د. توفيق رفيق التونچي
التنمر الرقمي مصطلح ربما يستخدم للمرة الأولى لكني آثرت استخدامها كصفة من صفات عالم المعلوماتية والتطورات الهائلة في عالم الاتصالات الرقمية والافتراضي والذي نعيش فيه اليوم. واعني بهذا المصطلح ليس فقط بمعناه العام وجميع الآثار السلبية لاستخدام أنظمة المعلوماتية وتأثيرها في السلوك السلبية للبشر وخاصة التنمر بصورة عامة في كافة مجالات الحياة. التنمر كذلك يستخدمه الأطفال والمراهقين في علاقاتهم مع اقرأنهم في المدارس وساحات اللعب وحياتهم اليومية.
التنمر هو أحد أشكال العنف و إزعاج الآخرين مقصودا ( مع سبق الإصرار) بطريقة متعمدة ومتكررة. وقد يأخذ التنمر أشكالًا متعددة كنشر الإشاعات، أو التهديد، أو مهاجمة الطفل المُتنمَّر عليه بدنيًا أو لفظيًا، أو عزل طفلٍ ما بقصد الإيذاء أو حركات وأفعال أخرى تحدث بشكل غير ملحوظ. ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي بدا استخدامه كأداة للتنمر كذلك عن طريق نشر الصور المزيفة. وحتى إجراء تعديلات على الصور والأفلام ودمج الصور بصورة مخلة للشرف وغير أخلاقية.
الثورة الهائلة في عالم الرقمي والاتصالات مع تطور وسائل الاتصالات ومواقع التواصل الاجتماعي وحرية الحركة الرقمية وخاصة الجيل الجديد من الذكاء الصناعي( AI ) الذي بدا يغزو كافة مجالات الحياة وتتحول الى هاجس مخيف للبشرية بدلا من ان يكون لخيرها.
راجع مادتنا حوا الموضوع تحت الرابط التالي:
ومع كل كشف علمي متطور يبدأ نقاش حول الفائدة والخسارة. لكن هل التطور في خدمة البشرية او هل يجعل من بني البشر خيرين ويتركون طريق الشر؟ طبعا يمكن استخدام هذا التطور في امور لخير البشرية خاصة في مجال البحوث العلمية والطبية. “السايبرنتك” Cybernetik علوم التحكم والكلمة في الأصل يونانية وتعني آلة التحكم في السفن الذي يوجه به دفة السفينة. التطورات الحديثة في عالم المعلوماتية ادى الى توظيفها من قبل الأشرار في عمليات ابتزاز وتزيف للحقائق بحيث ان بعض تلك العمليات ادى حتى الى حوادث الانتحار هؤلاء ممن تنمر عليهم رغم ان الإحصائيات غير متوفرة لإجراء بحث علمي في الموضوع. الا ان التنمر حالة مستمرة ونراه خاصة بين المشاهير في عالم الفن والمال والسياسة. لا بد إدراك خطورة الأمر عند الشباب والمراهقين وخاصة في الصفوف الدراسية في المدارس. التزوير والتزييف والاستنساخ أمور باتت طبيعية في عالم الذكاء الصناعي كل ما تحتاجه تلفون خلوي ( موبايل) وبعض البرامج. هذا ما يجعل من المؤسسة التعليمية تقف امام خطورة زحف الذكاء الصناعي بإبعاده السلبية الى المدارس خاصة يجب ان لا ننسى بان الهيئة التدريسية نفسها لم تتمكن منتسبيها من مواكبة كل تلك التطورات في عالم المعلوماتية.
الجهل ألمعلوماتي صفة عامة في الجيل القديم وبين الكبار وقد نرى حتى ذلك بين مواطني الدول الأوربية والغربية المتطورة تقنيا وحتى استخدام الانترنت غير منتشر ويحتاج الكبار في السن الى كورس لمعرفة كيفية التعامل مع كل تلك التطورات في عالم الاتصالات. حتى القوانين المرعية في معظم دول العالم لم تتمكن من مسايرة تلك التطورات وسن القوانين لجرائم النظام الرقمي لذا يبقى مرتكبي تلك الجرائم بعيدين عن أيادي العدالة بينما نرى زيادة في اعدد الضحايا يوما بعد اخر.
المشكلة متفاقمة في الدول الفقيرة وخاصة بين المجتمعات الأمية ( الجهل بالقراءة والكتابة) حيث يكون الوالدين امام مشكلة كبيرة مع ابنائهم اللذين يجيدون استخدام المعلوماتية وعلى كافة الأصعدة. تلك العوائل ليس لهم اي رقابة على أفعال أبنائهم في البيت، في المدرسة وخارج الدار. هذا البون الشاسع بين معارف الأبوين والأبناء يؤدي الى مشاكل عديدة. خاصة ان الانترنت اليوم يسمح للمرء الولوج الى عالم الجريمة وبسهولة وحتى وهو جالس في إحدى المقاهي مع أصحابه لذا نرى زيادة ملحوظة في الجرائم المرتبطة باستخدام الانترنت خاصة الجرائم الاقتصادية بابتزاز الكبار في السن كما ان العديد من الجرائم ترتبط اليوم بالمعلوماتية مباشرة.
كما انها تستخدم في النزاعات والحروب وهناك دلائل على استخدامها في الانتخابات العامة في العديد من دول العالم. كما تمثل اداة يستخدمها الجهات الأمنية للدول في السيطرة على الراي العام في دولهم والتأثير عليهم بطرق مختلفة. الوعي بأهمية المعرفة في تطور الشعوب والوصول الى مجتمعات مفتوحة وتعددية في عالمنا اليوم تحدي كبير يواجه جميع المجتمعات البشرية.
الأندلس
٢٠٢٤