجي ووضع العراقيل أمام سير العملية كانت دائما تؤدي بها إلى العقبات.

 

بعد سقوط النظام العراقي عام 2003 وقيام الدولة العراقية الفيدرالية الجديدة، وافق الجانب الكردي على الحدود التي كانوا ضمنها حتى تاريخ 19/3/2003، كما تمت الموافقة على المادة 58 من قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية والمادة 140 من الدستور العراقي لتحديد حدود إقليم كردستان.

وجاء نص المادتين كما يلي:

المادة 140 من دستور جمهورية العراق لعام 2005 تتعلق بحل النزاعات حول المناطق المتنازع عليها، خاصة المناطق التي تعرضت لتغييرات ديموغرافية خلال فترة حكم النظام السابق.

تنص المادة على ثلاث مراحل لحل النزاعات:

 

التطبيع: ويقصد به إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل سياسة التغيير الديموغرافي التي اتبعها النظام السابق.

 

الإحصاء: إجراء تعداد سكاني في المناطق المتنازع عليها.

 

الاستفتاء: إجراء استفتاء بين سكان المناطق المتنازع عليها لتحديد رغبتهم في البقاء ضمن الحكومة الفيدرالية أو الانضمام إلى إقليم كردستان.

 

كان من المقرر تنفيذ هذه الخطوات بحلول 31 ديسمبر 2007، ولكن لم يتم تطبيق المادة بالكامل حتى الآن، مما جعلها موضوعا مستمرا للنقاش السياسي ونقطة خلاف.

 

المادة (140) من دستور جمهورية العراق:

 

أولاً: تتولى السلطة التنفيذية اتخاذ الخطوات اللازمة لاستكمال تنفيذ متطلبات المادة (58) من قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية، بكل فقراتها.

 

ثانياً: المسؤولية الملقاة على السلطة التنفيذية في الحكومة الانتقالية ، والمنصوص عليها في المادة (58) من قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية، تمتد وتستمر إلى السلطة التنفيذية المنتخبة بموجب هذا الدستور، على أن تنجز كاملة (التطبيع، الاحصاء، وتنتهي باستفتاء في كركوك والمناطق الأخرى المتنازع عليها، لتحديد ارادة مواطنيها) في مدة أقصاها الحادي والثلاثون من شهر كانون الأول سنه ألفين وسبعة.

 

المادة 58: المادة الثامنة والخمسون من قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية:

أ‌- تقوم الحكومة العراقية الانتقالية ولا سيما الهيئة العليا لحل النزاعات الملكية العقارية وغيرها من الجهات ذات العلاقة، وعلى وجه السرعة، باتخاذ تدابير، من اجل رفع الظلم الذي سببته ممارسات النظام السابق والمتمثلة بتغيير الوضع السكاني لمناطق معينة بضمنها كركوك ، من خلال ترحيل ونفي الافراد من اماكن سكناهم ، ومن خلال الهجرة القسرية من داخل المنطقة وخارجها، وتوطين الأفراد الغرباء عن المنطقة ، وحرمان السكان من العمل ، ومن خلال تصحيح القومية. ولمعالجة هذا الظلم ، على الحكومة الانتقالية العراقية اتخاذ الخطوات التالية:

 

1- فيما يتعلق بالمقيمين المرحلين والمنفيين والمهجرين والمهاجرين، وانسجاما مع قانون الهيئة العليا لحل النزاعات الملكية العقارية، والإجراءات القانونية الأخرى، على الحكومة القيام خلال فترة معقولة، بإعادة المقيمين إلى منازلهم وممتلكاتهم، وإذا تعذر ذلك على الحكومة تعويضهم تعويضا عادلا.

 

2- بشأن الافراد الذين تم نقلهم الى مناطق و اراض معينة ، وعلى الحكومة البت في امرهم حسب المادة 10 من قانون الهيئة العليا لحل النزاعات الملكية العقارية، لضمان امكانية اعادة توطينهم ، اولضمان امكانية تلقي تعويضات من الدولة ، او امكانية تسلمهم لأراض جديدة من الدولة قرب مقر اقامتهم في المحافظة التي قدموا منها ، او امكانية تلقيهم تعويضا عن تكاليف انتقالهم الى تلك المناطق.

 

3- بخصوص الاشخاص الذين حرموا من التوظيف او من وسائل معيشية اخرى لغرض اجبارهم على الهجرة من اماكن اقامتهم في الاقاليم والاراضي ، على الحكومة ان تشجع توفير فرص عمل جديدة لهم في تلك المناطق والاراضي.

