جلال الحنفي .. تأريخ حافل بالعطاء والعراقة

 

ا.د. ابراهيم خليل العلاف

لم يكن يعرف ب(الشيخ )، ولم يعتمر العمامة الا بعد ان بلغ من العمر تسعة عشر عاما ؛ فهو من مواليد سنة 1914، ولبس العمامة سنة 1933 . وقد لقبه بالشيخ العلامة اللغوي الكبير الاب انستاس الكرملي في السنة ذاتها اي سنة 1933 لما وجده فيه من ذكاء ونبوغ وتتبع للقضايا اللغوية، والنحوية، والبلاغية، والفقهية.

عندما كنا طلابا في قسم التاريخ بكلية التربية –جامعة بغداد 1964-1968، كنا انا وعدد من زملائي نزوره في جامع الخلفاء ببغداد، وتعرفنا عليه، وعلمنا بسفره الى جمهورية الصين الشعبية سنة 1966 موفدا من قبل الحكومة العراقية لتدريس اللغة العربية في معهد اللغات الاجنبية بشنغهاي، وقد بقي هناك ثلاثة سنوات، تعلم فيها اللغة الصينية، وتزوج امرأة صينية هي أم أولاده، وانجز خلالها مسودات لقاموس عربي – صيني لكن علمنا فيما بعد انه فقده. ويبدو انه قد أعجب بالحياة الصينية. حتى ان الكاتب الموسوعي الاستاذ حميد المطبعي قال في “موسوعة أعلام وعلماء العراق ” ان الشيخ جلال الحنفي كان يردد مثلا صينيا مفاده:”ان السباحة تعلم السباحة ” والحياة مدرسة يتعلم منها الانسان كيف يعيش “.

الشيخ جلال الحنفي – كما عرفناه وقرأنا عنه – متعدد المواهب متعدد الاهتمامات، وكنت دائما أقول لأصدقائي ان الشيخ جلال الحنفي يعرف معنى الحياة، وقد خبر قيمتها الحقيقية، ومن هنا كنا نجده انسانا كيسا، متسامحا، معتدلا، بسيطا، متواضعا، مبتسما، جادا، مثابرا، معطاء ولا اكتمكم سرا أنني كنت أحبه، وقد أعجبتُ بفلسفته، ومذهبه، وطريقة حياته، واسلوبه في فهم الدين، وممارسته للعبادات، وتقشفه، وزهده، وبساطته. كان يسكن في جامع الخلفاء وفي الجامع كان لديه مجلس يؤمه من يحبه من الشعراء، والادباء، والكتاب، والاساتذة، والمثقفين.

الشيخ جلال محيي الدين بن عبد الفتاح بن مصطفى بن ملا محمود الحنفي البغدادي وهذا اسمه.

وقد عرف كما قلنا منذ سماه الاب الكرملي ب(الحنفي) بغدادي اصيل. ولد في بغداد سنة 1914، واكمل الدراسة الابتدائية سنة 1930 والتحق بكلية الامام الاعظم الدينية ببغداد، وتخرج فيها ثم سافر الى مصر ودرس في الجامع الازهر سنة 1939 .

احتك بعلماء عصره وأبرزهم الشيخ أمجد الزهاوي، وأخذ منهم وناقشهم وجادلهم وتعلم منهم وزاد عليهم. كان موسوعيا كتب في معاني القرآن الكريم.  كما كتب عن التراث الشعبي البغدادي (الفولكلور) وكتب عن اللهجة البغدادية العامية وقارنها بغيرها من الالفاظ العربية المختلفة الشائعة في اليمن وتونس وكان مهتما بمسائل التصحيح اللغوي والأيَمان ولم يمنعه وضعه كعالم ديني وخطيب وإمام جامع ان يهتم بالمغنين وقراء المقام البغداديين، وهو شاعر له قصائد منشوره في الصحف والمجلات. كما له اسهامات في الادب، والفقه، والتاريخ ومرة سمعته وهو يؤم المصلين يقرأ (التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك ايها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا رسول الله …) بصوت جهوري، وعندما سألته هل يجوز الجهر قال نعم، وأتى بما يسند رأيه.

