ارهاصات بيئية

 

صادق الازرقي

إشكالية زراعة النخيل في الشوارع والمتنزهات

في ظل تأكيدات الحكومة على أنها ستنشىء غابات ومتنزهات عامة لأغراض تنزه السكان، ومن ذلك مشروع غابات بغداد على أرض معسكر الرشيد، فإن التخطيط لاختيار نوعية الأشجار والنباتات المزروعة يشكل عاملا حاسما في نجاحها وتعزيز جمالية المكان.

وقد رأينا في السنين السابقة إصرارا غير مسؤول من قبل الجهات البلدية على غرس أشجار النخيل في الشوارع العامة وهو أمر خاطىء وإشكالية كبيرة، إذ أن النخلة بطيئة النمو ولاتؤمن الغطاء الأخضر للشوارع والمتنزهات، وفضلا عن ذلك فإن الدوائر البلدية لم تؤمن متطلبات الشجرة بتزويدها بالماء بوساطة احواض الري الملحقة ما أدى إلى موت ألوف الأشجار التي جرى شراؤها وزراعتها.

وبصرف النظر عن أسباب لجوء الجهات البلدية إلى زراعة النخيل بدلا من الأشجار الخضر سريعة النمو، ومن ذلك أن هناك أرباحا مالية يؤمنها شراء النخلة للمسؤولين، فإن الأمر خاطيء من الأساس، إذ أن النخلة لا تصلح كشجرة في الشوارع والمتنزهات والحدائق العامة ويجب أن يلتفت المسؤلون لذلك ويفترض أن يستعينوا بالمتخصصين والدراسات في هذا المضمار.

يجمع المتخصصون الزراعيون على أنه عند اختيار النباتات والأشجار للحدائق والمتنزهات العامة، يجب مراعاة عدة عوامل لضمان نموها الصحي وجمالها وتأقلمها مع البيئة المحيطة، منها ان تكون نباتات سريعة النمو و مناسبة لتغطية المساحات الشاسعة الجرداء في وقت قصير، و توفر الظل و الخضرة وتعمل كحاجز للرياح، كما يمكن الاستعانة بشجيرات متوسطة الحجم تستغل لتشكيل الأسوار الخضر في الشوارع والمتنزهات، وكذلك اختيار نباتات صغيرة مناسبة للحدائق والأحواض، وانتخاب الأزهار التي تضيف ألوانًا زاهية للحديقة والشارع.

ومن الأشجار الكبيرة المفضلة في الشوارع والمتنزهات العامة، الصنوبر، السرو، الزيتون، اليوكالبتوس “الكافور”، اللبخ أو البيزيا، وغيرها، ومن الشجيرات، الورد، الياسمين، اللبلاب، الجهنمية، وكذلك  النباتات العشبية؛ اذ يجب اختيار مجموعة متنوعة من النباتات لتوفير منظر جمالي جذاب.

يجب عند البدء بمشاريع المتنزهات والحدائق العامة وتزيين الشوارع دراسة الجدوى، إذ يتوجب قبل البدء في أي مشروع زراعة،  إجراء دراسة جدوى لتحديد الأنواع المناسبة والأماكن الملائمة، و  الاستعانة بخبراء الزراعة للحصول على المشورة والنصائح.

وفي المغرب مثلا، صدر مؤخرا قرار بالتوقف عن زراعة أشجار النخيل في الشوارع بعد حملة شنها ناشطون بيئيون ضد الاستمرار في زراعتها لعدم فاعلية النخلة وتشويهها لمنظر الشارع بحسب وصفهم، جاء ذلك بعد أن تداول عدد من نشطاء البيئة عريضة للتوقيع على موقع “أفاز” العالمي، تدعو إلى وقف غرس النخيل بالمدن المغربية، وغرس الأشجار على وفق مخططات منظرية محلية تأخذ بعين الاعتبار خصوصية كل منطقة.

وحذر الناشطون والمهندسون من غرس شجرة النخيل في غير مجالها، وقالوا إنها تتعذب وتكون بصحة غير جيدة وينتهي بها الأمر إلى الذبول ثم الموت، فيما ذكرت الوثيقة التي قدموها، أن “النخل لا يوفر الظل المطلوب إلا إذا كان على شكل مجموعة، وهو الأمر الذي يصبح جد مكلف، كما لا يحمي من انجراف التربة كما الأشجار الأخرى”.

وملخص القول إننا في العراق يجب أن ندرك أن النخيل غير صالح للزراعة في الشوارع والحدائق والمتنزهات العامة بل إن مكانه هو البساتين والصحارى.

 

قد يعجبك ايضا