 

4- اما بخصوص تصحيح القومية فعلى الحكومة الغاء جميع القرارات ذات الصلة ، والسماح للاشخاص المتضررين، بالحق في تقرير هويتهم الوطنية وانتمائهم العرقي بدون اكراه او ضغط.

 

(ب)- لقد تلاعب النظام السابق ايضا بالحدود الادارية و غيرها بغية تحقيق اهداف سياسية . على الرئاسة والحكومة العراقية الانتقالية تقديم التوصيات الى الجمعية الوطنية وذلك لمعالجة تلك التغييرات غير العادلة. وفي حالة عدم تمكن الرئاسة الموافقة بالأجمـاع على مجموعة من التوصيات، فعلى مجلس الرئاسة القيام بتعيين محكم محايد و بالاجماع لغرض دراسة الموضوع وتقديم التوصيات .

 

وفي حالة عدم قدرة مجلس الرئاسة على الموافقة على محكم، فعلى مجلس الرئاسة أن يطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تعيين شخصية دولية مرمـوقة للقيام بالتحكيم المطلوب.

(ج)- تؤجل التسوية النهائية للاراضي المتنازع عليها ، ومن ضمنها كركوك ،الى حين استكمال الاجراءات أعلاه، وإجراء إحصاء سكاني عادل وشفاف والى حين المصادقة على الدستور الدائم. يجب ان تتم هذة التسوية بشكل يتفق مع مباديء العدالة، آخذا بنظر الاعتبار ارادة سكان تلك الاراضي.

 

القرارات الصادرة عن لجنة تنفيذ المادة 140 من دستور جمهورية العراق:

قرار رقم (1) بتاريخ 16/1/2007 المتضمن اعادة جميع الموظفين من السكان الاصليين للمناطق المتنازع عليها من (الكورد ، التركمان، الاشوريين ، الكلدانيين ، العرب) الذين تم فصلهم وابعادهم خارج المناطق المتنازع عليها ومن ضمنها كركوك لاسباب سياسية او عرقية او طائفية او دينية للفترة من 17 تموز 1967 لغاية 9 نيسان 2003.

 

قرار رقم (2) بتاريخ 16/1/2007 المتضمن اعادة العوائل المرحلة والمهجرة الذين رحلوا وهجروا من المناطق المتنازع عليها ومن ضمنها كركوك نتيجة سياسات النظام السابق للفترة من 17 تموز 1968 ولغاية 9 نيسان 2003 الى مناطقهم الاصلية السابقة مع تعويضهم.

 

قرار رقم (3) بتاريخ 4/2/2007 المتضمن اعادة العوائل الوافدة الى المناطق المتنازع عليها ومن ضمنها كركوك نتيجة سياسات النظام السابق للفترة من 17 تموز 1968 ولغاية 9 نيسان 2003 الى مناطقهم الاصلية السابقة مع تعويضهم.

 

قرار رقم (4) بتاريخ 4/2/2007 المتضمن الغاء كافة العقود الزراعية التي ابرمت ضمن سياسات التغيير الديمغرافي (التعريب) في المناطق المتنازع عليها ومن ضمنها كركوك واعادة الحال الى ما كان عليه قبل ابرام تلك العقود.

 

قرار رقم (5) في 13/8/2007 المباشرة بصرف التعويضات وتنفيذ القرارات بعد مصادقة مجلس الوزراء على قرارات اللجنة.

 

قرار رقم (6) في 1/10/2007 المتضمن رفع الغبن والظلم الذي لحق باهالي منطقتي تسعين و (حمزة لي) من خلال اعادة الاراضي المستملكة واعادة جميع الاراضي الزراعية المستملكة والمطفاة خلافا للتعاملات القانونية الى اصحابها الشرعيين.

 

وتمت المصادقة على القرارات الصادرة عن اللجنة من قبل رئاسة مجلس الوزراء بجلسته الاستثنائية الثالثة المنعقدة بتاريخ 29/3/2007 والمبلغ الينا بموجب كتاب الامانة العامة لمجلس الوزراء المرقم ق/2/1/27/6756 في 19/4/2007 ، باستثناء القرار رقم (6) حيث لم تتم المصادقة عليها من قبل رئاسة مجلس الوزراء لحد الان بالرغم من التاكيدات المستمرة من قبل لجنة تنفيذ المادة 140 من دستور جمهورية العراق.

