بغداد – متابعة التآخي
قدم موقع “أويل برايس” Oil price، المهتم بتغطية أخبار الطاقة في العالم، تحليلاً لزيارة وزير النفط حيان عبد الغني إلى واشنطن التي تضمنت اجتماعات حول 10 رقع استكشافية وحقول غاز أمام الشركات الأمريكية، ويعتقد التحليل أن مجموعة أسباب قد تجعل الولايات المتحدة مستعدة لدخول اللعبة مرة أخرى مع العراق، لتبدأ صفقات استثمار حقول الغاز، إذا كان ذلك يمنحها فرصة أكبر لإعادة تأكيد نفوذها في البلاد، سيما بعد حضور الشركات الصينية بكل هذا الثقل في قطاع النفط والغاز.
ووفقاً لوزير النفط حيان عبد الغني، من المقرر أن يفتح العراق 10 مناطق استكشاف غاز جديدة للمستثمرين الدوليين في الأسابيع المقبلة.
تأتي هذه العقود الجديدة في أعقاب منح الامتيازات على 14 من أصل 29 منطقة وحقلاً عُرضت في جولات التراخيص السابقة، وذهب العديد منها إلى شركات صينية، والتي تدير أكثر من ثلث احتياطيات النفط والغاز المؤكدة في العراق وأكثر من ثلثي إنتاجه الحالي
وبالنسبة لمراقبي العراق المخضرمين، وخاصة أولئك في واشنطن الذين كانوا يقاتلون ضد النفوذ الصيني المتزايد في البلاد، فإن السؤال هو هل يمثل أي من هذا تحولاً كبيراً في التحالف الجيوسياسي العراقي في المستقبل؟
بالنسبة للولايات المتحدة، فإن قطاع الغاز العراقي مليء بالفرص والتهديدات على حد سواء. وتشير التقديرات الرسمية إلى أن احتياطيات العراق المؤكدة من الغاز الطبيعي التقليدي تبلغ 3.5 تريليون متر مكعب أو حوالي 1.5% من الإجمالي العالمي، مما يضع العراق في المرتبة 12 بين حاملي احتياطيات الغاز العالمية. ومع ذلك، فإن حوالي ثلاثة أرباع هذه الاحتياطيات المؤكدة تتكون من الغاز المصاحب – وهو منتج ثانوي لتطوير حقول النفط.
و تقدر كالة الطاقة الدولية أن الموارد التي يمكن استخراجها في نهاية المطاف سوف تكون أكبر بكثير من التقديرات الرسمية – التي تبلغ 3.5 تريليون متر مكعب- وتقدرها بنحو 8 تريليون متر مكعب، ويُعتقد أن نحو 30% منها عبارة عن غاز غير مصاحب. وهذا يعني أن نحو 40% من الموارد التي لم تُكتشف بعد من المتوقع أن توجد في حقول غاز غير مصاحب.
في هذا السياق هناك عامل أساسي مع إزالة القيود بعد الانسحاب الأحادي للولايات المتحدة من خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي)، نمت أهمية إيران في مجموعة الدول التي ترأسها الصين وروسيا والتي تشكل المعارضة العالمية الجديدة للولايات المتحدة وحلفائها العالميين.
التهديد الرئيسي الآخر لواشنطن، كان حضور الصين بثقلها في البلاد سيما بعد الفراغ الذي خلفه انتهاء مهمة القتال الأمريكية هناك في 2021، إذ تم وضع الأساس لاتفاقية “النفط مقابل إعادة الإعمار والاستثمار” عام 2019 بين بكين وبغداد، والتي شهدت تدفق استثمارات بقيمة مليارات الدولارات إلى البلاد مقابل النفط الرخيص للصين.
ووسّعت الصين هذه الاتفاقية إلى “اتفاقية الإطار العراقية الصينية” الأعمق لعام 2021، وتم إعطاء الأفضلية لشركاتها في جميع عقود النفط والغاز المستقبلية للمواقع التي تمتلك بكين مصلحة فيها، إلى جانب التسعير المخفض للنفط والغاز العراقيين المتجهين إلى الصين.
وذهبت صفقة 2021 مع الصين إلى أبعد من ذلك، مما سمح لبكين بمجال كبير لبناء البنية التحتية التكميلية في جميع أنحاء البلاد، وشمل ذلك منحها عقود بناء مطار مدني يحل محل القاعدة العسكرية في ذي قار، التي تحتوي على اثنين من أكبر حقول النفط العراقية المحتملة “الغراف والناصرية”، ثم جرى الاتفاق لاحقاً على إمكانية توسيع المطار لاحقاً ليكون مطاراً مدنياً وعسكرياً مزدوج الاستخدام.
تم الإعلان عن العديد من المشاريع على مر السنين ولكن مع مطورين مختلفين، وأبرزها في البداية بيان عام 2020 بأن وزارة النفط العراقية قد وقعت اتفاقية لالتقاط الغاز الطبيعي مع مزود خدمات النفط الأميركي “بيكر هيوز” لاستخراج الغاز من حقل نفط الغراف (وموقع ذي قار المجاور، الناصرية)، بالإضافة إلى حقول نفطية أخرى شمال البصرة.
ووفقاً لبيان آخر من وزير النفط آنذاك، جبار اللعيبي، فإن العراق كان يتفاوض أيضاً على صفقة مماثلة لاستخراج الغاز من حقل نهر بن عمر الذي تديره الدولة مع شركة أوريون للغاز ومقرها هيوستن.
وقد تم الإعلان عن نفس الإعلانات مرتين منذ ذلك الحين، مع إحراز تقدم ضئيل بشكل عام، ولكن من الممكن أن تكون الأمور مختلفة هذه المرة، سيما بعد أن اجتمع الوزير عبد الغني وفريقه خلال زيارته للولايات المتحدة مع العديد من الشركات الرائدة التي يمكنها القيام بالمهام المطلوبة منها إذا سُمح لها بذلك، وشملت هذه الشركات بيكر “هيوز مرة”، و”بي بي”، و”كيه بي آر”، و”هانت أويل”، و”هانيويل”، وغيرها.
ونظراً لمساحة النفوذ التي خسرتها في السنوات الأخيرة أمام الصين في العراق، فقد تكون الولايات المتحدة مستعدة لدخول اللعبة مرة أخرى مع العراق – بغض النظر عن إحراز تقدم في قطاع الغاز- إذا كان ذلك يمنح واشنطن فرصة أكبر لإعادة تأكيد نفوذها في البلاد .