 

 

كان صديقا للاب الدكتور يوسف حبي عميد كلية بابل للاهوت في بغداد وقد أسهم معه في إقامة ندوة جميلة ومهمة بين 3-7 ايار سنة 2001 كما اتذكر بعنوان:”وجه الله ” وقد نشرت وقائعها في مجلة “بين النهرين “الموصلية –البغدادية. وقد حضرها عدد من الاساتذة والباحثين من مختلف شرائح المجتمع العراقي. وكان عنوان البحث الذي القاه هو:” وجه الله في الاسلام ” وقال فيه:” عندنا، لله عز وجل اسماء معروفة توصف بأنها أسماء الله الحسنى. أي أننا نجد في التنزيل العزيز إضافات الى اسم الله منها كلمة (الوجه) التي وردت مضافة الى اسم الله عزوجل غير مرة في التنزيل العزيز، ومنها قوله تعالى:” اينما تولوا فثم وجه الله “. ومن الالفاظ التي نُسبت الى الله عز وجل او اضيفت اليه كلمة “جنب ” اذ جاء في النص القرآني:” أن تقول نفس يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله “.

 

 

والقرآن الكريم، فيما يتعلق، بوجه الله، اذ ذكر في النص أريد به ملء النفوس بالطمأنينة، وملؤها بالرجاء والثقة إذا كانت خائبة، وإذا كانت عاصية لمست الطاعة والمغفرة والتوبة. وما يرد في القرآن الكريم من ذكر (الوجه) هو هذا، فالقرآن الكريم يذكر لنا الاعمال التي هي من فصيلة البر، يصفها بأنها أديت لوجه الله:” انما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءا ولاشكورا، إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا “؛ فالنفقات التي هي من قبيل الزكاة ايضا تعطى لوجه الله؛ ففي نص قرآني جاء فيه إن الزكاة تنفق لوجه الله. وجاء في نص آخر هو:”ابنغاء مرضاة الله ” وصارت عبارة “ابتغاة مرضاة الله ” مساوقة لعبارة ابتغاء وجه الله. وكلمة وجه الله كلمة عظيمة جدا تملأ السماوات والارض رجاءا وأملا، وثقة، وعبادة، وطاعة لله وحبا واخلاصا

من مؤلفاته:

1- التشريع الأسلامي تأريخه وفلسفته “، 1940

2- معاني القران ” 1941

3- آيات من سورة النساء” 1951

4- ثلاث سنوات في جوار الميتم الاسلامي ” 1955

5- صحة المجتمع” 1955

6- الروابط الاجتماعية في الاسلام “1956

7- الحديث من وراء المكرفون “1960

8- المرأة في القرآن الكريم “1960

9- مقدمة في الموسيقى العربية” 1989

10- شخصية الرسول الاعظم قرآنيا “1997

11- الامثال البغدادية “1964

 

12- بغداد: حياتها اليومية –شمائلها في القرن العشرين”

13- بين الفتحة والالف او بين الالف والفتحة.. دراسة صوتية “1999

14- رمضانيات وشهر رمضان” 1989

15- العروض.. تهذيبه واعادة تدوينه”  1978

16- قواعد التجويد والالقاء الصوتي” 1987

17- قواعد التجويد والالقاء الصوتي لمدرسي المرحلة الثانوية” 1979

18- معجم اللغة العامية البغدادية ” ، ويقع في ثلاثة اجزاء 1978

19- كلام في الاملاء العربي وبحث مفصل في رسم القلم القرآني.

20- مقدمة في الموسيقى العربية ” 1989

21- الموقف الديني والاسلامي من الادخار وانماط الاستغلال المختلفة وأثرها على موازنة الاسرة ودور المرأة ” .. وقد انجزه بناء على تكليف من الاتحاد العام لنساء العراق

22- معجم الالفاظ الكويتية في الخطط واللهجات والبيئة ” 1964

23 – معجم الالفاظ العامية البغدادية ” ، جزءان 1963-1966

ومن مقالاته:

1- حول المقام العراقي ” مجلة المورد ،المجلد 3 العدد 1 1974

2- كلمة حول المباحث الانكليزية ” مجلة التراث الشعبي العددان 7و8 السنة 19

3- مباحث في فقه العامية البغدادية ” مجلة التراث الشعبي العدد 5 السنة 1975

4- ملامح المجتمع البغدادي من خلال امثاله ” مجلة التراث الشعبي ،العدد 4 السنة 1970

5- موسيقى التلاوة والمقروون البغدايون ” مجلة التراث الشغبي العدد 5 السنة 1975

6- نظرة في المعجم المساعد ” مجلة المورد المجلد 1 العدد 3-4 1972

7- وقفات مع الاستاذ احمد حسن الزيات عند نقاط من كتابه: تاريخ الادب العربي ” مجلة كلية الامام الاعظم، العدد 2 ،1974 .

8- رحم الله الشيخ جلال الحنفي وجزاه خيرا على ما قدم فقدك

قد يعجبك ايضا