سردار علي سنجاري
لم يشهد العراق استقرارا سياسيا او اقتصاديا منذ سنوات طويلة حيث عانى من أزمة القيادة الفعلية الوطنية المخلصة المجردة من سيطرة الأحزاب السياسية والسلطة العسكرية. وما عاناه العراق خلال العقود الأخيرة كفيلة بان يطالب المواطن العراقي بكافة حقوقه المشروعة التي سلبت منه بسبب طيش الحكام القومجيين الذين لم يتمكنوا من تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي في العراق. وإنما العكس فقد خاض العراق في زمن النظام الصدامي البائد حروبا عبثية ولم يحقق سوى الهزائم المتتالية التي عادت بالعراق إلى الوراء بعدما كان العراق في فترات زمنية يسعى للنهوض في كافة المجالات وحقق خطوات متقدمة نحو التغيير السياسي وبرز كدولة متقدمة في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
ولكن تبني الفكر العربي القومي المتعصب والشوفيني في دولة متعددة الثقافات والمذاهب والقوميات جعل من العراق دولة مغلقة في دائرة الصراع السياسي بين المكونات الوطنية والقومية وانتهت إلى المواجهات الطائفية بين المذاهب والطوائف على اساس الدين .
لقد حاول الكورد في البحث عن حلول تمكنهم من تحقيق التوازن بين الصراعات السياسية التي سببتها الأنظمة الحاكمة في العراق وبين البحث عن مخارج لتحقيق الاستقرار في مناطقهم . ولذا كانت السياسة الكوردية دوما سياسة لا تقبل التساوم على المباديء والقيم الوطنية التي قدمت تضحيات كبيرة من أجل تحقيق أهدافها .
ورغم الاختلافات السياسية بين الأنظمة السياسية الحاكمة في العراق والقوى السياسية الكوردية وبالأخص الحزب الديمقراطي الكوردستاني الذي حمل باخلاص أعباء وهموم الشعب الكوردي على عاتقه وسار باتجاه الإصلاح السياسي والديمقراطي فإنه لم ينظر إلى الشعوب العربية إلا نظرة محبة واحترام لما تربط الجانبين من علاقات تاريخيّة واجتماعية ودينية.
وهذه العلاقة لم تكون وليدة اللحظة أو الصدفة انما جاءت عبر مراحل تاريخية مختلفة كانت تربط الجانبين علاقات مشتركة في التصدي لاي عدوان اجنبي يسعى إلى فرض ارادته عليهم وعلى مناطقهم . واحتفظ الكورد بهذه العلاقة الطيبة إلى يومنا هذا وعملوا باخلاص من اجل إنقاذ العراق من كل تبعات الماضي وازالة كل العقبات التي واجهت العراق . وتأمل الكورد كباقي الشعب العراقي خيرا عندما شاهدوا سقوط النظام البعثي الصدامي وزواله إلى الأبد وولادة عراق جديد اعتقد الكورد انه سوف يبنى على أساس الديمقراطية وتقبل الاخر والابتعاد عن الأفكار الخاطئة التي مارسها النظام السابق وإيجاد الحلول لتمكين الشعب العراقي من ممارسة حقوقه السياسية والمدنية بالطرق الديمقراطية. ولكن مجريات الاحداث في العراق بعد السقوط اخذت منحا مغايرا لطموح الشعب الكوردي خاصة والشعب العراقي عامة . فباشرت الحكومة العراقية بفرض قيود جديدة بافكار جديدة مستفيدة من الوضع العام للشعب العراقي الذي سأم من الأفكار القومية والعروبية فتم ادخال الفكر الديني والطائفي والمذهبي في المجتمع العراقي الذي تسبب في حرب طائفية بين ابناء الشعب العراقي الواحد لسنوات راح ضحيتها الآلاف من خيرة ابناء العراق
ورغم الاستقلالية الأمنية والسياسية للكورد فإنهم ايضا وجدوا انفسهم في معركة مصيرية مع جماعات ارهابية تدعي الدين بأفكار متطرفة حاولت السيطرة على منجزات الكورد وتلك المعركة كلفت الكورد الآلاف من الشهداء الذين امتزجت دمائهم الزكية مع دماء اخوانهم من الجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي حتى تم القضاء على تلك الفئة الضالة المسمات بداعش.
.
تلك المرحلة الخاصة من تاريخ العراق الحديث شهدت الكثير من الاحداث والمتغيرات كان الكورد في المستوى الإنساني والأخلاقي في التعامل مع اخوانهم العرب الذين اضطرّتهم الظروف لمغادرة مناطقهم واللجوء إلى الاقليم الآمن وتم تسخير كافة مؤسسات الاقليم الرسمية والغير رسمية لراحة وامان للنازحين من الاخوة العرب . ولكن تفاجأ الكورد بان بعض السياسين في بغداد ممن جاءت بهم الصدفة إلى سدة الحكم وقفوا بكل قوة ضد الاستفتاء الذي أعلنه الزعيم الكوردي مسعود البارزاني ولم يكتفوا بالأساليب السياسية فقط انما تم اللجوء الى استخدام القوة العسكرية في مواجهة المشروع الكوردي . مما استدعى الكورد إلى البحث عن طرق لحماية الاقليم من اي اعتداء سواء من جهة داخلية عراقية رسمية او جهات خارجية او جماعات ارهابية ولذا نشط الكورد والقيادة البارزانية تحديدا في البحث عن اصدقاء للوقوف إلى جانبهم ومساعدتهم في تحقيق التوازن بين الاقليم والحكومة الاتحادية في العراق وقد تم ذلك بالفعل وعادت الأمور الى طبيعتها رغم التلكؤ من قبل الحكومة الاتحادية واستخدام المحكمة الاتحادية تارة للضغط على الاقليم وتارة استخدام الورقة الاقتصادية لتقديم التنازلات.
واليوم يتفاجأ الجميع في الاقليم من تصريحات بعض سياسي الصدفة في العراق الجديد والذين كانوا يعتبرون انفسهم من المقربين للكورد و بفضل الجهود السياسية الكوردية وصلوا إلى اعلى سلطة تشريعية في العراق من موقفهم السلبي والغير مقبول اخلاقيا وسياسيا من تزويد الكورد وإقليم كوردستان بالسلاح الذي يمكنهم من الدفاع عن انفسهم وعن العراق . تلك النظرة السياسية الضيقة لهولاء سياسي الصدفة تجعلنا نعود إلى نقطة الصفر في التعامل مع اي حكومة عراقية لا ترغب في التعامل الجاد في حلحلة القضية الكوردية واستقرار العراق .
اقليم كوردستان بوابة العراق من الشمال واي اعتداء على تلك البوابة هو اعتداء على العراق و الأسلحة الدفاعية يأتي من باب التعبئة الشعبية التي تقوم على مبدأ المنافسة الحزبية للوصول إلى مبتغاهم السلطوي الذي مارسه غالبية قادة الصدفة في العراق الجديد والذي نجح في حد ما واهم باب لكسب ثقة المنتخبين المغيبين سياسيا عن الواقع العراقي هو باب معاداة الكورد وفي نهاية المطاف يلجؤن إلى الكورد واربيل والبارزاني من اجل التوسل اليهم في الموافقة على تأييدهم للوصول إلى مناصبهم .
تبقى كوردستان موطن السلام والشجعان وتبقى العلاقات الكوردية العربية راسخة في وجدان المخلصين والخيريين ويبقى العراق وإقليم كوردستان جسدا واحداً وتاريخا شاملا وشامخا رغم كل ما يحاك ضده من صبية ساسة الصدفة .