د. توفيق رفيق التونچي
الجزء الثاني
السويد جزء من أوربا وعضو في الاتحاد الأوربي تصل عدد سكانها الى ما يقارب 9.4 مليون نسمة و بكثافة سكانية تصل الى حوالي 22 فردا لكل كيلو متر مربع ونرى ان توزيع السكان غير منظم حيث تزداد كثافتهم كلما توجهنا من الشمال الى الجنوب حيث ان 85 % من السكان يعيشون في المدن الكبيرة وينتشرون عادة في وسط وجنوب البلاد حيث نرى ان مدنا ك” ستوكهولم” و” گوتابورگ” ومقاطعة “اسكونه” متجمعة يكونون نصف سكان السويد البالغ 8،9 مليون نسمة وأول إحصائية للسكان تعود الى عام 1749 حيث كان سكان السويد لا يتجاوز المليونين نسمة أما المؤشرات الحالية لنمو السكان فتبين انخفاض معدل النمو السكاني والولادات منذ 1990 ولحد اليوم والواقع ان الحالة المعيشية للناس كانت حتى عام 1860 تسودها الفقر والعوز الشديدين أدى ذلك الهجرة الملايين الى أمريكا الشمالية لاحقا والجدير بالذكر ان اليوم هناك عدد كبير من اللاجئين في السويد ومن كافة أنحاء العالم يربو عددهم على المليون والنصف المليون.
بدات الهجرة الى السويد مع الحرب العالمية الثانية مع المهاجرين الفنلنديين ومن دول البلطيق في حين ساعدت سياسة الهجرة السويدية الى استقدام القوة العاملة من دول جنوب أوربا وفنلندا ودول الشمال في حين كان للنزاعات والحروب في الشرق الأوسط الأثر الأكبر على نزوح اللاجئين من دول ك أفغانستان ، لبنان ، العراق ، إيران وتركيا إثناء السبعينات والثمانينيات ولحد يومن هذا حيث السوريين اللذين يتركون بالألاف سوريا اثر الحرب الأهلية في سوريا هذا وقد جاء عدد كبير بعد الحرب البلقانية واثر تفكك جمهورية يوغسلافيا السابقة.
كما ذكرت سابقا ان السويد مملكة ذو نظام ديمقراطي برلماني يتم كل أربع أعوام انتخاب نواب الشعب للمجلس الوطني المسمى” ريكس داك” ونواب المجالس البلدية والمحافظات. إلا ان كونها عضو في الاتحاد الأوربي واتحاد دول الشمال قد أدى الى مراجعة العديد من الخصائص القومية للدولة وتبديلها بأخريات أوروبية. البرلمان الأوربي والمحكمة الأوربية تعتبر قراراتها فاصلة وتطبق في جميع دول الاتحاد مما يؤدي الى تناقض واضح بين الدساتير الوطنية لتلك الدول كوجود نصوص تؤكد ان السلطة للشعب الذي يوكل فقط نواب يمثلوه ينتخبون عن طريق انتخابات حرة حيث يحق لهم إصدار القوانين باسم الشعب وما الى ذلك من أمور. الدستور السويدي المعمول به الجاري يتكون من أربعة قوانين أساسية هي:
“نظام المقاطعات في السويد يقسم الدولة الى خمس عشرون مقاطعة و كانت عام 1658 تتكون من أربع وعشرين مقاطعة ذو خصائص جغرافية واثنية وتقاليد واعراف وثقافات متباينة تكون مجموعات ثقافية ذو خصائص وربما لهجات وملابس ومشارب مختلفة تطورت تاريخيا مختلفة ومتمايزة في أمور كثيرة ولكنها تكون بمجموعها الأمة السويدية بكل أطيافها التعددية. لكل مقاطعة شعار خاص بها يميزها عن المقاطعات الأخرى وترمز الى أمور تميز تلك المقاطعة وأبنائها”
- قانون تنظيم شكل الحكومة (1974): يتضمن مجمل القوانين والتعليمات التي تنظم هيكلة عمل الحكومة ومؤسساتها ورئيس الدولة (الملك) وواجباته الرمزية وقوانين الانتخابات البرلمانية وامور أخرى بالإضافة الى بيان حقوق وواجبات المواطن كحرية الاعتقاد والرأي وإنشاء الجمعيات…الخ
- قانون الترتيبات التعاقبية (1810): تشمل على أصول التوارث للسلطة بين الملك وولي العهد ” ولية العهد السويدية” حيث يحق فقط للمولود البكر اعتلاء العرش الملكي.
