لطيف دلو
يرجع تأريخ تواجد الصعاليك الى العصر الجاهلي وهم كانوا مجموعات لا يعملون لكسب قوت معيشتهم ويعتمدون على النهب والسرقة وعلى احتيال الاغنياء في الارتزاق و كانوا لا يعترفون بعادات وتقاليد وسلطة القبائل لذلك طردوهم قبائلهم الى خارج نفوذها وكونوا مجموعات خاصة بهم وبرز فيهم شعراء وقاصين مشهورين اضاءت اسمائهم صفحات التاريخ الى يومنا هذا.
تأريخ وادي الرافدين عريق وسمي بأرض الحضارات ، دخلتها امم وانزالت تباعا في صراع من اجل الحياة دون وجود يذكر للصعاليك ولكن ادخلهم الاستعمار الجديد عند احتلاله المنطقة ليكون عصاة موسى بيده في السيطرة عليها ، وبمرور الزمن تغيرت الصعاليك حسب التغيرات الحاصلة في الازمان العابرة ليرتزقوا في تعاملهم مع الناس بوسائل اخرى دون ان ينزفوا عرقا وباتوا على ماكانوا عليه الى عهدنا هذا واصبح مثلهم كمثل المماليك من عبد مملوك الى ملوك اصحاب السلطة والمال ، وصعاليك اليوم لا يختلفون عن السابقين تواجدوا بكثرة في عهود الانظمة البائدة خاصة كلما اصبح النظام هزيلا جراء التخبط في سياسة التوسع واحتكار السلطة واستغلوا تلك الفرصة للدخول تحت اباط المسؤلين كجحوش لاسناد النظام كدلالين ومستشارين في الرشوة وسرقة ونهب الاموال العامة واحيانا الاموال الخاصة للاغنياء بحجج واهية كأتاوات واستمر الحال كلما فقد النظام السيطرة زادت مكاسبهم طرديا وعند استشعارهم بوشك سقوط النظام انسحبوا تدريجيا كاخراج الشعرة من العجين وتوجهوا الى الجهة المقابلة ليلعبوا دورهم الاساس لديهم عند استلامهم الحكم دون الشعور بفضائحهم لانهم كالحرباء التي تغير لونها حسب الطبيعة التي تعيش فيها من ناحية ومن ناحية اخرى عدم الخبرة لكثير من المسؤلين الجدد في إدارة السلطات المناطة بهم بعد سقوط النظام البائد لكسب قوت الحرام من خلالها اصبحت الصعاليك الضرورة الحتمية لاشغال هذا الفراغ هذه المرة ليس كالدلالية والاستشارية السابقة بل دخلوا في ظل الفاسدين الى معترك السمسرة مباشرة في التجارة وانشاء المعامل والمصانع نيابة عن اصحاب رؤس الاموال للفاسدين المخفيين خشية الملاحقة والمحاسبة يوما ما واصبحت الصعاليك سادة المجتمع كما حصل في دولة المماليك في مصر عن طريق مهارتهم في تغطية تمرير الفساد والنهب واوصلوا البلاد الى حافة الهاوية ، وبدلا من ان يطردونهم المسؤلون فقد اقتربوهم للسلطة ضعاف الانفس وادخلوا قسم منهم في مستويات عليا في ادارة الاعمال ، والحيرة هنا اذا كانت رئاسة الدولة لا تعلم بما يجرى فهي مصيبة واذا كانت تعلم وساكتة فهي كارثة واذا الصعاليك متوغلون في الرئاسة فهي الطامة الكبرى.
إذا كانت اسماء الصعاليك أضاءت صفحات التأريخ في الشعر والقصص قديما فحديثا جروا البلاد الى الهاوية وادخلوها قائمة الفساد ، ولم يبق الا ان نقول لو خليت قلبت.