مؤيد عبد الستار
اختلف الرواة في نسب المتنبي فذهب البعض الى انه أخفى نسبه لانه ادعى النبوة ، و خوفا من نزاعات قبلية تلحق أهله وقبيلته.
وهو القائل :
وإني لمن قوم كأن نفوسهم / بها أنفٌ أن تسكن اللحم والعظما
يذكر عبد الوهاب عزام محقق ديوان المتنبي مولده فيقول : ولد ابو الطيب أحمد بن الحسين بن الحسن المتنبي بالكوفة في كندة، سنة ثلاث وثلثمائة هـ. نشأ بالشام والبادية ، وقال الشعر صبيا.
اما الباحث والصحفي عبد الغني الملاح فيذكر في كتابه ( المتنبي يسترد أباه ) عدة روايات عن نسب المتنبي ، منها:
1- هو أحمد بن الحسين بن الحسن بن الحسين بن عبد الصمد الجعفي .
2- هو احمد بن عبدان السقاء
ويزعم الملاح ان المتنبي من سلالة الاسرة العلوية وانه سجن لانه طالب بحقه بالعلوية . ص 98 عبد الغني الملاح ، المتنبي يسترد اباه .
وأرى هذا الزعم لا يرقى الى اليقين لانه لا يستند الى دلائل مادية وانما الى تفسير لسلوك المتنبي .
يقول الملاح في ص 166 (ان المتنبي كان يعرف حقيقة نسبه من جدته الصالحة ويعرف انه ابن رجل عظيم غـيـبـته تحتمها الضرورة الزمنية خوفا من القتل وحرصا على قضية سياسية ومذهبية في آن واحد )
ويذهب الشطط بالملاح الى الادعاء ان نسب المتنبي ينتهي بالامام المنتظر في الوقت الذي يذكر فيه ان ( معظم الروايات مفتعلة ومصنوعة لتأييد قضية معينة أو التشهير بها ) نفس المصدر ص 155.
أما عبد الرحمن صدقي فيقول في مقال ضمن كتاب ابو الطيب المتنبي، حياته وشعره الصادر عن مكتبة النهضة/ بغداد ،د . ت ، ص 61
( كان ابو الطيب من أصل وضيع خامل،وأبوه الحسين يعرف بعبدان السقا، وكان فيما يقال سقاء بالكوفة يستقي على جمله لاهل محلة بها اسمها كندة ، والمأثور عن أبي الطيب حرصه على تكتم نسبه ، وقد سئل في ذلك فقال يلتمس وجه الحجة ( وإني أنزل دائما على قبائل العرب وأحب ألا يعرفوني خيفة أن يكون لهم في قومي ترة ).
وهناك رواية اغفلها الرواة يقول فيها : ابو الحسن محمد بن يحيى العلوي : ( كانت جدة المتنبي همدانية ، صحيحة النسب لا أشك فيها وكانت جارتنا من صلحاء النساء الكوفيات.) ينظر كتاب اعلام النساء في الكوفة الغراء لمحمد سعيد الطريحي ص 23 ط 2 ، 1989 هولندا.نقلا عن نزهة الالباء /220
وقال في رثائها قصيدته العصماء :
ألا لا أرى الاحداث حمدا و لا ذما / فما بطشها جهلا ولا كفها حلما
بكيت عليها خيفة في حياتها / وذاق كلانا ثكل صاحبه قدما .
هذا الخبر يدل على ان المتنبي مثله مثل العديد من مشاهير الادباء الكرد لم يفصحوا عن نسبهم خشية الاضطهاد والتمييز العرقي ، لان العديد من الشعوب التي دخلت الاسلام ومن بينها الكرد تعرضوا الى التمييز العنصري واتهم الكثير منهم بالشعوبية ومنهم من دفع حياته ثمنا لنسبه .
ومن المفيد أن نذكر إن أشهر رواة شعر المتنبي هو علي بن ايوب ابن ساربان . ولد في شيراز سنة 347 للهجرة وتوفي ببغداد سنة 430 هـ. ويأتي الاول في تسلسل رواة شعر المتنبي . راجع جدول الرواة في ديوان المتنبي تحقيق عبد الوهاب عزام .
ومن الجدير بالذكر ان مدينة الكوفة كانت معروفة بسكانها العرب و الكرد والفرس والنصارى وكانت مشهورة باحتفالات النوروز والشعانين.
من شعر المتنبي يمدح الفضل ابن العميد وزير ركن الدولة :
جاء نوروزنا وأنت مراده / وورث بالذي أراد زنادهُ
نحن في أرض فارس في سرور / ذا الصباح الذي يرى ميلاده
عظمته ممالك الفرس حتى / كلّ أيام عامه حساده
عند من لا يقاس كسرى أبو ساسان ملكا به ولا أولاده
وللمتنبي قصائد في مدح اعلام من رجال همدان مثل الحسين بن علي الهمداني ، قال فيه :
مدحت أباه قبله فشفى يدي // من العدم من تشفى به الاعين الرمد ُ
يقودنا تمحيص هذه الاخبار وحرص المتنبي التكتم على نسبه على انه شاعر مبرز قد ينتمي لاسرة كردية من همدان وإنه ابن سقاء للماء في الكوفة يدعى عبدان أو عيدان السقاء وان جدته من همدان كما جاء في الاخبار التي تكتم عليها المتنبي وأهملها الدارسون وتمسكوا باغفال نسب المتنبي كما رأينا .
ومن المفيد أن نذكر بعض أسماء مشاهير الشعراء والادباء الكرد مثل : أمير الشعراء أحمد شوقي ، الشاعر الفيلسوف جميل صدقي الزهاوي ، الشاعر الكبير معروف الرصافي ، الشاعر المجدد بلند الحيدري ، الاديب الموسوعي أحمد كرد علي ، محمود تيمور واسرته التيمورية ، ومن الشعراء الموالي- كورد / فرس – بشار بن برد والنواسي ومهيار الديلمي وغيرهم كثير.