 

قرار رقم (7) في 21/7/2009 المتضمن رفع الغبن والظلم الذي لحق بسكان مناطق وسط وجنوب العراق نتيجة سياسات النظام السابق من الترحيل والتهجير والنزوح والنفي ومصادرة واستملاك الاراضي الزراعية  للفترة من 17 تموز 1968 ولغاية 9 نيسان 2003.

 

العوائل الوافدة الى المحافظات (كركوك، نينوى، ديالى) نتيجة سياسات النظام السابق  للفترة من 17 تموز 1968 ولغاية 9 نيسان 2003 غير مشمولة بالقرار رقم (7)  كون هذه العوائل مشمولة بالقرار رقم (3) الصادر عن اللجنة.

 

قرارات مجلس الوزراء/ جلسة 04 الإعتيادية ، التاريخ : 24/1/2012 ، الجلسة : 4 ، الفقرتان / الرابعة والخامسة :

4 – التوصية الى مجلس النواب بإلغاء قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل (369 لسنة 1975 و824 لسنة 1976 و949 لسنة 1977 و1065 لسنة 1978 و189 لسنة 1979 و31 لسنة 1975 و398 لسنة 1975 و181 لسنة 1976 و974 لسنة 1978 مع تكليف مجلس شورى الدولة بإعداد تشريع جديد يتضمن إلغاء قرارات مجلس قيادة الثورة أعلاه ومعالجة الآثار المترتبة على إلغاءها وفق الأسس الواردة في توصيات لجنة تنفيذ المادة 140 من الدستور وبالتداول مع كافة الجهات المعنية بما في ذلك لجنة تنفيذ المادة 140 من الدستور وممثلي الوزارات المعنية الأمانة العامة لمجلس الوزراء والدفاع والنفط والمالية والتجارة و البلديات والدولة لشؤون المحافظات وممثل عن هيئة دعاوى الملكية والجهات الأخرى التي لها علاقة بتلك القرارات.

 

5 – إلغاء جميع القرارات الصادرة من لجنة شؤون الشمال المنحلة الصادرة في محافظة كركوك بشأن إطفاء الحقوق التصرفية على الأراضي الزراعية لغير العرب وإلغاء جميع العقود الزراعية المبرمة مع المواطنين الذين ليسوا من القومية العربية مع إقرار توصية لجنة تنفيذ المادة 140 من الدستور بشأن تعويض المواطنين الملغاة عقودهم الزراعية وتعويضهم عن قيمة المنشآت والمغروسات والمستحدثات المقامة على العقود الزراعية الملغاة وتعويضهم بقطعة أرض سكنية قريبة من محل سكناهم في محافظاتهم الأصلية.

 

لقد عملت الحكومات العراقية المتعاقبة على وضع العراقيل باستمرار أمام مقترحات ومحاولات حل هذه المعضلة، وذلك بهدف الإبقاء عليها بشكل أو بآخر دون حل جذري، لا بل وحتى افتعال قضايا أخرى مشابهة أو إضافية بين كل فترة وأخرى، بدلا من العمل على إيجاد الحلول لها، ومن ثم الإنصراف والتركيز على استثمار ثروات العراق الطبيعية الهائلة التي تكفي لعموم الشعب العراقي ومن ضمنهم الكرد أيضا إذا ما تم إدراة تلك الثروات الربانية بشكل معقول بدلا من هدر الطاقة والتفكير على وضع العراقيل لتطويل أمد حل القضايا العالقة.

 

من جهة أخرى، وعدا قضية المادة 140 وتعطيل العمل بها، كلما بحثنا في الأمر سنجد العديد من الملفات والقضايا الحساسة الأخرى التي يصرعليها بعض الجهات والأطراف على الإبقاء عليها عالقة دون حلول بسبب انتهاك النصوص الدستورية والمواد القانونية الواضحة، لذا ففي خضم استمرار هكذا أزمات، وضرب القوانين بعرض الحائط في السنوات الفائتة، لم تعد هناك حاجة لوجود هكذا قوانين أصلا لطالما أنها تبقى مجرد حبر على ورق، لذا فالحل الوحيد هو حصول اتفاق سياسي جذري أولا على حول هذه القضايا العالقة وغيرها، اتفاق على أن يكون فعليا وعمليا ولصالح جميع مواطني العراق ومن ضمنهم أبناء إقليم كردستان.

قد يعجبك ايضا