المندلاوي و ” في سيرة الإمام علي الهادي ( عليه السلام) نسبه- نشأته- حكمه- وفاته” و ” زينب بنت علي بن ابي طالب، قراءة معاصرة” للد. الألتونچي
اعداد: عدنان رحمن
اصدار: 27- 8- 2024
في العام 2011 في العراق- بغداد صدر للدكتور عدنان محمد قاسم المندلاوي كتاب بعنوان (( في سيرة الامام علي الهادي ( عليه السلام) نسبته- نشأته- حكمه- وفاته)) ورد في جزء منه ما يلي:
– ” بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة: هذه سطور عطرة في سيرة احد أنوار بيت النبوة الطاهرة الا وهو الامام العاشر علي الهادي، الذي وصف بجلال الهيبة وإشعاع نور الإمامة النبوية منه، إذا ما نظر اليه احد في زمانه الا أهابه وما اجتمع به إنسان الا وامتلأ إعظاما له وتمنى ان لا يفارقه.. فقد اجتمعت خصال الأمانة، وتكامل فضله وعلمه وخصاله الخيرة، وكانت أخلاقه كلها خارقة للعادة كأخلاق آباءه وكان بالليل مقبلا على القبلة لا يفتر، وعليه جبة صوف وسجادة على حصير… وكان عابدا زاهداً. وكان الأمل المرجى في كل صغيرة وكبيرة للمحتاجين من طبقات الناس استجابة لطلباتهم علما طلبوه منه او مالا اعتازوه فأكرمهم غاية الإكرام. وهذا مختصر سيرته الطاهرة.
ولادته: ولد في المدينة المنورة في ٧ رجب سنة ٢١٤ هـ وفي رواية أخرى ١٥ ذي الحجة سنة ۲۱۲ هـ وتوفي في سامراء في الثالث من شهر رجب سنة ٢٥٤ هـ، وأمّه السيدة أم الفضل، وكنيته ابو الحسن وأشهر ألقابه التقي والهادي، وله ألقاب أخرى… وكان اسمر اللون جميلا طيب الريح .. شاعره. الصوفي والديلمي وبوابه عثمان بن سعيد ( رحمه الله) وله أربعة اولاد وبنت واحدة.
كنيته أبو الحسن: خاف المتوكل من ميل الناس في المدينة المنورة فاستدعاه الى سامراء، ولما دخل عليه استنشده المتوكل شعرا، فأنشد قصيدة مطلعها:
باتوا على قلل الأجيال تحرسهم
واستنزلوا بعد عز من معاقلهم
الى ان يقول:
غلب الرجال فلم تنفعهم القلل
واودعوا حفرا يا بئسما نزلوا
يا طالما أكلوا وما شربوا
فأصبحوا بعد ذلك الأكل قد أكلوا
فبكى المتوكل والحاضرون في مجلسه وهم متأثرون غاية في التأثر، وله إشارات لطيفة وأدعية رقيقة وأقوال في الفقه ورواية الحديث دقيقة، كما كان غزير العلم باهر الكرامات جوادا ،کاسمه متواضعا، عابدا.
الإمام علي الهادي ( ع) ( 214 هـ – ٢٥٤هـ) / ( ٨٢٩- ٨٦٨ م ([1]) اسمه هو الامام العاشر السيد الجليل علي الهادي بن الامام محمد الجواد بن الامام علي الرضا بن الامام موسى الكاظم بن الامام جعفر الصادق بن محمد الباقر بن الامام علي زين العابدين بن الامام الشهيد الحسين سبط رسول الله (ﷺ) وثاني ريحانتيه بن الامام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب ( عليهم السلام أجمعين). ونسبه من اشرف وأعلى وأفضل الأنساب بين العرب والعجم، فهو خيار من خيار من خيار وكأن لسان حاله يقول: أولئك إبائي فجئني مثلهم… الخ.
كنيته ولقبه: جاء في كتب الخميس لديار بكري، فقال: علي بن محمد، ويكنى أبا الحسن ويقال له ابو الحسن الثالث، ولقبه الهادي، لكنه مشتهر بالتقي… ([2])، ولكن اللقب الذي غلب عليه هو الهادي. وله ألقاب أخرى كالناصح والمرتضى، والفقيه والأمين.. كما يقول الشبلنجي في نور الأبصار.