- قانون تعليمات حرية النشر (1949) وقانون حرية التعبير (1991): جميع الوثائق والمعاملات الرسمية علنية كمبدأ أساسي يمكن للمواطن مراجعتها دائما ويحمي القانون حرية النشر والرأي والبث الإذاعي والتلفزيوني والأفلام وينظم القانون كذلك أمور تخص بالأمن والسلامة الوطنية كجرائم التجسس والخيانة العظمى
- قانون تنظيم شؤون البرلمان المستحدث عام (1974): إن مبدأ “الشعب مصدر السلطات” يمثل أساس الحكم البرلماني السويدي والديمقراطية التعددية السويدية تأخذ بمبدأ لكل فرد صوت واحد والمساواة بين المرأة والرجل في عملية التصويت والانتخاب والترشيح بينما يعتبر سن البلوغ اي الثامن عشر سنا قانونيا يحق من بلغها التصويت لانتخاب أعضاء البرلمان البالغ عددهم 349 برلمانيا يتم انتخابهم في انتخابات عامة حرة بالاقتراع السرى والمباشر كل أربع سنوات في يوم الأحد الثالث من شهر سبتمبر. يقوم أعضاء البرلمان بإدارة الأموال العامة للشعب واتخاذ القرارات بصرفها في المشاريع العامة وبناء الدولة ويقومون كذلك بإصدار القوانين التشريعية كما ان الحكومة تصدر تعليمات لها روح القانون في التطبيق وهنا نرى وكما ذكرت سابقا مدى تأثير وجود السويد كدولة عضو في الاتحاد الأوربي عليها التزاماتها منذ عام 1995 حيث اجري استفتاء عام للشعب الذي صوت بالموافقة على الانتماء الى الاتحاد الأوربي طوعا. يتم تحضير مقترحات النواب والحكومة في مجلس البرلمان بينما يقوم مجلس الوزراء المكون للحكومة بإدارة الدولة والحكم والقيادة والحكومة مسئولة أمام الدستور الدائم عن جميع نشاطاتها وفعالياتها بينما يتم تحضير قضايا الحكومة في وزارة الدولة تحت إشراف مستشار الدولة وسكرتير الدولة ويتم تداولها لاحقا في مجلس الوزراء تحت رئاسة رئيس الوزراء.
نظام المقاطعات في السويد يقسم الدولة الى خمس عشرون مقاطعة و كانت عام 1658 تتكون من أربع وعشرين مقاطعة ذو خصائص جغرافية واثنية وتقاليد واعراف وثقافات متباينة تكون مجموعات ثقافية ذو خصائص وربما لهجات وملابس ومشارب مختلفة تطورت تاريخيا مختلفة ومتمايزة في أمور كثيرة ولكنها تكون بمجموعها الأمة السويدية بكل أطيافها التعددية. لكل مقاطعة شعار خاص بها يميزها عن المقاطعات الأخرى وترمز الى أمور تميز تلك المقاطعة وأبنائها.
خارطة الأقاليم السويدية
أساس تقسيم الدولة الى تلك المقاطعات تأتى بالدرجة الأولى من الفروقات الثقافية من أعراف وقيم وتقاليد مختلفة وارتباط ساكنيها تاريخيا مرورا بالتطور الاجتماعي والاقتصادي الموحد وربما انهم يتحدثون بلهجة مختلفة عن المناطق الأخرى ” قارن بين لهجات العراقيين من موصل وسليمانية واربيل وديالى والبصرة وكركوك والناصرية وكربلاء والعمارة والرمادي واللهجة البغدادية العذبة.. مثلا” .
