المهاترات السياسية لاتخدم كوردستان

 

 

سردار علي سنجاري

مع اقتراب موعد انتخابات برلمان اقليم كوردستان بدأت قيادات بعض الأحزاب السياسية الكوردستانية بتوجيه الاتهامات والانتقادات الى الحزب الديموقراطي الكوردستاني والى شخص السيد مسرور البارزاني رئيس وزراء حكومة اقليم كوردستان. بالطبع كل طرف في العملية السياسية يحاول كسب ثقة الجماهير للحصول على اكبر قدر ممكن  من الأصوات . وهذا حق مشروع للأحزاب السياسية وهو تقليد متعارف عليه في كافة أنحاء العالم . ولكن عندما نكون في اقليم لايتجاوز حدوده أربع محافظات ثلاثة منها رئيسية فان انجازات كل  طرف من العملية السياسية تتضح بشكل لا يقبل فيه الشك او المزايدة .

 

نعم ربما تكون هناك ازمات اقتصادية وسياسية وإدارية تعيق مسيرة البناء والتطور في احدى المحافظات ولكن في المجمل فان اداء المسؤولين في تلك المحافظات تبدو واضحة للجميع . وهنا نحن أمام تحديات كبيرة في سبيل تحقيق نتائج إيجابية لكل حزب سياسي وبالأخص الأحزاب الكبرى كالحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني. يبدو ان هذه الانتخابات لن تكون مثل سابقاتها فالظروف السياسية الحالية والعلاقة بين الحزبين ليست كما كانت في السابق. هنا نحن أمام مرحلة من الصراع السياسي والإعلامي قدّ يآخذ منحاً جديداً غير مسبوق في تأريخ الاقليم المعاصر . فالحزب الديموقراطي الكوردستاني الذي قاد نضال شعب كوردستان في العراق لقرابة سبعون عاما واستطاع أن يحقق إنجازات سياسية هامة يعلم ان الشعب الكوردي رغم كل ما يحاك ضده قادر على الصمود وتحقيق نتائج كبيرة في الانتخابات المقبلة.

 

فالسيرة الذاتية للحزب نفسه بالإضافة إلى سيرة قادته واضحة للجميع وليست مكان  جدل أو نقاش. ناهيك عن التقدم الكبير في عملية تحويل اقليم كوردستان من ارض محروقة إلى مدن اخذت تنافس الدول العظمى في المنطقة بفترة زمنية قصيرة . نعم هناك الكثير من الأزمات التي واجهت مسيرة البناء والازدهار وهذه ليست سوى حالة طبيعية تواجه جميع الدول التي تشهد نهضة اقتصادية وطفرة في البنية التحتية. وفي كل مرحلة من مراحل الحياة من الطبيعي ان تكون هناك حالات سلبية لأسباب تتعلق بنوعية العمل والأداء . ولكن في حالة النهضة التي شهدتها مدينة أربيل ودهوك بالتحديد فان السلبيات لم تشكل عائقا وذلك يعود إلى طريقة التعامل الجاد والمسؤول من قبل حكومة الاقليم وبالتحديد من قبل السيد مسرور البارزاني رئيس حكومة الاقليم الذي اخذ على عاتقه مسؤولية تحقيق تقدم في كافة المجالات . هذا التقدم يبدو انه تسبب في انزعاج بعض الأطراف السياسية الاخرى التي عجزت عن تحقيق ما تم تحقيقه في المناطق التابعة لسلطة الحزب الديمقراطي الكوردستاني.

 

لا احد ينكر تضحيات ونضال الاتحاد الوطني الكوردستاني ودور الراخل مام جلال في تحقيق تقدم سياسي في القضية الكوردية وبالأخص في  المجتمع الدولي الذي كان للراحل مكانة كبيرة فيه وكذلك دوره في تحقيق التوازن بين الأطراف السياسية العراقية وكان يعد صمام الأمان في العراق ومناضلا قويا وشجاعا ومفكراً وسياسيا بارزاً في الشرق الأوسط . ولكن الأمور بعد رحيله اخذت منحاً معاكساً لسياساته وطريقة تعامله مع الأزمات الداخلية والخارجية. ان حزباً بحجم الاتحاد الوطني الكوردستاني وقائداً مثل الراحل مام جلال  كان يحتاج لقيادة رشيدة بنفس المستوى لتتمة مسيرة الحزب ولكن يبدو ان هذا لم يتحقق بوجود السيد بافل الطالباني الذي يبدو من خلال تصريحاته الشبه يومية وطريقة  ادائه انه يفتقر إلى الخبرة والحنكة السياسية  والتعامل المسؤول مع القضية الكوردية  كقضية امة مناضلة تسعى إلى تحقيق أهدافها القومية المشروعة مما جعل حزبه يمر بازمة داخلية مع رفاق درب والده والمناضلين القدماء للحزب الذين فضلوا الابتعاد عن الحزب وقيادته الجديدة . وكذلك لم يوفق في تحقيق التقارب مع الحزب الديموقراطي الكوردستاني الذي وصل في السنوات الأخيرة التي سبقت رحيل مام جلال إلى نقطة التوافق النهائي والاتفاق على المباديء الاستراتيجية للقضية الكوردبة .

 

ان القيم الوطنيّة والمبادئ الأساسية والدفاع عن حقوق ومكتسبات الشعب الكوردي هي الفيصل في اي عملية سياسية او مرحلة انتقالية انتخابية والمتابع لسيرة الشعب الكوردي يعلم علم  اليقين ان الحزب الديموقراطي الكوردستاني هو الذي حمل على عاتقه تلك القيم والمبادئ ودفع ثمنا باهظا من اجلها .

ان توجيه الاتهامات الغير مسؤولة للحزب الديموقراطي الكوردستاني وقيادته من اجل كسب تأييد فئة من الناخبين أسلوب لا يرتقي إلى مستوى الشفافية والنزاهة ولا حتى  الأخلاقية. فالحزب الديموقراطي الكوردستاني تجاوز شعبيته محيطه وبيئته الاجتماعية رغم بعض الانتقادات الموجهة إليه من قبل بعض السياسيين الذين لم يتمكنوا من تحقيق انجازات على المستوى الوطني والدولي كما حققها الحزب الديموقراطي الكوردستاني.

 

والتأريخ المعاصر للدولة العراقية شاهد على ان أربيل هي المركز الرئيسي للقرار السياسي في العراق الحديث  وهذا كافي في ان نفكر مليا في طريقة التعامل مع هذا الحزب وقيادته . المصلحة العامة للشعب الكوردي لا تأتي من خلال التعاون مع عواصم  حاولت عبر التاريخ الغاء الهوية الكوردية ولا من خلال شخصيات سياسية جاءوا عن طريق ورقة اليانصيب إلى سدة الحكم في العراق . عليه ينبغي لقيادة  الاتحاد الوطني الكوردستاني التي  ورثت تاريخ كبير ونضال شاق ان يكونوا بقدر المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقهم . والطريق الأمثل من اجل تحقيق أهداف الشعب الكوردي وطموحه هو الابتعاد عن المزايدات السياسية والمصالح الشخصية التي تهدد المجتمع الكوردي برمته وتعبد الطريق أمام أعداء الكورد في النيل من إنجازاته .

قد يعجبك ايضا