موقف الصين من تداعيات الانتكاسة الإيرانية

نبيل خالد مخلف: باحث سياسي

لقد بدت التطورات الأخيرة في إيران محيرة جداً، ففي الوقت الذي يحتاج حلفاء إيران في فلسطين ولبنان إلى الدعم أكثر من أي وقت مضى، يتضح بإن إيران ليست بالوضع الذي يمكنها من تقديم الدعم الفعال لمجابهة خطر التوسع الصهيوني الغاصب، فعلى الصعيد الجيوسياسي لقد مثل أغتيال القادة الكبار نتيجة الغارات الإسرائيلية واحدة من بين أهم الإنتكاسات التي تمر بها إيران في الوقت الراهن وهو ما يقود إلى أحتمالية ضعف القوس الشيعي الإيراني، ففي الخطاب الذي ألقاه الرئيس الإيراني الجديد “مسعود بزشكيان” خلال مؤتمر الأمم المتحدة الأخير إدعى فيهِ إلى مساعيهُ الحتمية لتحسين العلاقات الإيرانية الأمريكية مؤكداً على رفض حكومته الجديدة لما تقوم بهِ روسيا في أوكرانيا ساعياً إلى أستمالة العطف الغربي، وبالرغم من كونه يسعىٰ إلى أستمالة العطف الغربي ونافياً لحاجة الدعم الروسي، إلا أن هذا الإدلاء العلني قد وضعه في موقف محرج في الأمم المتحدة خاصةً وإن لإيران علاقات تعاون مشتركة أفضت في كثير من الظروف التي مرت بها روسيا آبان حروبها المستمرة في الأراضي الأوكرانية وخسائرها الكبيرة إلى دعم إيراني فعال، فمن جانب آخر لقد أعتاد الوضع وفي عدة حوارات ومؤتمرات دولية إلى مناقشة حالة التحالف التي تجمع بين الصين وروسيا وإيران معتبرين أن هذا التحالف أمراً بديهياً، وعلى الرغم من كون الصين تعتبر روسيا هي الحليف الإستراتيجي منذ عام 2022، إلا أن حكومة الصين لم تمنح إيران صفة الحليف الإستراتيجي كما فعلت مع روسيا فهي لا تسعى مطلقاً إلى إقامة تحالف مع إيران، وعلى الصعيد العسكري أيضاً لا تبيع الصين المعدات العسكرية لإيران، كون أن الصين تنظر إلى الداخل الإيراني على أنه متشدد ولن يرغب في التخلي عن مصالحه الجيوسياسية مثل القوسي الشيعي والسلاح النووي، وهو ما لن تتقبله الولايات المتحدة الأمريكية ولا حتى إسرائيل خاصة وإن إسرائيل تنظر إلى إيران على إنها تتزعم محور الشر في الشرق الأوسط، ومن هذا المنطلق يمكن إيجاز موقف الصين تجاه الوضع الراهن الذي تمر فيهِ إيران من خلال النظر إلى أن سياستها لا تزال محافظة للغاية بالإضافة إلى عدم رغبتها التامة في إقامة أي تحالف كامل أو شبة كامل مع إيران في ظل التشديد الداخلي عن عدم الرغبة في التخلي عن القوس الشيعي الإيراني والسلاح النووي، وختاماً أرى بإن الصين تنظر وتنتظر من إيران أن تتخلى عما يهدد أمنها واستقرارها واستقرار الدول الإقليمية وهو الخيار الاستراتيجي الذي يضع احتمالية إقامة تحالف صيني إيراني جديد على الساحة الدولية.

قد يعجبك ايضا