والدته: هناك رأيين في أمّه، ففي رأي أنها أم ولد واسمها ( سمانة) وقيل أم الفضل بنت الخليفة المأمون.. وقد ذكر الحافظ محمد بن علي بن شهر ( آشوب) في كتابه المناقب: ان أمه أم ولد يقال لها ( سمانة المغربية) ([3]). وبحسب ما جاء في ( بحر الأنساب) للنجفي: أنها من سلالة مارية القبطية ([4]) وتعرف بالسيدة، وتكنى أم الفضل. والمقصود بأنها من سلالة ماريه القبطية، أي أنها من أقربائها، ومن سلالة إحدى عوائل آبائها وأعمامها أي من شجرة نسب عائلتها، وذلك لان السيدة مارية القبطية لم تنجب للرسول ( ﷺ ) غير إبراهيم ( ع) الذي توفي وهو صغير وقبره في البقيع لا يزال شاخصا ويزار.. فهي من أقربائها، وبذلك جمع الامام علي الهادي ( ع) الفخار والسؤدد من ناحية الأب وإلام.. وكانت أمه بارة تقية خشوعه ولها كرامات كثيرة.
ولادته ووفاته: ولد الامام ( علي الهادي العسكري ابن الامام محمد الجواد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب) في المدينة المنورة في الثالث عشر من رجب سنة أربع عشر ومائتين ( ٢١٤هـ) ([5]) وتوفي في سامراء في الثالث عشر من شهر رجب سنة ( ٢٥٤هـ ) ([6]) وقبره يزار ليلا ونهارا، يتوافد عليه الزوار من شتى بقاع العالم العربي والإسلامي في مشارق الأرض ومغاربها”.
وقد قام د. توفيق رفيق التونچي بإجراء عرض لكتاب الأستاذ زهير كاظم عبود الموسوم زينب بنت علي بن ابي طالب، قراءة معاصرة الذي كان بــ ٢٢٤ صفحة، الصادر عن دار لاماسو للنشر في السويد في العام ٢٠٢٤. ورد عن د. توفيق رفيق:
– ” الكتاب دراسة قيمة بمنهجية وحيادية عرف به باحثنا الكريم. ﻧﻐﻮر معه الى اﻋﻤاﻖ حوادث مأساوية حصلت عند ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﺪﻋﻮة اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻭانعكاساتها في العصر الحاضر. شخصية السيدة زينب مرتبطة ببيت النبي محمد ﷺ من كونها بنت الإمام علي عليه أفضل السلام من ناحية ومن ناحية اخرى بواقعة الطف في صحراء كربلاء واستشهاد اخيها الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام. المرويات التاريخية التي وصلتنا حول سيرتها تكاد كلها كتبت بأمر الحاكم الأموي ولصالح توجهاته او جاءتنا متأخرة من الناحية الزمنية والبحث سيكون شاكاً في مصداقية ونوايا تلك الكتابات والحيادية في موضوع متنازع عليها لحد يومنا هذا وقلة الوثائق البحثية. بدأ يشرح لنا الباحث البيئة التي ولدت فيها بطلة كربلاء زينب وتفاصيل حول مجتمع ﻗﺮﻳﺶ ابان ولادتها. يشرح بإسهاب الثقافة والأعراف التي كانت سائدة في مجتمع ما قبل وابان بزوغ شمس الإسلام في الجزيرة العربية. ثم يبحث في تفاصيل نزول الرسالة المحمدية ومدى أهمية العائلة الهاشمية وموقفها المساند للنبي خلال السنوات الأولى والمعروفة تحت تسمية ( المكية). ثم يعرج الباحث ليحدثنا عن السيرة الذاتية للعقيلة ( زينب) وزواجها من ابن عمها عبد الله بن جعفر. ومع اﻧﺘﻘال العائلة اﻟﻌﻠﻮﻳﺔ ﻣﻦ المدينة المنورة الى مدينة اﻟﻜﻮﻓﺔ ﺑﺎﻟﻌﺮاﻕ كمقر للخلافة، التي ﻜﻠّﻒ الامام علي بالخلافة تتغير حياة زينب حيث تنتقل العائلة مع أبيهم الى الكوفة. وبعد سرد تاريخي للوقائع والصراع والنزاعات التي ابتلت بها الأمة وصولا الى مقتل الإمام علي ومبايعة الحسن ثم الحسين للخلافة والصراع الأموي والعباسي على الخلافة سرد تاريخي طويل لثورة الحسين ومبايعة اهل العراق له يصل بنا الى مفترق الطريق عند صحراء كربلاء ومآسي يوم عاشورا. يقول الباحث: ( ﻭﺗﺮﻛﺰ اﻟﺴﻴﺪة) ( زﻳﻨﺐ على أهمية البيعة ﻭﺑﺬﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﺷﺎرﻛﺖ على ﻧﺤﻮ ﻓﻌﺎﻝ في ﺗﺄﺳﻴﺲ الموﻗﻒ اﻟﺴﻴاسي اﻟﺜﺎﺑﺖ، ﻭتحملت ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺘﻬﺎ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ والاجتماعية، ﻭداﻓﻌﻬﺎ ﻟﻠﻤﺸﺎرﻛﺔ ﺑﺎﻟﺜﻮرة الحسينية. أﻧﻪ ﻻ مجال ﻟﻘﺒﻮﻝ اﺳﺘﺌﺜﺎر ﻋﺎﺋﻠﺔ بالحكم ﺗﺘﻨﺎﻗﻞ اﻟﺴﻠﻄﺔ بين أﻭﻻدﻫﺎ، ﻭأﻥﱠ اﻟﻮاﺟﺐ اﻟﺪﻳﻨﻲ يحتم ﻋﻠﻴﻬﺎ المعارضة لانها تجد ان الأمويين غير مؤهلين لها، ﻭأﻥﱠ اﻷﻣﺔ ﺗﻌﺮﻑ أﻥ ﻻ ﺣﻖ لهؤلاء على ﻗﻴﺎدة اﻷﻣﺔ لأنهم ﻟﻴﺴﻮا ﺑﺎﻷﻓﻀﻞ). ولمعركة كربلاء ويوم عاشورا فصل كامل في الكتاب يعتمد على مصادر التاريخية الموثقة حول الموضوع كالطبري وابن كثير والموسوعة الإسلامية والبلاذري وابن سعد وآخرون. ﻟﻌﻞ ( زﻳﻨﺐ ﺑﻨﺖ علي) ﻭاﺣﺪةﹲ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ اﻟﻨﺴﻮة اللواتي ﺧلدن ﺑﺼﻼﺑﺔ كما لم تخلد الحركات السياسية على امتداد التاريخ من مواقف لنساء صعدن الى المشانق في عصرنا الحديث بشجاعة وهن يزغردن من اجل نصرة الحق وإعلاء كلمة المبادئ، كما يقول الباحث. حيث تمكنت ان تلتقط العديد من جوانب شخصية والدها الإمام وشقيقها الثائر الحسين. ﺗﻮﻓﻴﺖ السيدة زينب ﰲ ﻣﺴﺎء اﻷﺣﺪ / 15 / ﻣﻦ رﺟﺐ ﺳﻨﺔ / 62 ﻫـ. ﻭتم دفنها ﺑﻤﺨﺪﻋﻬﺎ ﻭﺣﺠﺮﲥا في دارها اﻟﺘﻲ أﺻﺒﺤﺖ من و ﻗﺘﻬا ﻣﺴﺠﺪﻫﺎ المعروف اﻵﻥ في القاهرة. الكتاب كما عليه كل الكتب التي تستوحي مادتها عن المرويات التاريخية سيكون حتما هناك من يؤيد ما ورد فيه وآخرون ممن سينتقدون الكتاب. في جميع الأحوال يعتبر البحث خطوة الى الامام وفعلا قراءة معاصرة لباحثنا الكريم. لا بد الإشارة الى المراجع والمصادر المهمة والقيمة في ختام الكتاب والتي اجاد الباحث قراءة نصوصها واستنباط القرارات الصائبة الحيادية في هذا الموضوع التاريخي. انه فعلا كتاب جدير بالقراءة والتمعن والتفكير في تلك الرحلة المأساوية في حياة بطلة كربلاء وانعكاساتها. ﺻﻮرة اﻟﺼﺨﺮة اﻟﺘﻲ ﻭﺟﺪت ﻋﻨﺪ ﻗبر السيدة ( زﻳﻨﺐ) ﺑﺪﻣﺸﻖ، ﻭﻓﻖ ﻣﺎ ﻧﻘﻠﻪ السيد محمد ﻛﺎﻇﻢ اﻟﻘﺰﻭﻳﻨﻲ ( ﺑﻜﺘﺎﺑﻪ زﻳﻨﺐ ﻣﻦ المهد الى اﻟﻠﺤﺪ)”.
[1] – لا بد من الإشارة الخالصة والإشادة التقديرية للسيد عبد الرزاق البدري بفضله فيما كتب عن الامام علي الهادي ( ع) من كتابه ( سيرة الامام الحادي عشر) ط ١، بغداد- ١٩٦٢.
[2] – تاريخ الخميس ط (۱) اسطنبول سنة ۱۳۰۲ هـ ( ج ۲) ص ۳۲۱.
[3] – المناقب محمد بن علي بن شهر آشوب، ص ۱۱۲.
[4] – بحر الانساب، (ط) (۱) القاهرة، ص 35.
[5] – تاريخ الخميس للديار بكري، ص ۲۲۱.
[6] – المصدر السابق نفسه.