ارهاصات بيئية .. الزحف العمراني على الاراضي الزراعية والامن الغذائي

 

صادق الازرقي

زحف البناء على الأراضي الزراعية في العراق له تأثير كبير على الأمن الغذائي، وبحسب التجارب المتحققة والدراسات المتخصصة يمكن تلخيص هذه التأثيرات في نقاط منها، ان الزحف العمراني يؤدي إلى تقليص المساحات الزراعية المتاحة، مما يقلل من قدرة العراق على إنتاج المواد الغذائية محلياً. هذا يعني أن العراق يصبح أكثر اعتمادا على الواردات الغذائية، مما يعرضه لمخاطر تقلبات الأسعار العالمية وأزمات الإمداد.

والتحول من الأراضي الزراعية إلى الاستعمالات العمرانية يمكن أن يؤثر على جودة التربة والموارد المائية، اذ ان التربة التي كانت تستغل للزراعة قد تتدهور أو تتعرض للتلوث نتيجة للتوسع العمراني؛ كما أن التوسع السكاني يؤدي إلى زيادة استعمال المياه لأغراض غير زراعية، مما يقلل من كمية المياه المتاحة للري.

والزحف العمراني يؤدي إلى تدمير المواطن الطبيعية للنباتات والحيوانات، ما يسهم في فقدان التنوع البيولوجي الذي يمكن أن يكون له تأثير على الإنتاج الزراعي واستدامته.

ومع تزايد استيطان المناطق الزراعية، تزداد الكثافة السكانية في المدن، مما يؤدي إلى زيادة الطلب على الغذاء، ومع تقليص الأراضي الزراعية، يكون هناك نقص في الإنتاج المحلي وزيادة للاستيراد ومعاناة السكان من تقلبات الأسعار.

والتوسع العمراني غالبًا ما يأتي على حساب التنمية الريفية، مما يؤدي إلى نقص في الدعم والتطوير المطلوب للبنية التحتية الزراعية وتحسين تقنيات الزراعة.

وللتصدي لهذه التحديات، فان الحكومة بحاجة إلى سياسات تدعم حماية الأراضي الزراعية وتنظيم التخطيط العمراني بشكل يوازن بين التنمية الحضرية والحفاظ على الزراعة المحلية.

وفي الحقيقة فان سياسات الحكومات المتعاقبة في العراق وافتقارها الى سياسة اسكانية وعمرانية فاعلة من جانب واهمالها الاراضي الزراعية الخصبة والامتناع عن خدمتها وتطوير اساليب زراعتها، ادت الى امرين ارتبطا بذلك اولهما، انعدام الدافع لدى ملاك الاراضي والمزارعين في الاستمرار بالعمل الزراعي بخدمة الارض وزراعتها، ما ادى الى تفضيلهم تقسيمها وبيعها كقطع سكنية.

 وثانيا، ان حرمان السكان من الحصول على منزل للسكن اجبرهم على البحث عن مصادر ملائمة لوضعهم المعيشي ووجدوا ذلك في القطع الزراعية لاسيما مع الارتفاع المتواصل في اسعار العقارات بخاصة في العاصمة بغداد.

وبرغم ان شراء القطع السكنية المستقطعة في المناطق الزراعية غدا بمنزلة واقع الحال، فان الحفاظ على ما تبقى من الاراضي الزراعية يستوجب اولا، الحل الجذري لمشكلة السكن بتوفير الشقق او المنازل لعامة السكان بأسعار معقولة، فذلك الامر يدفعهم الى عدم التفكير بشراء قطع الاراضي الزراعية لأغراض السكن.

والامر الآخر من الحل، اعادة احياء الزراعة وتوفير المياه والقروض لأصحاب الاراضي الزراعية وتحسين وتحديث خدماتها؛ ليكون ذلك عاملا لبقائهم في الارض وتشجيعهم على مواصلة خدمتها وزراعتها؛ ومن دون ذلك يتواصل تدهور الاراضي الزراعية، فيما يتجه اصحابها الى تفضيل تقطيعها وبيعها  كقطع زراعية سكنية وما يسببه ذلك من فوضى عمرانية وحياتية، فضلا عن انحسار الزراعة في العراق “بلد النهرين” وما يؤديه ذلك الى تواصل استيراد المنتجات الزراعية التي يدفع البلد اموالا طائلة ثمنا لتوريدها الى العراق، هذا برغم جودة المنتجات الزراعية العراقية التي يقر بها الجميع، التي نطمح الى استمرار تواجدها في الاسواق.   

قد يعجبك ايضا