الجدير بالذكر ان اختلاف القوانين المحلية ترجع الى القرون الوسطى أيام سيادة النظام الإقطاعي وحكم النبلاء ” انظر الى التطور التاريخي للإمارات في إقليم وكردستان العراق”. الأقدم بين قوانين المقاطعات هي تلك التي من مقاطعة غرب ” گوتلاند” وتعود الى حوالي عام 1200 تليها القوانين والشرائع التي عومل بها في مقاطعة “شرق گوتلاند” والبلد الصغير وقوانين ” گوتا ودالا”. وكانت تعتبر قوانين محلية غير مسنة في كتب التشريع ما عدا قوانين مقاطعة “اوپلاند” التي تعود الى عام 1296 التي شرعتها لجنة مكونة من اثنا عشر من رجال القانون آنذاك والتي أعلى ضوئها تم تسنين العديد من القوانين لاحقا. اليوم نرى ان نظام الأقاليم قد تخطت حواجز وحدود تلك المقاطعات التي باتت لا تمثل تقسيما إداريا محددا وبقت محتفظة بشكلها في وعي الناس وعاطفتهم ينتمون أليها ثقافيا وتكون شخصيتهم المتميزة.
مقاطعة لا پلاند:
لتقريب الصورة اكثر الى القارئ الكريم سوف أتحاول وبالتفصيل اخذ عينة من تلك المقاطعات التي تتميز اثنيا مع المقاطعات الأخرى كما هي عليها إقليم كوردستان في العراق الا وهي المقاطعة الشمالية لا پ لاند. وتقع هنا أعلى جبل في السويد جبل كابناكيسي الذي تم صعود قمته عام 1883 من قبل المستكشف” چارلس رابوت”. وشعار المقاطعة يعود الى عام 1606 وربما يمثل الشخصية الأسطورية الإغريقية هرقل الذي كان يمثل قة الرب على الأرض في الميثولوجيا الإغريقية.
ينقسم السويد الى 21 إقليم وذلك التقسيم الإداري والسياسي ونظام الأقاليم من الأنظمة المهمة في إدارة الدولة وشأنها لامركزية. ترجع التسمية السويدية لنظام الأقاليم الى العصور الوسطى حيث كان يطلق على المناطق التي يجبى منها الإقطاعيين الميسورين أو النبلاء الضرائب وتعتبر اقتصاديا وحقوقيا أماكن حرة وكان هناك وكلاء للملك يقومون برعاية قصوره وممتلكاته في تلك الأقاليم وكان إداري الملك يجبون الضرائب كذلك الشخصية ويجبون الرسوم الرسمية من الناس كرسوم المخالفات وأحكام المحاكم وأمور أخرى.
كان لوجود تراب الحديد أهمية كبيرة في هذه المقاطعة وكما هو معروف ان تراب الحديد يعتبر المادة الأولية لتعدين الحديد وإنتاج الفولاذ وقد جرى استثمار ها منذ أوائل عام 1673 وبدء استيطان المنطقة حيث تنتشر المقالع والمناجم في هذه المقاطعة. مع إنشاء خط سكك الحديد تراجعت المشاكل العالقة بالنقل عام 1888. تشتهر المقاطعة كذلك بالمحميات الطبيعية حيث اكبر حديقة وطنية لحماية البيئة تتواجد هناك. يعيش هنا الشعب المعروف باسم “السام “، شعب من اعرق شعوب دول الشمال وأقدمهم في استيطان القطب الشمالي وجليدها هؤلاء اللذين كان الشماليون يطلقون عليهم تسمية ” الفين” حيث يعيشون كما يعيش البدو ويتوزعون اليوم في أربعة دول هي روسيا وفنلندا والنروج والسويد استوطنوا جليد الشمال منذ اكثر من عشرة آلاف من السنين.
