شيركو حبيب
بدأت ثورة ايلول في 11 ايلول 1961 بعد ان تخلت حكومة عبدالكريم قاسم عن عهودها، وانحراف بعض قادة ثورة 14 تموز 1958 عن مسارها، و بدأت بمعاداة الشعب الكوردي رغم تأييد الكورد للثورة و زعيمها، والطلب بمنح الكورد حقوقهم في الحكم الذاتي الجمهورية العراقية، ومناشدات القائد الكوردي مصطفى بارزاني بضرورة حل الخلافات العالقة عبر الحوار وعدم اللجوء للعنف، الا ان تعنت الحكومة و قادتها وقصف كوردستان واحراق قراها كان جواب الحكومة، ان هذا التعنت الحكومي وتجاهل الحقوق القومية المشروعة للشعب الكوردي أدى بالقيادة السياسية للحزب الديمقراطي الكوردستاني بقيادة البارزاني الى اعلان الثورة ضد الظلم و الطغيان و الاعمال اللاانسانية.
لم يكن من السهل اتصال قادة الثورة بالعالم الخارجي و بالاخص الاعلام، لعدم توفر الامكانيات و الوسائل، ورغم وجود اذاعة محلية لكن بثها كان محدودا لم تصل الى المناطق الجنوبية في العراق، اضافة الى تشويش الحكومة العراقية على مرسلة الاذاعة، فضلا عن الحصار العراقي من جهة ومنع سفر الاعلاميين الى كوردستان، ومن جهة اخرى كانت الحكومة تدعي بان الثورة عبارة عن تمرد قبلي سيتم القضاء عليه خلال ايام، كان ذلك خلال السنوات الاولى، ولكن لاحقا تم تعريف الثورة بالعالم الخارجي عن طريق ممثلي الكورد او الطلاب الدارسين في اوروبا، ونتيجة لذلك قام العديد من الصحفيين بزيارة كوردستان و اللقاء بقائدها عبر طرق مختلفة، واصبحت اخبار الثورة على صدر صفحات العديد من الصحف و المجلات و الاعلام العالمي، وكانت مصر من اولى الدول العربية التي اشارت الى الثورة حتى ان احدى اعداد جريدة الاهرام اشارت الى الثوار الكورد مما اثار انتباه و احتجاج الحكومة العراقية انذاك، وكانت هناك وسائل اخرى لنقل اخبار الثورة الى العالم الخارجي و لكن دون ان ينشر عن طريق البعثات الدبلوماسية التي كانت ترفع التقارير الى حكوماتهم.
ونشرت صحيفة نيويورك تايمز الامريكية بتاريخ 24/4/1962 تقريرا بعنوان (حركة و اسعة النطاق من قبل الكورد ضد القوات المسلحة لعبدالكريم قاسم)، واشارت الصحيفة بان المعلومات المتعلقة بالثورة من الصعب الحصول عليها.
واشارت بان الثوار الكورد يقودهم الجنرال مصطفى بارزاني، و يطالبون باقامة كوردستان تتمتع بالحكم الذاتي داخل الجمهورية العراقية، وكذلك من ضمن مطالبهم تحسين الوضع الاقتصادي في جميع انحاء العراق.
وفي تقرير خاص لصحيفة نيويورك تايمز في 16/2/1963 من قبل مراسلها دانا ادم شميديت الذي زار كوردستان مرتين و التقى بالزعيم الخالد مصطفى بارزاني، تحدث التقرير عن المفاوضات بين ممثلي الجنرال مصطفى بارزاني و الحكومة العراقية بعد اعلان وقف اطلاق النار، واشير الى ان ضغوط السلام قوية.
وفي تقرير مراسل صحيفة نيويورك تايمز ذاته في 2/3/1963 يشير الى ان للمرة الاولى يعلن زعيم الثوار الكورد البالغ من العمر (59) عاما علنا باستقلال الكورد عن العراق، وقال “ان هناك مليوني كوردي في البلاد ونحن لا نستجدي حقوقنا، واضاف اذا لم تتحقق مطالبنا سنلجأ للقتال من اجله حتى الموت وحتى لو كان هذا يعني الانفصال عن الجمهورية العراقية”. ويشير مراسل الصحيفة الى لقائه بالبارزاني الخالد وسؤاله للجنرال هل هذا يعني ان الكورد يجب ان يكون لديهم قوة مسلحة خاصة؟ بالطبع كان جوابه نعم، و حول الدور الذي يمكن للولايات المتحدة ان تلعبه في هذه المرحلة الحاسمة من النضال الكوردي من اجل الاستقلال؟ يقول الصحفي اجاب ملا مصطفى “ماذا تأمل من شخص اعمى طوال حياته فكيف يمكن للمرء ان يتوقع منه ان يرى الان؟”
وفي 20 ابريل نيسان 1963 اشارت الصحيفة ذاتها بان الكورد اقترحوا على الجمهورية العربية المتحدة و رئيسها جمال عبدالناصر كضامنين للاتفاق مع الحكومة العراقية لانهم لم يعودوا يثقون بالحكومة للوفاء بوعودها.
واشار جميع هؤلاء الصحفيين الى شرعية الثورة الكوردية و مهارة و قدرة قائدها الجنرال مصطفى بارزاني، و مطالبهم المشروعة.
وهناك الكثير من الوثائق من البعثات الدبلوماسية للدول المعتمدة لدى بغداد حول ثورة ايلول و القضية الكوردية، من من منهم يعتبر بانها قضية ضد ابادة شعب و على الدول الكبرى التدخل، و من منهم يعدها قضية داخلية لا علاقة لهم بها.
واجريت العديد من اللقاءات مع القائد الكوردي الجنرال مصطفى بارزاني من قبل صحفيين اجانب و عرب، خلال ثورة ايلول اشادوا فيها الى حكمة و كاريزما الجنرال بارزاني في قيادة الثورة و كفاح شعب لا يطالب سوى بحقوقه المشروعة.