يعملون بالدرجة الأولى في رعي حيوان” الآيل” وصيد الحيوانات البحرية كالأسماك والحيوانات الأخرى. يبنون بيوتهم كخيام الهنود الحمر السكان الأصليون في القارة الأمريكية وذلك بجمع حزمة من جذع الأشجار الطويلة على مساحة ارض دائرية تلتقي في القمة مكونا شكلا مخروطيا تغطى بجلود الحيوانات بينما تترك فتحة في قمة الخيمة للتهوية.
تسمى المقاطعة التي يقطنها هذا الشعب في السويد ب ” لا پلاند ” ويسمى الشعب أحيانا ب ” اللاپ” حيث يتحدثون بلغتهم الخاصة ذو اللهجات المتعددة حيث مدارسهم يتم فيها تعليم الأطفال بالإضافة الى اللغة السويدية واللغة الانگليزية والتي تعتبر اللغة الدراسية الثانية في السويد. للشعب السامي ثقافة وموروث ثقافي غني وخاصة في الملابس الشعبية وأدوات البيت المصنوعة من عظم قرن الأيل كالمطاوي ” السكاكين” ويبقى طراز النمنمات التطريزية الجميلة والملونة من السمات الأساسية للملابس الشعبية لهذا الشعب. يعتبر السام من الصيادين البارعين وهم يرعون قطعان الأيل يتجولون بحرية تامة بين دول الشمال الثلاث التي اتفقت فيما بينها على حرية التنقل بين أبنائها دون الحاجة حتى لجواز سفر.
عام 1809 تآمر روسيا القيصرية و دول الشمال على تحديد ورسم الحدود بينهم وبذلك يتم تقسيم هذا الشعب بين الدول الأربعة. ان تعدادهم الكلي لا يصل الى 65 ألف نسمة ويعتقد ان الكثيرين من أبناء هذا الشعب قد تحولوا وذابوا مع مرور الزمن بين السويديين والفنلنديين ناسين لغاتهم وأصولهم الحقيقية دون ان تكون هناك سياسة مبرمجة ومخططة خاصة لحكومات الدولتين لتغير الطابع القومي لهذا الشعب بل تم تدريجيا وطوعيا ويتأسف القلة الباقية لهذا التطور ويجاهدون في سبيل الحفاظ على الهوية الثقافية لشعبهم حيث البرلمان الخاص بهم يتم انتخاب أعضائه في انتخابات حرة وديمقراطية دون أي تدخل من الحكومة المركزية.
ينقسم السويد الى 21 إقليم وذلك التقسيم الإداري والسياسي ونظام الأقاليم من الأنظمة المهمة في إدارة الدولة وشأنها لامركزية. ترجع التسمية السويدية لنظام الأقاليم الى العصور الوسطى حيث كان يطلق على المناطق التي يجبى منها الإقطاعيين الميسورين أو النبلاء الضرائب وتعتبر اقتصاديا وحقوقيا أماكن حرة وكان هناك وكلاء للملك يقومون برعاية قصوره وممتلكاته في تلك الأقاليم وكان إداري الملك يجبون الضرائب كذلك الشخصية ويجبون الرسوم الرسمية من الناس كرسوم المخالفات وأحكام المحاكم وأمور أخرى.
بينما كانت هناك أقاليم خاصة تدار مباشرة عن طريق مستشار الملك. بمرور الزمن اتخذ نظام الأقاليم صبغة إدارية وتحول الى حكم محلي للملك، ولكن أول إقليم حر ولد عام 1634 وتحول الى شكله الحالي عام 1718 وهو إقليم الشمال وبقى الإقليم الوحيد في السويد حتى عام 1762 بإدارة محلية مستقلة تدار عن طريق برلمان محلي أو مجلس الإقليم يرأسها نائب للملك.